Translate

Saturday, June 11, 2016

لا إله إلا الله.. حينما عشنا متنا! (٢-٢) بقلم د. وسيم السيسى ١١/ ٦/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

استكمالاً للمقالة السابقة الخاصة بالغذاء.. داء ودواء، ومحاضرتى عن أثر الغذاء فى الصحة والجمال، تحدثت الدكتورة عزة محمود سرى الدين عن الغذاء فى مصر القديمة، وكيف أن غذاءهم كان يتكون من الخبز والجعة، الخضروات، الفواكه، الدجاج، الأسماك، اللبن ومنتجاته، البيض، العسل الأبيض، الحيوانات المستأنسة كالخراف والماعز ونادراً الأبقار، ربما لصعوبة حفظ الكميات الكبيرة من اللحوم التى يصعب توزيعها.
والأستاذة الدكتورة عزة محمود لها بحث موثق بالإنجليزية: Nutrjtion Of Ancient Egyptians أى التغذية عند قدماء المصريين، وقد لاحظت أن تسوس الأسنان عند أجدادنا القدماء كان قليلاً نسبياً، يتراوح من ١٤٪ إلى ١٨٪ عند الأثرياء ويليهم الفقراء.
والسبب هو استخدام العسل للتحلية، لأن السكر لم يكُن معروفاً فى هذه الحقبة الزمنية، وأيضاً لكثرة استخدام الفواكه والخضروات فى الطعام، ولكنها لم تذكر سبباً آخر ذكرته لها فى نهاية المحاضرة، كان عاملاً مهماً من عوامل قلة تسوس الأسنان عند الأجداد ألا وهو شراب الجعة الذى يحتوى على تتراسيكلين كمضاد حيوى ضد البكتيريا «جون Nun - الطب فى مصر القديمة ١٩٩٩».
حدثتنا عن العناصر النادرة فى الأسنان والعظام ومنها تكشف لنا عن أنواع الأطعمة، وهذه العناصر النادرة تشكل واحدا من مائة بالمائة من وزن الإنسان ٠.٠١% مثل الكالسيوم، والحديد، والزنك، والنحاس، والمغنسيوم، فمثلاً نسبة السترونشيوم إلى الكالسيوم عالية فى النباتيين، بينما هى أقل عند آكلى اللحوم، أما دلائل نقص التغذية أو سوء التغذية فقد وجدناها فى بعض المومياوات، ونتعرف عليها بخطوط هاريس فى الأسنان أو تجويفات فى عظام الجمجمة لنقص الحديد «الأنيميا»، كما وجدنا بعض العظام المتقوسة فى حالات الكساح.
أهدتنى أ.د.عزة محمود بحثها القيّم، وغادرت هذه القلعة العلمية، وأخذت أفكر فى كلمات هيرودوت كيف أن المصريين من أكثر الناس صحة، وكيف أن الفقيه المالكى، جاء إلى مصر واستقر فيها، وبعد ستة أشهر، مرض، فقال وهو على فراش الموت جملة حفظها له التاريح.
«لا إله إلا الله.. حين عشنا متنا!». أى حينما بدأ يستمتع بالحياة فى مصر.. مات!
المقريزى أيضاً يصف لنا مصر قائلاً فى خططه: «سلمت مصر من الحر والبرد.
طاب هواؤها وخف بردها وضعف حرها، وسلم أهلها من صواعق تهامة وجرب اليمن ودماميل الجزيرة وطواعين الشام».
من أهم نصائح مصر القديمة: لا تأكل من أطعمة البلاد الأجنبية، بل كلْ من أطعمة بلدك، ذلك لأنك تكونت من أرض مصر، عليك أن تأكل من ثمارها حتى يتوافق جسدك مع طعامك.
لاحظ هيرودوت ملاحظة صحية لعلها تفيدنا فى الوقت الراهن.. يقول: لاحظت أن جماجم المصريين قوية، بينما جماجم الفرس هشّة، ويبدو أن غطاء الرأس الذى يحرم الفرس من تعرض رؤوسهم للشمس، هو السبب.
برع أجدادنا فى طب الأسنان حتى إن دائرة المعارف البريطانية تقول: كان المصريون القدماء Superb Techenians فى طب الأسنان، عرفوا التربنة الصغيرة للفك إذا تكون خراج تحت الضرس، عرفوا التركيبات، بل عرفوا زراعة الأسنان، سواء من توأم توفى لشقيقه الذى على قيد الحياة أو من قريب أو غريب، ولكنهم يتركون لنا ملحوظة غاية فى الأهمية تقول: لأمر ما لا نعرفه! إذا كانت السن أو الضرس المزروع من توأم، فهو يثبت بعد بضعة أشهر، أما إذا كان الزرع من قريب أو غريب فهو لا يثبت! واضح أنهم لم يعرفوا جهاز المناعة، وطرد ما لا يتوافق معه، ما نسميه اليوم: مضاهاة الأنسجة.
كان الحشو فى تسوس الأسنان مكوناً من: كبريتات النحاس، العسل الأبيض، الصمغ «العربى»، هذا الحشو ظل معمولاً به منذ آلاف السنين وحتى ١٩٤٨م! صحيح ما قاله أمير الشعراء:
وبنينا فلم نخل لبان
وعلونا فلم يجزنا علاء
قل لبان بنى فشاد فغالى
لم يجز مصر فى الزمان بناء

No comments:

Post a Comment