Translate

Monday, March 26, 2018

خالد منتصر - نحاربهم لأنهم خارج القانون وليس لأنهم خوارج الدين - جريدة الوطن - 27/3/2018

معركتنا ضد الإرهاب معركة حياة أو موت وهى فى الأصل معركة فكرية قبل أن تكون أمنية، لذلك وضعها فى السياق الصحيح بأنها معركة ضد إرهاب يعتمد على الفكر لا ضد إرهابيين يعتمدون على السلاح هو مطلب مُلح وضرورى، الجيش بالفعل يخوض معركة دامية وطاحنة فى سيناء ضد هؤلاء الضباع، وزيارة الرئيس السيسى الأخيرة للقاعدة الجوية والتحامه مع أبنائه من الضباط والجنود قد منحتهم قوة معنوية كبيرة فى تلك الحرب الشرسة ضد تلك الفاشية الدينية، ولا بد من سحب تلك المعركة من جبهة التراشق الدينى الدينى إلى جبهة وساحة أخرى مختلفة تماماً هى السجال الثقافى الفكرى الاجتماعى والحياتى، ولذلك فاستخدام المصطلحات الدينية فى معركتنا ضد الإرهاب هو اختزال لمعركة كبيرة لها أبعاد متعددة ومتشعبة، نحن لا نحاربهم لأنهم خوارج بالمعنى الدينى ولكننا نحاربهم مثلما تحارب أى دولة مدنية فى العالم الخارجين عن القانون، هم خارجون عن النظام والقانون والاتفاق الاجتماعى وشكل الدولة المدنية الحديثة، هم يعتبروننا خوارج عن الدين أيضاً، يقتلوننا ويفجروننا ويذبحوننا وهم مقتنعون تمام الاقتناع بأننا كفار خارجون عن الدين، انحرفنا عن الصراط الدينى المستقيم، الخوارج عندما ذبحوا صحابياً وبقروا بطن زوجته الحامل وفرحوا بأن الدم غمر شاطئ النهر، كانوا من وجهة نظرهم يطبقون صحيح الدين وكانوا يفصلون فى مدى إيمان هذا الصحابى من درجة حسم وتأكيد تكفيره لكبار الصحابة وأمراء المؤمنين، هؤلاء الأتقياء الأنقياء المصلون الذين صارت جلودهم مثل جلود الإبل من فرط السجود كانوا قبل هذا الذبح يحسون بتأنيب الضمير وبارتكابهم للكبيرة والخطيئة لأنهم أخذوا ثمرة من حديقة لا يملكونها!!، يبحثون عن رد تلك الثمرة ولا يبحثون عن ذنب تلك الجثث النازفة على الشط!، السجال الدينى الدينى من خلال النصوص يضيع ويميع القضية، يجعلها تفقد جوهرها الفكرى وتجعل الميزان هو شدة ونقص الإيمان وتلك أمور غير قابلة للقياس والمقارنة والمعيارية الصارمة، وتلبس هؤلاء الإرهابيين أقنعة تجعل البعض متعاطفاً مع شدة إيمانهم وورعهم أو على الأقل يصفهم بأنهم مجرد ناس فاهمة الدين غلط، الإرهابى ليس عدو دين فقط إنما هو قبل ذلك عدو إنسانية، عدو حياة، عدو تقدم، عدو تحضر، وتلك هى معركتنا الحقيقية، معركة من أجل تلك القيم، قيم الإنسانية والحياة والتحضر، تلك المعانى الشاملة لكل الكرة الأرضية من كل الملل والأديان، لذلك أرجو تخفيض نبرة استخدام المصطلحات ذات الخلفية الدينية فى معركتنا مع من يدعون احتكار الله وتأميم الدين، الله جل جلاله أكبر وأقدس من أن يُستخدم سياسياً، لا نريد أن تهبط السماء لخوض معركة الأرض، الرئيس السيسى لم يبادر بمعركته ضد الإخوان ومعه الشعب المصرى المحب لله العاشق لآل البيت، لم ينزل 30 يونيو ضد الخوارج ولوجه الله، لم تكن تلك المصطلحات فى الذاكرة الجمعية وقتها، ولكنه نزل ضد المرشد والإسلام السياسى والعصابة التى قتلت الروح وصادرت العقل، وكانت خلفيته فى المظاهرات أغنية «يا حبيبتى يا مصر» وليست أدعية الشيخ محمد جبريل!، لذلك نريد الحفاظ على تلك الذاكرة الجمعية المحبة للحياة المتمسكة بالمواطنة ومدنية الدولة والتى هى أهم مكاسب تلك الثورة التى انتصرنا فيها على أعداء الحياة.

No comments:

Post a Comment