Translate

Wednesday, June 5, 2019

الاحتفال بمئوية ثورة ١٩١٩ فى نيويورك بقلم د. محمد أبوالغار ٤/ ٦/ ٢٠١٩ - المصرى اليوم


عقدت يوم الجمعة ٢٤ مايو بجامعة مدينة نيويورك احتفالية بمئوية ثورة ١٩١٩ فى مصر. ونظمت الجامعة الاحتفال بالاشتراك مع تحالف المصريين فى أمريكا الشمالية وهو احتفال تاريخى وطنى حضره عدد كبير من أساتذة التاريخ الأمريكيين وعدد كبير من المصريين الأمريكيين المهتمين بتاريخ مصر ومستقبلها. وألقى الباحثون دراساتهم ودار نقاش جيد عن هذه الفترة من تاريخ مصر.
رأس الاحتفالية الدكتورة بث بارون، مديرة مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة سونى فى مدينة نيويورك، والدكتور طارق سعداوى، أستاذ الحماية الإلكترونية بجامعة سونى، وهو خبير تستعين به الحكومة الأمريكية لحماية وثائقها وأسرارها من القرصنة الإلكترونية، وسبق أن استعانت به الحكومة المصرية لنفس الغرض، وهو حالياً رئيس تحالف المصريين بأمريكا الشمالية، وقد ساهم فى التنظيم المهندس محمود الشاذلى والدكتور مصطفى الخشاب والدكتور فؤاد عبدالستار والدكتور فكرى أندراوس والدكتورة فاطمة عليم والدكتور سامح إسكندر وجميعهم شخصيات بارزة ومحترمة فى المجتمع الأمريكى، وشاركوا فى تقديم ما استطاعوا لمصر وشعبها عبر سنوات طويلة.
وتمت دعوة السفير المصرى فى واشنطن والقنصل العام فى نيويورك وكذلك مندوب مصر فى الأمم المتحدة السفير محمد إدريس الذى حضر وقوبل بترحيب كبير وتصفيق ينم عن رغبة المصريين الأمريكيين فى أن تشارك الدبلوماسية المصرية نشاطهم الثقافى والعلمى، فشكراً لاهتمامه.
الجامعة تقع فى الشارع الخامس، أهم شوارع مدينة نيويورك وفى قلب المدينة. وبدأ الاحتفال بكلمة قصيرة من رئيسى المؤتمر، ثم شرفنى المنظمون بأن تكون محاضرتى هى المحاضرة الافتتاحية الرئيسية وكانت عن مقدمات وأحداث ونتائج ثورة ١٩١٩. تحدثت فيها عن بناء الدولة المصرية الحديثة مع محمد على ثم الاحتلال الإنجليزى وبدء الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤ وإعلان بريطانيا الحماية على مصر. مساهمات مصر خلال الحرب فى دعم الحلفاء بالغذاء والمعدات وبعدد يتراوح بين ٣٠٠ ألف و٥٠٠ ألف فلاح تم جمعهم بالقوة الجبرية من الشوارع والبيوت ليكونوا فرقة العمال المصرية التى ساهمت فى مد خطوط السكة الحديد وتركيب أنابيب المياه وتحميل المعدات فى سيناء وفلسطين وسوريا واليونان وفرنسا، ومات منهم الكثيرون.
وبعد نهاية الحرب عام ١٩١٨ طالب سعد زغلول وصحبه بإلغاء الحماية وإعلان الاستقلال ولكن الإنجليز رفضوا وتم القبض على زغلول ونفيه فى ٨ مارس ١٩١٩ وقامت الثورة فى ٩ مارس ١٩١٩ وبدأت بمظاهرات الطلاب وانضمت إليها جموع الشعب وتحولت من ثورة سلمية إلى ثورة عنيفة انتشرت فى كل أنحاء مصر وتقطعت خطوط التلغراف والتليفون وخطوط السكك الحديدية. وكانت ثورة الفلاحين شديدة العنف واحترقت فيها أقسام البوليس وأعلنت مناطق ومدن الاستقلال عن الحكومة المركزية واضطرت بريطانيا إلى تغيير المندوب السامى والإفراج عن سعد زغلول الذى ذهب إلى باريس وبذل الوفد المصرى محاولات مضنية مع فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة لمساعدة مصر على تحقيق استقلالها ومنها إرسال محمد محمود باشا ليدافع عن مصر مع الاستعانة بمحام أمريكى للدفاع عن القضية المصرية أمام مجلس الشيوخ الأمريكى.
وبدأت المفاوضات البريطانية- المصرية ولم يتفق الجانبان. وبعد عامين عاد زغلول إلى مصر واستقبل استقبالاً أسطورياً وعاود نشاطه السياسى لتحرير مصر، وقرر الإنجليز تحديد إقامته فى قريته، ولكنه رفض وتم القبض عليه ونفيه إلى جزيرة سيشل فى المحيط الهندى.
واستمرت المقاومة بشراسة ضد الإنجليز وتمت مقاطعة البضائع والبنوك والشركات الانجليزية ثم بدأت عمليات الاغتيال التى طالت كل المتعاونين مع الإنجليز من السياسيين ثم طالت الموظفين والجنود الإنجليز. ورضخت إنجلترا وقررت إعلان ٢٨ فبراير ١٩٢٢ الذى أعلنت فيه إلغاء الحماية وإعلان استقلال مصر مع بعض التحفظات منها بقاء قوات بريطانية فى مصر وحماية الأجانب وممتلكاتهم وعدم تدخل مصر فى شؤون السودان، وأفرجت عن سعد زغلول وصحبه.
وتم اختيار لجنة من ٣٠ عضوا صاغوا دستوراً مدنياً متقدماً يحافظ على الحريات ويفصل بين السلطات ولا يفرق بين المصريين، وتم انتخاب برلمان حقق الوفد فيه ٩٠% من المقاعد وأصبح سعد زغلول رئيساً لحكومة مصر فى يناير ١٩٢٤.
حققت الثورة استقلالاً غير كامل، ولكن أصبح لنا سفارات وقنصليات وعندنا وزير خارجية واستبدل كبار مستشارى الوزارات الإنجليز بمصريين. وأصدرت الوزارة المصرية قرارات وطنية هامة منها المحافظة على الآثار المكتشفة والذى حافظ على كنوز توت غنخ آمون فى مصر وتلى ذلك ثورة فى التعليم الثقافة والأدب والمسرح والصحافة مع تحرير المرأة والتخلص من النفوذ العثمانى والتبعية له والشعور بالوطنية المصرية. وكانت هذه الثورة هى التى ألغت بعد ذلك فى مرحلة لاحقة الامتيازات الأجنبية والمحاكم المختلطة ثم تقلص وجود الجيش الإنجليزى إلى منطقة القناة فقط إلى أن تم الجلاء فى عام ١٩٥٤.
أقامت الجامعة الأمريكية بالقاهرة احتفالين كبيرين بمئوية ثورة ١٩١٩ وكذلك احتفلت جامعة SOAS العريقة فى لندن وجامعة نيويورك بالمئوية، وللأسف الشديد لم تحتفل أى جامعة مصرية، حتى جامعة القاهرة الأم التى عاصرت ثورة ١٩١٩. وهكذا أصبح حال الجامعات فى مصر، وهو أمر مؤلم.
فى الأسبوع القادم سوف أتحدث عن باقى أحداث المؤتمر.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك

No comments:

Post a Comment