Translate

Saturday, May 9, 2015

سيادة الرئيس.. مع كل الاحترام ليصمت مستشاروك بقلم د. رفعت السعيد ٩/ ٥/ ٢٠١٥

فى كل بلاد العالم يختار الرؤساء مستشارين ويكون هناك وزراء، وفى كل بلاد العالم نصوص دستورية حازمة جازمة تحدد مهام الوزراء الذين يفترض أن يكونوا مسؤولين أمام السلطة التشريعية تحاسبهم وتستجوبهم. وفى كل بلاد العالم يكون للمستشارين دور محدد ومحدود بأن يقدموا للرئيس وللرئيس وحده ما يرون من أفكار وآراء ومشاريع. ويأخذ الرئيس بما يقترحون أو يرفضه أو يعدله وله فى كل الأحوال أن يحدد ما يعلنه ومتى يعلنه.
لكننا إذ فجأة نجد بعض مستشارى الرئيس فى المجالس التخصصية يسابقون الوزراء ويعلنون آراءً ومشاريع واقتراحات فيما يرون. وأعتذر إذ أقول إن بعض هذه الآراء خاطئ بشكل غليظ ويدفع كثيرين ممن يعتقدون أن هؤلاء المستشارين ذوى نفوذ إلى التساؤل «هو السيسى ملقاش غير دول؟» وأنا شخصيا أفزعتنى آراء تطوع بنشرها وسبق الرئيس بإذاعاتها فى الصحف والفضائيات أحد التخصصيين فى زهو غير محمود وبفكر محدود وبرؤية متعالية على الدستور والقانون والمصلحة العامة، رأيته وهو يتحدث كآمر وما هو بآمر، وأنا واثق أن الرئيس لم يجد وقتا لمتابعة ما قاله هذا التخصصى وإلا كان قد أطاح به. ومع تخصصى التعليم تتنافس تخصصية الاقتصاد وأنا هنا لا أناقش ما قالته ولا مدى صحته وإنما أسأل سيادتها على طريقة الراحلة مارى منيب «حضرتك اشتغلى إيه؟» وأسأل هل هذا رأى «الرئاسة» (وكلمة رئاسة كلمة مؤسسية تعنى سلطة الحكم فى إطار الدستور والقانون). وإذا كان تخصصى التعليم قد تكلم فأخطأ وكان خطأه الأساسى أنه تكلم أصلا، بغض النظر عن العك الذى تكلم به مناهضا الدستور والقانون حول مجانية التعليم فقد تصورنا من باب حسن النية أنها كانت غلطة وعدت، فإذا بنا نفاجأ بالسيدة التخصصية تتيه علينا بتصريحات إعلامية وفضائية حول قضايا اقتصادية مختلف عليها فهل نفتح معها نقاشا أم نكتفى «بإنتى اشتغلى إيه؟» وفى كل الأحوال أنا أتوجه إلى السادة وزراء الاقتصاد والمالية والتخطيط وعلى رأسهم الرجل المتفانى فى عمله المهندس إبراهيم محلب لأسألهم جميعا «إنتوا اشتغلوا إيه؟». إذا ما كان هؤلاء التخصصيون يقولون ويفتون ويتمسحون بمنصبهم المهيب وربما قالوا ما ترفضون فماذا أنتم فاعلون؟.
يا ناس.. هناك دستور يحدد الاختصاصات ويمنع أى طرف من «اللغوصة» فى اختصاصات الطرف الآخر، وبصراحة شديدة أن الوضع فى مصر شديد الحرج وشديد الحساسية وباختصار شديد أقول للسادة التخصصيين أيضا شوفوا شغلكم وابذلوا جهدكم وقدموه للرئيس وللرئيس وحده. فماذا لو تشجع وزير التعليم وقال لتخصصى التعليم كلامك غلط، أو ماذا لو فتحنا نقاشا حول اقتراحاته، أو حول ما قالته تخصصية الاقتصاد مع كل الاحترام لشخصها. وماذا لو هاجت الدنيا حول هذا الرأى أو ذاك؟ وكل هذا منسوب للأسف الشديد للرئيس، وماذا لو غضب وزير لسلطته، وماذا لو غضب رئيس الوزراء لسلطته؟ أو غضب لوزرائه؟ أو غضب للدستور؟ وماذا لو غضبنا نحن؟ حتى ولو كان بعضهم لا يرى لنا وزنا أو حقا؟ وماذا لو حاكاهم بقية التخصصيين وامتلأت الساحات الإعلامية بآراء متعارضة ومتناقضة وكلها منسوب لتخصصيين رئاسيين.
يا سادة نحن انتخبنا السيسى رئيسا عن حب وتقدير، وأيدناه عن ثقة فى كفاءته وإخلاصه، وساعدناه ونساعده وسنساعده عن محبة حقيقية خالية من الزيف ومن الرغبة فى التملق أو التسلق أو الكسب، وفيما ندفع نحن وكل المصريين عجلة الوطن سعيا نحو إنجاز مهام النهوض بالمستقبل وللمستقبل، نقبل ما نراه صائبا ونرفض ما نراه خطأ. فإذا بكم تأتون لتضعوا الجميع فى مأزق فالهجوم عليكم يبدو هجوما على الرئيس، واستمراركم فيما تفعلون يتبدى للجميع وكأن مؤسسة الرئاسة لا تهتم بالوزراء وتحاول أن تملى آراءً من خارج الصندوق، وأنا واثق تماما ومتأكد تماما أن ما تقولون به هو مجرد محاولة للزهو التليفزيونى وأنه لا يعبر فى الجوهر عن رؤية الرئيس، وأقصد بالجوهر مسألة التداخل فى الاختصاصات من حيث المبدأ.
ويا ناس مصر مش ناقصة مشاكل ولا تداخلات، فاصمتوا يرحمكم الله. وإن لم تصمتوا فإننا لا نملك إلا أن نلجأ للسيد الرئيس ونرجوه «اسكتهم» فإن فى سكوتهم منفعة وفى تدخلاتهم العلنية مفسدة، وما عهدناك أبدا تصمت على مفسدة.

No comments:

Post a Comment