Translate

Tuesday, June 14, 2016

سحر الجعارة مصر التى فى الإعلانات - الوطن - 14 يوتيو 2016


مصر التى فى الإعلانات: مصر أقوى من الفساد.. وأنت أقوى من المخدرات.. اتشعلق فى حَلَق الحاجة «زينب». والبس قطونيل فى كل الأوضاع.. انسى «الدوندوم» و«استرجل».. وبلاش تقفش على «الزبادى»، أحسن «إسعاد» تنهرك: «كنت تقعد على حجرى تعملها وتجرى يا وله!».

تقدر دلوقتى تقفل التليفزيون وتحافظ على «الكهرباء».. رمضان كريم.
مصر التى فى الإعلانات: دولة فقيرة جداً، شعبها يحتاج إلى كل مليم تتبرّع به من زكاتك، أو من شقاك وقوت العيال، شعبها مطارَد بلعنة «فيروس c» والسرطان وأمراض القلب.. إلخ ما يستجد من مستشفيات تُقدّم العلاج مجاناً وتعتمد على «التبرّعات» كأحد أهم روافد التمويل دون أن تقول للناس: «كم تتكلف الإعلانات التى تطلب التبرعات»؟.
الأمر نفسه ينطبق على الجمعيات الخيرية التى تُلح فى استفزاز ضميرك، لأن الشعب جعان وعريان، ويحتاج إلى «معونة» ليحيا حياة كريمة، وهذا هدف نبيل بالقطع.. لكن الطريق إلى الجمعيات الخيرية مفروش بإعلانات تتكلف الملايين!.
مصر التى فى الإعلانات: دولة «فوق مستوى الموظفين»، تغازل مشاعرك المرهفة بالتجمعات السكنية، البعيدة عن «الغوغاء والدهماء»، حيث تتمتع بالماء والخضرة والوجه الحسن «إن أمكن».
تجمعات أقل «فيلا» فيها بعدة ملايين جنيه، لكن من باب «التيسير» يمكنك التقسيط على عدة سنوات، واحسب القسط براحتك وأنت تشاهد إعلان «الأيادى المرتعشة»، ودوخة المواطن للحصول على طلبه، التى توفرها عليك كبريات شركات الاستثمار العقارى.
«مصر بلد الأغنياء».. لا مكان فيها للفقراء الذين يتسولون دقائق مجانية من شركات المحمول، ويُجهدون طاقة الشبكات: (إعلان واحد لإحدى شركات المحمول تكلف 75 مليون جنيه)!!.
مصر التى فى الإعلانات: «بلد الأزهر الشريف»، شعبها مُتديّن بالفطرة، ومظاهر رمضان لم تعد تقتصر على العصبية والفوانيس والياميش.. لقد أضاف «الأزهر الشريف» مظهراً جديداً: إعلانات فى الشوارع الرئيسية (أعرف أن ثمنها مرتفع بحكم المهنة)، ترفع شعارات «منارة الوسطية».. وكأن تجديد الخطاب الدينى مجرد لافتات عن «الوسطية» وقبول الآخر!!
مصر دولة دينية.. «عاصمتها الرياض».. واسأل نائب رئيس حى العجوزة «ياسر فرج»، الذى شكّل حملة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وضبط أكثر من 100 شخص مفطرين فى نهار رمضان!.
لقد ترك «الفساد»، الذى نحاربه بالإعلانات، يرتع فى الحى، ونصّب نفسه رئيساً لهيئة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» فى العجوزة، وتفرّغ للمفطرين؟.. بعد فتوى «دار الإفتاء» بأن المجاهرة بالإفطار فى نهار رمضان «لا تدخل ضمن الحرية الشخصية للإنسان، بل هى نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام»..مصر تسابق من صعدوا إلى القمر فى ابتكار الإعلانات، وتعود بالمسلم إلى العصور الوسطى ليحسن إسلامه، ويتخبط قبل أن يدخل الحمام «هل يدخل برجله اليمين أم اليسار؟».. وإذا دخل لا بد أن يلتزم بفتوى الدكتور «خالد عمران»، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، التى تؤكد أن استخدام «الشطاف» فى نهار رمضان لا يبطل الصيام، شريطة أن يحتاط الشخص الذى يستعمله، وألا يُدخل الماء إلى المعدة.. المشكلة أن الفتوى لم تقل لنا ما حكم استخدام «المناديل الورقية» بعد الشطاف، خصوصاً أننا لا ننجو من الإعلان عنها!
مصر التى فى الإعلانات: لا تجد من يسترها، فهى ثرية وجائعة.. أكثر من نصف شعبها يبحثون عن مأوى والبقية تناقش الأزمات فى جلسات النميمة ومتابعة الإعلانات والمسلسلات فى «محميات سكنية»!.
«عارية»، لا تعرف كيف تنظف نفسها من دنس الفساد، وتجدد الخطاب الدينى بفتاوى «الشطاف» بقيادة «المحتسب بأمر الله» ياسر فرج.
«مريضة» بهوس الإعلانات، والاستهلاك، وفوبيا الحرمان من الأرز والسمن والسيراميك والسيارات.. والوسواس القهرى من مبطلات الصيام والحرمان من الثواب ودخول الجنة.. أما جنتها المشتهاة فـ«إعلان» لا تتجاوز مدته عدة ثوانٍ ننساه فى العيد دون أن نكون قد تبرّعنا أو شفاها الله من الشلل العقلى أمام الشاشة!.

No comments:

Post a Comment