Translate

Tuesday, January 28, 2020

كتاب مصطفى الحفناوى: وثيقة خطيرة عن قناة السويس بقلم د. محمد أبوالغار ٢٨/ ١/ ٢٠٢٠ - المصرى اليوم

هذا كتاب هام مثير يحكى قصة قناة السويس، وهو جزء من مذكرات د. مصطفى الحفناوى، الذى وهب حياته للدفاع عن مصرية قناة السويس، ونشره ابنه د. على الحفناوى فى يناير ٢٠٢٠ عن دار ميريت. ولد الحفناوى عام ١٩١١، واشترك فى الحركة الوطنية فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. تعامل مكتبه للمحاماة مع الشركات العالمية بعد إلغاء الامتيازات الأجنبية عام ١٩٣٧. وأثناء سفره فى رحلة عمل بالباخرة إلى انجلترا عام ١٩٤٦ استمع فى المركب إلى رجل إنجليزى يتحدث عن قناة السويس والتجارة العالمية والقاعدة البريطانية العسكرية، وتعرض بوقاحة للشعب المصرى وقدراته، ورد عليه الحفناوى قائلًا إن عقد القناة ينتهى فى عام ١٩٦٨ وسوف تتسلم مصر القناة وتديرها، فقال الإنجليزى غاضبًا إن العالم ليس من الغفلة أو البلاهة بحيث يضع مصير التجارة العالمية فى أيدى الجهلاء المتخلفين، فحدثت مشادة، وبعدها بدأ اهتمامه بقناة السويس ودراستها. وقال لنفسه إن الرصاصة التى قتلت بطرس غالى عام ١٩١٠ حين حاول أن يمد عقد القناة يمكن أن تكون سيولًا منهمرة من الرصاص لمن يفكر فى مد الامتياز بعد موعده.
فى لندن اشترى مرجعًا عن قناة السويس، ثم زار دار الوثائق البريطانية وبحث عن كل ما يخص القناة ووجد وثيقة مؤرخة فى عام ١٢٤٩ ميلادية تدعو ملك فرنسا إلى احتلال مصر وشق قناة بين السويس والبحر الأبيض، وقال الحفناوى لنفسه، سأهب حياتى للدفاع عن مصرية قناة السويس، واستمر يجمع الكتب والوثائق عن القناة. وبدأ الدراسة للدكتوراه فى السوربون عن قناة السويس، وزار دار الوثائق الفرنسية عام ١٩٤٧ وقام بنسخ الوثائق والمكاتبات الدبلوماسية الخاصة بالقناة واكتشف أن بونابرت قام بتعيين ماتيو والد فرديناند دليسبس فى منصب قنصل عام فرنسا فى مصر.
وسافر إلى فيينا وروما للحصول على وثائق، ولكن كان مستحيلًا أن يحصل على وثائق من هيئة القناة. وفى عام ١٩٥٠ جاء الوفد إلى الحكم فاستدعى النحاس رئيس الوزراء الحفناوى، طالبًا الاستعانة بخبراته القانونية فى إلغاء معاهدة ١٩٣٦ مع الإنجليز من جانب واحد ورحب الحفناوى بذلك ثم استدعاه محمد صلاح الدين وزير الخارجية (الذى أعتبره أنا أعظم وزير خارجية فى تاريخ مصر الحديث)، لتنفيذ مطالب النحاس وأطلعه الحفناوى على الوثائق التى جمعها عن قناة السويس وأنه فى مرحلة متقدمة من إعداد رسالة الدكتوراه فى فرنسا عن القناة، وقال إنه يحتاج فقط للدخول إلى مبنى قناة السويس فى باريس ليفحص المستندات والوثائق وطلب مساعدته. قام محمد صلاح الدين بتعيينه دبلوماسيًا فى المكتب الصحفى فى سفارتنا فى باريس. وفى مقابلة بين رئيس الشركة فى باريس مع وزير التجارة المصرى وبصحبة الحفناوى قال إنه صحفى ويعد كتابًا عن قناة السويس بالعربية ففرح بذلك رئيس الهيئة وقال إن هذه فكرة ممتازة لطمأنة المصريين أننا لسنا مستعمرين.
