Translate

Friday, April 10, 2015

ماذا تريد أمريكا من مصر؟ بقلم داليا زيادة ١٠/ ٤/ ٢٠١٥

قبل كل شىء، أود أن أبدى سعادتى الغامرة بالدعوة الكريمة لإتاحة هذه المساحة لشخصى المتواضع من قبل جريدة ذات تاريخ مشرف مثل «المصرى اليوم» لطرح آراء وتحليلات أتمنى أن تساهم بشكل أو بآخر فى كشف بواطن الأمور، خصوصاً فيما يرتبط بالعلاقات الدولية والمجتمع المدنى المحلى والدولى، وهما مجالان تخصصت فيهما منذ ما يزيد على عقد كامل.
وقد اخترت أن تكون باكورة هذه المقالات عن العلاقات المصرية الأمريكية، لاسيما فى ظل كل العبث الذى تمر به منطقة الشرق الأوسط هذه الأيام.
كانت العلاقات المصرية الأمريكية تسير فى خط واضح كنور الشمس على طوال تاريخها، فمصر دائماً كانت بالنسبة لأمريكا إما فى المنطقة السوداء المغضوب عليها كما كان الحال فى عهد جمال عبدالناصر، أو فى القائمة البيضاء التى تضم الحلفاء والمقربين كما كان الحال فى عهد أنور السادات وخلفه حسنى مبارك. أما تلك المنطقة الرمادية التى سقطت فيها العلاقات المصرية الأمريكية منذ ثورة يناير ٢٠١١ فهى أمر جديد تماماً فى تاريخنا وتاريخهم.
إن المؤكد نفيه فى محاولات الإجابة على هذا السؤال هو أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تهتم كثيراً بالشأن الداخلى المصرى، فكل حسابات أمريكا مع مصر تقوم فقط على الدور الإقليمى الذى يمكن لمصر أن تلعبه بما يحقق مصالح أمريكا فى النهاية. ولعلكم ستندهشون لو علمتم أن الإدارة الأمريكية الحالية التى قدمت نفسها للعالم من خلال الخطاب الشهير للرئيس أوباما فى جامعة القاهرة عام ٢٠٠٩، بوصفها الراعى الرسمى للديمقراطية وحقوق الإنسان والمحفز الرئيسى على تحقيقهما فى العالم، لا تهتم كثيراً بالتطور الديمقراطى ولا بتطور ملف الحقوق والحريات فى مصر على عكس ما تدعى طوال الوقت، وأن ما تدعيه الإدارة الأمريكية من اهتمام بهذا الشأن ما هو إلا ورقة ذات وجهين، تستخدم أحياناً كوسيلة للضغط بشكل غير مباشر على الحكومة المصرية لتحقيق مكاسب إقليمية تصب فقط فى مصلحة أمريكا.
إن أهمية مصر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، نابعة فقط من دور مصر الإقليمى على المستويين العسكرى والدبلوماسى، وقد لمست بنفسى خلال زيارتى الأخيرة قبل أسبوعين للولايات المتحدة الأمريكية والتى التقيت فيها بدوائر مهمة فى عملية صناعة القرار أن هناك افتقاداً شديداً لدور مصر كحليف إقليمى للولايات المتحدة الأمريكية، حليف تستطيع أمريكا الاعتماد عليه فى إدارة الأزمات التى لا تنتهى بدءاً من التوتر التاريخى فى العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، ومروراً بالحرب على الإرهاب ومصادره المتشعبة، وانتهاء بالحرب الدائرة الآن فى اليمن، وربما هذا ما يفسر لنا محاولات الإدارة الأمريكية الآن استعادة علاقاتها مع مصر.
وإن كانت أهمية مصر لأمريكا تكمن فى كونها الأخت الكبرى فى الشرق الأوسط، فهنا يجب أن نطرح السؤال الأهم: ماذا تريد مصر بنظام حكمها الحالى وسياستها وظروفها الحالية من الولايات المتحدة الأمريكية بالضبط؟ وهل يجب علينا أصلاً بذل جهد لاستعادة هذه العلاقات الاستراتيجية والتاريخية وإخراجها من الفجوة الرمادية إلى المربع الأبيض مرة أخرى، أم أننا لن نخسر كثيراً لو تركناها لتسقط حيث تشاء؟ وهو ما سنحاول الإجابة عليه وتحليله فى المقال القادم إن شاء الله.

No comments:

Post a Comment