Translate

Friday, June 17, 2016

لويس جريس: ‮«‬مبارك‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬له‭ ‬خلفية‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لإدارة‭ ‬مصر - 14 يونيو 2016 - الوفد

يقول «لويس جريس»: الفتنة الطائفية فى عهد «مبارك»، كانت مطلوبة أحيانًا كثيرة للتغطية على جرائم كثيرة كان يقوم بها النظام، مثل تزوير الانتخابات، أو غلاء الأسعار، أو قضايا الفساد، ولهذا كان يتم تدبير بعض الحوادث ضد المسيحيين، حتى يتحول الرأى العام عن الاهتمام بالحدث، وينغمس فى الفتنة الطائفية.. ويستشهد صاحب الذكريات بما حدث فى 2010، عندما كان الشعب مهمومًا بتزوير الانتخابات البرلمانية الفاضحة، وشكلت القوى المعارضة البرلمان الموازي، وبالطبع كان سيتم فضح حكومة «مبارك» ونظامه امام العالم، وخرج «مبارك» متهكمًا عليهم قائلًا: خليهم يتسلوا، ولكنهم اكتشفوا ان التسلية ستنقلب عليهم، وتأكدوا انهم لن يتسلوا بل سيفضحونهم، وتكون فضيحتهم بجلاجل، فنصح الناصحون بأنه لا مفر من الفتنة الطائفية، وتم تفجير كنيسة «القديسين» وبالفعل انقلب الرأى العام وانشغل بهذا التفجير.. وبعد 25 يناير ثبت ان نظام «مبارك» كان يستخدم كل الوسائل غير الأخلاقية لتحقيق أهدافه وتمرير سياساته.
ويؤكد صاحب الذكريات: ان الراحل الدكتور «اسامة الباز» مستشار «مبارك» السياسى ومدير مكتبه.. حكى له انه فكر فى بداية حكم الرئيس «مبارك»، أن يحيطه ببعض المفكرين المهمومين بالشأن الوطني، واختار له «أحمد بهاء الدين» والدكتور «لويس عوض» ومحمود عبد المنعم مراد والدكتور «عبد العظيم رمضان»، على ان يستضيف «مبارك» هؤلاء القمم فى لقاء أسبوعي وقال : للأسف ان هذه اللقاءات استمرت لمدة شهر واحد فقط، وبعد ذلك أبلغه «مبارك» بانه بلاش «احمد بهاء الدين» وبعد أسبوع بلاش الدكتور «لويس عوض» والأسبوع الثالث بلاش «محمود عبد المنعم مراد»، واستمر فقط الدكتور «عبد العظيم رمضان»، لأنه كانت له حكايات طريفة من وجهة نظر «مبارك» عن الأحزاب السياسية، وخاصة حزب الوفد، الذى كان «مبارك» يكرهه ويرويها الدكتور «عبد العظيم رمضان» بأسلوبه الفكاهي، وكانت تسعد «مبارك» الذى لم يستطع تحمل المفكرين السياسيين، الذين يتحدثون عن الديمقراطية، وعن دولة المؤسسات، ويحملون هموم الوطن فأبعدهم «مبارك» بعيدًا عنه ليتحول إلى فرعون.
وعن زيارات «مبارك» الخارجية. التى كان يسافر «لويس» خلالها، ولم يكن احد يعرف شيئا عنها، كما يقول صاحب الذكريات: لأنه اكتشف عدم وجود أى تدوين لأى من هذه اللقاءات التى تمت فى الخارج، وهذا يدل على انهم كانوا يسافرون مع «مبارك» ويتحدثون، ولا تتم متابعة ما كان يتم الاتفاق عليه مع قادة الدول، لانهم كانوا يتركون رجال الأعمال الذين كان يصطحبهم «مبارك» لتنفيذ اعمالهم الخاصة، وليس تنفيذ الأعمال التى دارت حولها المحادثات، وهذا كان سبب إلغاء صفقة اللحوم الإثيوبية التى اتفقت عليها مصر بـ100 مليون دولار عام 2004، لمواجهة الغلاء المستمر فى سعر اللحوم.. ويقول «لويس»: بالطبع تم إلغاؤها بنفوذ رجال الأعمال المستفيدين من عدم إتمامها، وهذا كان أمرا خطيرا، لأن الدولة كانت بدون ذاكرة فى عهد «مبارك».. معللًا ذلك بأن معظم رجال الأعمال كانوا فاسدين، خاصة بعد ما انضم «علاء وجمال» إلى زمرة رجال الأعمال، فلم يكن يوجد رجل أعمال يستطيع ان يعقد صفقة فى مصر أو ان يبدأ مشروعًا إلا إذا كان «علاء» أو «جمال» شريكًا معه.. ويضحك كاتبنا الكبير قائلًا: يبدو ان قرب «مبارك» من دول الخليج وصداقته المتينة لهم، جعلته ينقل فكرة «الكفيل» إلى الاستثمارات المصرية، ومن كان يريد ان ينشئ استثمارا فى مصر، كان عليه ان يجد «الكفيل» فى «علاء» او جمال»، وإلا لما كان احتكر «احمد عز» حديد الدخيلة، لولا ان مكنه «جمال» من هذا، وأيضًا ما كانت لترتفع اسهم البورصة أو تتدهور إلا برأى من علاء أو شقيقه «جمال»، الذى كان ظهوره على الساحة مفاجأة للجميع، لأنه تصدر المشهد بعد ان دخلت مصر عصرًا جديدًا فى ثورة المعلومات، وتلقف «جمال» هذا المنتج وقام بما يسمى ثورة الفكر الجديد بالحزب الوطني، وبدأ ينحى جانبًا بعض الوجوه القديمة التى ملّ منها الشعب مللًا شديدًا، وبدأ جولاته فى الجامعات المصرية متحدثًا عن المستقبل، من خلال دورات تدريبية أقامها فى كل مكان، وقدمت لشباب مصر تكنولوجيا حديثة ليتصلوا بالعالم من خلال الإنترنت، وبالفعل التف حوله الكثير من الشباب، ولكنه خانهم عندما تركهم وانضم إلى صفوف رجال الأعمال، ثم اعتمد اعتمادا كبيرًا على الدولة البوليسية، وأصبح النظام يفكر بأفق ضيق، ولم ير مصالح الناس، وآمن «جمال مبارك» بفكر «البودى جاردات»، وتشديد الحراسات، التى نشاهدها فى الأفلام السينمائية، مما كلف ميزانية الدولة نفقات بالمليارات، تحملها الشعب وقد وصلت إلى (11) مليار جنيه لوزارة الداخلية فى حينها، لحفظ سلامة وامن النظام الذى تمثل وتجسد فى شخص «مبارك» وعائلته فقط لا غير.
ويصف «لويس جريس» الرئيس «حسنى مبارك»، بانه كان مدير عام بدرجة رئيس جمهورية، ولم يرتق إلى من سبقوه فى الحكم. واستشهد «لويس» بمقولة الرئيس «عبد الفتاح السيسي» بأن «مبارك» جاب البلد على الأرض.
ولهذا يقول صاحب الذكريات إنه كان لا بد من قيام ثورة 25 يناير 2011، بعد أن جمد نظام «مبارك» الحياة السياسية، وأحبط الشعب المصرى وأفشل الاقتصاد وأفقر العباد، وانهارت المنظومة الاجتماعية والأخلاقية التى كان يتميز بها المصريون، وأصبح الفساد والتزوير والتعذيب فى السجون، والقبض على الناس بالشبهات، والرشوة والمحسوبية سمة عصر «مبارك»، الذى سعى إلى توريث المصريين لابنه، فكان التوريث بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، وأنهت نظام «مبارك».
يؤكد صاحب الذكريات، انه كان يتخيل عددًا من السيناريوهات السياسية، التى كان يتوقع ان تمر بها مصر خلال عام 2011، على أساس انها سنة التوريث، ومرت على ذاكرته الاحداث السابقة، من تزوير الانتخابات، وتغيير الوزارات، ووقفات حركتى «كفاية» وشباب 6 أبريل، رجوعًا إلى انتفاضة يناير 1977.. ولكنه لم يخطر على باله إطلاقًا أن الشعب المصرى سيثور، وأنه سيظهر ثوار يطالبون بإسقاط النظام، فقد كان هذا شيئًا اكبر من الخيال، إلى أن قامت الثورة، ورأينا رأس الدولة يحاكم، وعاش الشعب حلمه، فى ان تنطلق مصر وتحقق نهضتها، وتتبوأ مكانتها التى تستحقها بين دول العالم، لأنها دولة الحضارة، وصاحبة التاريخ المجيد، والتى ذكرها الله فى كتبه السماوية، التوراة والإنجيل والقرآن.
ولكن بعد عدة أشهر... يقول كاتبنا الكبير، تغير المشهد السياسى مما جعل المصريين يتساءلون، مصر رايحة على فين؟.. وإيه اللى بيجرى فى مصر؟.. فلم تعد توجد ذكرى لمبادئ ثورة 25 يناير.. أو كشف حساب عن الثورة، عن ماذا حققت من أهدافها، التى نادت بها؟ من عيش، حرية، عدالة اجتماعية، ولماذا لا يوجد مطلب دائم، بوضع جدول زمنى للمسار، الذى من خلاله يقوم المجلس العسكرى بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب، وللمجلس البرلمانى المنتخب.. واصبح يوجد تعتيم كامل، حول ما يصدر من قرارات، وتأخر وجود خارطة طريق نسير عليها لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير.. وظهرت أمور متشابكة ومعقدة بفعل الجماعات الدينية، ولم يكن أحد منتبهًا لها، مما جعل المصريين يتساءلون: هل انتهت الثورة؟