وفتحت له أبواب الأرشيف فحصل على جميع الوثائق اللازمة واستطاع انتزاع العقد الأصلى لهيئة قناة السويس الذى ينص على أن شركة القناة شركة مساهمة مصرية تخضع للقوانين المصرية وكانت الشركة قد استبدلته بعقد مزور، وأرسله إلى وزارة الخارجية المصرية. وطلب رئيس الشركة من الحفناوى المساعدة فى مشروع مقترح لتدويل القناة قبل عام ١٩٦٨ مع إخلاء القاعدة الإنجليزية وإعطاء مصر مقعدًا فى الشركة الجديدة وطالبه بأن يعرض الأمر على الحكومة المصرية ووعده بوظيفة كبيرة بمرتب كبير، فحذر الحفناوى وزير الخارجية من خطورة المشروع السرى.
وفى شهر يونيو ١٩٥١ نوقشت رسالة الدكتوراه المقدمة من الحفناوى فى السوربون. وقد ساعده طه حسين بأن تحدث مع عميد السوربون الذى كان يزور مصر فى اختيار مناقشين ليبراليين ومنفتحى الذهن فى هذه الرسالة وكتب محمد صلاح الدين وزير الخارجية مقدمة للرسالة قائلًا إن هذه الرسالة تعبر عن موقف الحكومة المصرية. وأثناء المناقشة سأله الأستاذ الفرنسى كيف تنعت الفرنسى العظيم فرديناند دليسبس بأوصاف لا تليق فأجابه الحفناوى أنها ليست صياغتى وإنما هى وردت فى حكم محكمة جنايات باريس ضده. وبعد ذلك هددته الشركة وحاولت إغواءه ولكنها فشلت. وقام محمد صلاح الدين وزير الخارجية بشراء ٥٠٠ نسخة من الرسالة ووزعت على جميع الصحف والساسة فى العالم. وأراد محمد صلاح الدين أن يعينه مساعدًا للدكتور محمود فوزى رئيس الوفد المصرى فى الأمم المتحدة ولكنه رفض. وبعد حريق القاهرة وتعيين على ماهر رئيسًا للوزارة طلب من الحفناوى تحضير المستندات استعدادًا لاسترداد شركة القناة فى عام ١٩٦٨. وفى هذه الفترة أصدر الحفناوى جريدة سماها قناة السويس للدفاع عن حق مصر فى القناة وحاربته شركة القناة بقسوة. امتدح الحفناوى فى مذكراته مواقف على ماهر ومحمد صلاح الدين ومصطفى النحاس والملك فاروق فى الشق الخاص بالاستعداد لأخذ القناة عام ١٩٦٨ وأجاب الحفناوى على التساؤل الصادر من عدد كبير من المصريين، ماذا لو انتظرنا حتى عام ١٩٦٨ وأجاب بأنه كان من المحال تسليم الشركة لمصر وأن افتعال التعديل وغيره كان جاهزًا.
استدعى جمال عبد الناصر الحفناوى بعد يوليو ١٩٥٢ بأسابيع قليلة ليسمع منه عن قصة وثائق قناة السويس وطالبه الحفناوى بتأميم القناة، فقال عبد الناصر مستحيل مع وجود القاعدة العسكرية البريطانية على ضفة القناة. وبعد مغادرة آخر جندى بريطانى فى يونيو ١٩٥٦ قام عبد الناصر باستدعاء الحفناوى على عجل محمولًا بطائرة خاصة من الإسكندرية ليقابل عبد الناصر الذى طلب منه كتابة وثيقة التأميم، وأسبابها وأحقية مصر فى ذلك، وفى ٢٦ يوليو ١٩٥٦ أعلن تأميم قناة السويس وكان الحفناوى أول مصرى يدخل مبنى الهيئة ويحصل على جميع المستندات والموثائق الموجودة.
قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك.

No comments:

Post a Comment