Translate

Tuesday, February 24, 2015

مصر.. تاريخ من الحزن والإحباط بقلم د. محمد أبوالغار ٢٤/ ٢/ ٢٠١٥

لقد كان ذبح ٢١ مصريا طعنة فى قلبى وفى قلوبنا جميعاً. من منا استطاع أن ينام فى تلك الليلة. لقد عشت فى هذا الوطن بقلبى وعقلى وعواطفى، ولم يغب عن عينى لحظة واحدة، وكان دائماً عندى أمل. ففى طفولتى تخيلت أن طرد الملك هو بداية لعهد جديد وأنا فى الجامعة تخيلت أن عبدالناصر قد هزم التخلف، ولكننى فوجئت بقهر شديد تلته كارثة ١٩٦٧. وعندما عبرنا القناة سنة ١٩٧٣ بكيت من السعادة أسبوعاً كاملاً أملاً فى تحقيق حلم ديمقراطى لم يحدث، ثم فى فترة النضج عشت كابوس رئيس محدود الكفاءة تحول إلى ديكتاتور فاسد.
وبعد ٢٥ يناير تخيلت أننا أصبحنا أحراراً، ولكن الإخوان اختطفوا الثورة، وضاع حلم الحرية والديمقراطية. وجاءت ٣٠ يونيو وتوحد المدنيون من المصريين لاقتلاع الإخوان، وتم ذلك بمعاونة الجيش، وقتها سعدت بإزاحة مرسى، وجاء رئيس له شعبية طاغية، نظيف اليدين، مخلص للوطن، وأيدناه جميعاً، ولكن سرعان ما حاصرته قوى الإرهاب الداخلية والخارجية مع ضغط من الغرب، وبدلاً من أن يلجأ إلى الشعب المصرى بجميع أطيافه المدنية لمساندته استخدم وسائل عاطفية وقتية التأثير، وأقنعته أجهزته التى هى نفس أجهزة مبارك بأن الحرية للمصريين خطر، وأن الديمقراطية شىء لا نقدر عليه، وأن علينا أن نلجأ إلى بعض رجال مبارك، ولا بأس من إنشاء تنظيم شبابى مدفوع الأجر.
أما التنظيمات المدنية والسياسية والحزبية التى تكونت بعد ٢٥ يناير اللعينة، فلابد من القضاء عليها، فانسحب البعض، وتفاهم البعض مع السلطة، والباقى أصبح فى وضع صعب. أما تنظيم الدولة الجديد، فضم أعضاء الوطنى المتلونين المشهورين وقليلا من أصحاب نظرية الإصلاح من الداخل التاريخية وبعض المتفائلين، والجميع سعيد بكل الأجهزة الأمنية التى نظمت هذا الفيلم، وتعتقد أنها أنقذت مصر من المصريين الذين لا يستحقون أن يكونوا مواطنين ولهم حقوق، وعدنا إلى يوم أن رحل الملك فاروق فى عام ١٩٥٢.
ما يحدث الآن فى مصر من مخاطر داخلية أمنية واقتصادية ومخاطر خارجية من دول مجاورة ومن دول عظمى تتربص بنا- يشير إلى أن التنظيم السياسى الذى تبنيه الأجهزة بعيداً عن الناس لن يصلح لمساندة الرئيس فى معركة خطيرة تهدد الوطن حتى بعد الضغط على بعض كبار فاسدى الحزب الوطنى بعدم الترشح وترك متوسطى الحجم ليدخلوا مع بعض الأحزاب. أما التدخل السافر للأجهزة فى عمل قائمة تضم الأغنياء والشخصيات المكروهة شعبياً وذوى التوجهات الطائفية مع بعض الشخصيات المحترمة - فهو كارثة قد تؤدى إلى انهيار مصداقية البرلمان القادم.
سيدى الرئيس، كان عندى أمل فى أن يساعدك جميع المصريين الوطنيين، ولكن نظامك اختار مجموعة واحدة فقط، معظمهم ولاؤهم لأنفسهم فقط.
إننى حزين ومحبط وخائف من كرسى السلطان الذى قد لا يرى بعيداً.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

No comments:

Post a Comment