، أو أن ما حدث فى 25 يناير أصبح ذكري؟. وانشغل كثير من المصريين فى اهتمامات جديدة، مثل تأليف الأحزاب والائتلافات، واختلط الحابل بالنابل، ولم يعد فى الإمكان تحديد الثوار من رجال نظام «مبارك»، وأصبح المصريون فى حيرة، لأن بعض الذين تعاملوا مع النظام السابق الذى قامت عليه الثورة، أصحاب خبرات لا يمكن إغفالها، ولكنه تمت تنحيتهم جانبًا ولم تتم الاستفادة من خبراتهم وطاقاتهم، مع ان المصريين جميعًا مازالوا يتصرفون وينتهجون سلوك وتصرفات النظام القديم. ولم يستطع الثوار ان يقدموا بديلًا للسلوك أو جديدًا فى الفكر المصري، وظلت المناصب يشغلها الذين كانوا يشغلونها من قبل، وقليل من الوجوه المعروفة ذهبت إلى «طرة» والأغلبية من نظام «مبارك» ظلت فى المقدمة تقوم بتصريف شئون البلاد والعباد.
ورغم مجيء... الدكتور «عصام شرف» من ميدان الثورة رئيسًا للوزراء، يقول «لويس جريس»: إلا انه لم يثبت انه رئيس وزراء ثوري، ولم يوجد فى وزارته وزير ثوري، ولم تصدر حكومته قرارًا وحيدًا يمكن ان يصفه أحد بالثورية، ووزراؤه جعلوا من الدستور القديم مرجعية لهم، وكل ما كان يجرى فى مصر فى تصريف للأمور، كلها كان محكوما بالنظام الذى أنشأه «عبدالناصر»، وغيره قليلًا «السادات» وثبته «مبارك»، فى شكل شخصيات تحكم لحسابه، وبمبدأ واحد يسير عليه الجميع، وهو ان الشعب يتكلم كما يريد، وهم يفعلون ما يريدونه، ولهذا لم يتقدم أحد الصفوف بفكر ثوري، يمكن الدولة من تحقيق المبادئ التى نادت بها الثورة. فجاء أداء حكومة الدكتور «عصام شرف» غير مشرف، لظروف لم يعلمها احد، ولم يقم هو بتوضيح هذه الظروف، ولم يستطع ان يسجل فى تاريخه، أنه رأس الحكومة الانتقالية التى قدمت القرارات الثورية، التى وضعت الأسس السليمة لبناء دولة مصر الجديدة، وشعر المواطن بالتباطؤ والتراخي، مما جعل البعض يدعو إلى التظاهر فى مليونيات، يطالبون فيها بمطالب فئوية، وإن كان يحركها بعض الجماعات الدينية من سلفيين وإخوان، الا انه أمر طبيعى لأن حكومة «شرف» لم تقدم له غير المسكنات، وأثبتت انها لا تملك حلولًا جذرية لحل المشكلات ومواجهة الأزمات، وعزل الفاشلين وظل كل شيء كما هو، الاحتجاجات مستمرة، واستغلتها جماعة الإخوان أسوأ استغلال، لتظهر انها القوة السياسية الوحيدة الفاعلة والمتماسكة، والتى فى مقدورها تسيير أمور الدولة، وبالفعل استطاعت تحقيق نجاحات فى الانتخابات الرئاسية، والانتخابات البرلمانية، وإن كانت الانتخابات الرئاسية ما زال يدور حولها الكثير من الشبهات التى لم تكشف بعد. ويرجع صاحب الذكريات عدم وجود مشروع قومى لنهضة مصر، عقب الزخم الثورى لثورة 25 يناير، إلى عدم توافر الإرادة والرؤية لتحقيق الإنجاز، لأنه لا ينقصنا الإرادة فى التغيير والأفعال، وليست إرادة الأقوال، ووضوح الرؤية والمعلومة، عن طريق مركز المعلومات ودعم القرار، بأن يقدم صورة متكاملة حقيقية عن محافظات مصر، وما تحتاجه للتنمية، حتى لا نظل نسير فى ذيل دول العالم المتقدم.
ويبرئ «لويس جريس» المجلس العسكري، من أي تقصير فى قيادة البلاد، ويرى انه كان فى موقف صعب، لأنه ظلم عندما تولى فجأة قيادة البلاد والعباد، لأنه بدون تجربة للحكم فى الحياة المدنية، ولهذا يجد العذر لقيادته، ولكنه يقول: ولأنه بدون تجربة فى الحياة المدنية، كان الأجدر به أن يلجأ إلى القيادات الواعية الفاهمة لما كان يحدث فى مصر، وان يتداول المشكلات بشكل واضح وصريح، مع اتخاذ قرارات ثورية تسرع بأداء العمل.. وكان عليه الجلوس مع حكماء السياسة والعلم، والدراية بشئون مصر للتعرف على آرائهم، فيما يجب اتخاذه من قرارات، وللإجابة عن تساؤلات الجماهير، لأن التأخير فى العدالة كان ظلما كبيرا.

No comments:

Post a Comment