Translate

Saturday, November 7, 2015

اللى مايحبش يبقى جبان! بقلم د. وسيم السيسى ٧/ ١١/ ٢٠١٥

السعادة هى الهدف النهائى لكل إنسان، هناك أسطورة تقول إن إبليس أقام وليمة للشياطين، «غداء عمل» لسرقة أغلى ما يبحث عنه الإنسان، قام شيطان وقال: نسرق ثروته، رد إبليس بل نزيدها حتى تكثر مشاكله وبالتالى شقاوته.. قال آخر: نسرق عقله! رد إبليس: وكيف يحس بتعاسته؟ قامت شيطانة شمطاء وقالت: يا إبليس يا عدو كل خير، كل إنسان يبحث عن السعادة بطريقة مختلفة، دعنا نسرق سعادته! وافق إبليس، وسرقوا سعادة الإنسان.. سبيكة من الذهب والزمرد والماس والياقوت، تشع منها دفقات من الحب والسلام!
قامت مشكلة أخرى.. أين يخبئون السعادة حتى لا يعثر الإنسان عليها! قال شيطان: فى أعماق البحار، وقال آخر فى أقاصى الأرض، رد عليهما إبليس: كلها بضع مئات من السنين، حتى يخترع الغواصة وعابرات القارات!
هنا قامت نفس الشيطانة وقالت: يا إبليس.. يا إله كل شر، حتى لا يعثر الإنسان المنكود على سعادته.. خبئها فى مكان لا يخطر على باله! خبئها فى أعماق قلبه! سيبحث عنها فى الثروة ولن يجدها، وفى الشهرة ولن يجدها، وفى الجنس الآخر ولن يجدها، لأن السعادة فى داخله وليست خارجه! انحنى إبليس لهذه الشيطانة وألبسها جمراً من النار مكافأة لها، ومنذ ذلك التاريخ، والإنسان يبحث عن السعادة فى كل مكان إلا فى أعماق قلبه، وهذا سر تعاسته.
أما العقاد فقد كان يرى السعادة فى الحب، والحب مصيبة إذا كنت تحمِّل به نفساً تريدها وهى لا تريدك، ولكنه أمنية وعزيزة المنال إذا كانت الروحان متجاوبتين، فهما فى سهوة من سهوات العمر والأيام، وكان يخاطب الباحث عن كوثره:
أيها الباحث عن كوثره
فى السماوات لقد شط المزار
إنما الكوثر ثغر باسم
من حبيب لك مأمون النفار
هو إن شئت سماوى الغنى
وهو إن شئت سماوى الديار
أما الدكتور محمد كامل حسين، فى كتابه الوادى المقدس فيقول: لن تحصل على السعادة إلا بالحب.. الحب لله وهذا هو الإيمان، الحب للناس جميعاً وهذا هو الخير، الحب للأقربين وهذه هى المودة، والحب ضرورة للإنسان، وبدونه تضطرب حياتك اضطراباً شديداً مهما جمعت من ثروة أو حققت من شهرة أو نهلت من بحر الشهوات.
السعادة تلغى قوى الجاذبية بينك وبين الأرض، وتشعرك أنك تسير فوق السحاب، ذلك لأن السعادة تفرز مادة الـP.E.A وهى الحروف الأولى من Phenyl Etmyl Amine، كما تفرز مادة أخرى اسمها إندروفين وهى مادة تفرزها خلايا المخ.. شبيهة بالمورفين تجعلك تدمن المحبوب وتتحمل من أجله ما لا يتحمله أى إنسان آخر، لقد غنى نجيب الريحانى لليلى مراد فى فيلم غزل البنات: علشانك انت أنكوى بالنار وألقح جتتى!! ذلك لأن الأندروفين يجعله لا يحس بالنار.
السعادة لا تتحقق إلا بالحب، والحب يحتاج إلى شجاعة، لأن الحب هو خروج عن الذات واندفاع نحو الآخر، التخلى عن الذات، كما تحدث عنه شوبنهاور! العجيب أن ابنة عمى وصلت إلى نفس المعنى فى حوار أمامى بينها وبين زوجها حين سألها: هل أحببت من قبل؟ فردت عليه:
ده اللى ما يحبش يبقى جبان!!
أخيراً.. أولئك الذين يحبون من أعماق قلوبهم.. هم السعداء حقاً، لا يتقدم بهم العمر أبداً! قد يموتون بسبب الشيخوخة ولكنهم يموتون شباباً!

No comments:

Post a Comment