Translate

Wednesday, January 14, 2015

لماذا مسيحيو مصر؟أحمد الخطيبالأربعاء 07-01-2015 جريدة الوطن

لم يحمل «المسيحيون» السلاح فى وجه الدولة أو المجتمع فى أى وقت من الأوقات، كما حملته الجماعات الإسلامية والسياسية فى خلافها واختلافها مع السلطة، لم يقتلوا رجال شرطة أو جيش، ولم يفجروا بنكاً أو مسجداً، كما لم يستحلوا مالاً وتجارة، ولم يُكفِّروا دولة وشعباً بأكمله، أو يسعوا يوماً للسيطرة على السلطة وحكم البلاد بالقوة وبالتفجير والتكفير، ولم يدعُ المسيحيون لتكوين جيش أو ميليشيات للدفاع عن بعض حقوقهم المسلوبة والمنهوبة التى جارت عليها الدولة حيناً، والجماعات الإسلامية الإرهابية أحياناً كثيرة، لم نرَ منهم جماعات مسيحية سرية، أو «نظاماً خاصاً»، سرياً أو علنياً، ينفذ اغتيالات..
سُنت قوانين ودُبِّجت أعراف لتقويض بناء كنائسهم ودورهم، وتجاهل ترقياتهم الوظيفية والمجتمعية داخل الدولة، ورغم ذلك لم يخرقوا قانوناً أو عرفاً للخروج على القانون المألوف، لم تكن لهم سوى صرخات، مثلهم كجموع المصريين، والشعب كله.
تختلف الجماعات الإسلامية مع الدولة، وتحمل فى وجهها السلاح فيذهبون لقتال المسيحيين وتفجير كنائسهم، وتستحل أموالهم وتقتل أبناءهم وتخطف بناتهم، حدث ذلك فى السبعينات والثمانينات والتسعينات، فى عهدى مبارك والسادات، وفعله تنظيم الإخوان بعد ثورة يناير، وعقب عزل «مرسى»، ما العلاقة؟ لا أدرى.
لم تخرج «قيادة» مسيحية واحدة، تتحدث بمنهجية حديثاً يشق صف الوحدة الوطنية، كما فعلت وتفعل الجماعات الإسلامية، وكما فعل «مسئولون» بالدولة حيناً، إلا وعاقبتها إدارة الكنيسة.. الأنبا بيشوى، رجل الكنيسة الحديدى، الذى كان يتجه لخلافة الأنبا شنودة بقوة، عندما تحدث قبل سنوات حديثاً طائفياً، لم يظهر مرة أخرى بعدها، ولا يعرف أحد أين ذهب، واعتذرت بعدها الكنيسة، واعتذر الرجل بعد نفيه، ما قيل منه أو عنه.
هذه مواقف الكنيسة مع كل من شقَّ صف الوحدة الوطنية، رغم ندرتها. وفى المقابل، رأينا ونرى كل يوم قيادات وأعضاء الجماعات الإسلامية فى الداخل والخارج يدعون لقتالهم واستحلال أموالهم وسبى نسائهم وذبح أبنائهم، بل إن هناك مناهج دراسية ببعض المؤسسات الدينية الرسمية تدعو لذلك صراحة!
إصلاح «صنبور» ماء داخل كنيسة كان يحتاج إلى قرار جمهورى، فى الوقت الذى تُبنى فيه مساجد وزوايا بالمخالفة للقانون، وعندما تُبنى كنيسة بنفس المخالفة تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل هدمها. حتى إذا ما جاءت ثورة 25 يناير، فإذا بالذين يدعون لقتالهم يحكمون البلاد.. فأصبحت الدولة راعية الإرهاب ضدهم رسمياً، ووصل الأمر فى الدولة الجديدة إلى تحريم تهنئتهم حتى بأعيادهم، ورأينا لأول مرة الاعتداء على الكاتدرائية، والسماح بالتجمهر ضدها، وضد قياداتها الوطنية وقذفها بالطوب، ورأينا تكفيرهم والدعوة لقتالهم على الهواء مباشرة من تليفزيون الدولة، كل ذلك والمسيحيون لم يخرجوا على القانون، ولم يحملوا سلاحاً، حتى بعد عزل مرسى، على الرغم من كل ما حدث ويحدث ضدهم، إلا أنهم لم يفعلوا شيئاً من ذلك ولو للدفاع حتى عن أنفسهم.
فى السودان، عندما حدث أن صعدت الجماعات الإرهابية إلى سدة الحكم حمل المسيحيون مع الجنوبيين السلاح لتكوين جيش لهم بعد أن صارت الدولة مجرمة وإرهابية «ضدهم»، إلى أن انقسمت السودان نصفين باسم الدين والشريعة.
عدد عناصر الجماعات الإسلامية فى مصر لا يتجاوز المليون، بينما عدد المسيحيين يتجاوز 10 ملايين، كانوا يستطيعون تكوين جيوش وميليشيات، أضعاف أضعاف الجماعات الإسلامية وتكفيرييهم الذين يحاربوننا الآن، لم ولن يفعل المسيحيون مثل هؤلاء؛ لأنهم أهل ذمة و«كتاب»، وأكثر وطنية وحرصاً على الوطن والدماء من «تجار الدين».. لقد كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، للكاتدرائية، «قُبلة» على رأس كل مسيحى، وبراً وقسطاً بهم لأنهم لم يقانلونا فى الدين ولم يخرجونا من ديارنا.. بل كانوا على العكس من كل ما فعلت الجماعات الإرهابية والمتطرفون بين المسلمين.

No comments:

Post a Comment