Translate

Sunday, July 24, 2016

د. عماد جاد - ما العمل؟ - جريدة الوطن - 24/7/2016

تتواصل الاعتداءات بحق قطاعات من المصريين الأقباط فى صعيد مصر، فى المنيا وبنى سويف، هجوم واسع النطاق غالباً يبدأ بعد صلاة الجمعة، حيث تخرج مجموعات غاضبة، ساخطة من خبر مفاده أن «النصارى» يقومون ببناء كنيسة أو يحولون مبنى سكنياً من مبانيهم إلى كنيسة، تخرج مجموعات كبيرة باتجاه الهدف المحدد وتبدأ فى عمليات التحطيم والتدمير والحرق، التى لا تقف عند حدود المبنى المستهدف محل الإشاعة أو الخبر، بل تتجاوز البيوت للأقباط يجرى الاعتداء عليها وحرقها ونهبها. بعد أن يتوقف الاعتداء بتحقيق الهدف المنشود من تدمير وتخريب، تتحرك الشرطة وتبدأ فى إلقاء القبض على عدد متكافئ من الجانبين، تعد المحاضر المتبادلة، ومن ثم يجرى الضغط عبر أدوات باتت معروفة من قسم البوليس أولاً، وإذا لم ينجح يتدخل فرع الأمن الوطنى فى المنطقة للضغط، وإذا اتسع النطاق يتحرك بيت العائلة لإتمام المهمة. وعادة ما تنتهى القصة بالتنازل المتبادل، لتبدأ بعدها على الفور نفس الأحداث فى منطقة ووفق نفس التسلسل الزمنى للأحداث والتفاعلات.
باتت الاعتداءات متكررة بشكل غير مسبوق وبدا وكأنها جزء مخطط عام واسع النطاق يجرى تطبيقه فى عدد من محافظات الصعيد وتحديداً محافظة المنيا، كما بدا أن الاعتداءات تأتى كجزء من تحرك عام يستهدف الأقباط لاعتبارات عددية ولحسابات متداخلة، منها الانتقام من الأقباط لأنهم مثلوا العمود الفقرى لحركة الاحتجاج ضد حكم المرشد والجماعة، وبالتالى فإن عناصر الجماعة القاطنة فى هياكل ومؤسسات الدولة المصرية تنفذ هذا المخطط، وتتكامل معه حالة التشدد والتعصب الموجودة داخل مؤسسات وأجهزة سيادية مصرية اعتادت التعامل مع الأقباط باعتبارهم ملفاً أمنياً، ينبغى أن يظل كذلك ولا يسمح للأقباط برفع الرأس أو التطلع إلى مواطنة متساوية. أيضاً هناك من يسعى إلى دفع الأقباط دفعاً لوقف الرهان على الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تحقيق المواطنة والمساواة، وقد نجح هذا المخطط فى إحداث تحول داخل صفوف الأقباط، حيث تشعر الغالبية الساحقة من المواطنين المصريين الأقباط بإحباط شديد من النظام الحالى والكثير جداً منهم خاب ظنهم. وقد أسفر هذا المخطط أيضاً عن تبلور مواقف معارضة للبابا تواضروس نتيجة عدم تحركه فى مواجهة هذه الاعتداءات وصمته تجاه الكثير منها، وظهرت حركات شبابية قبطية تهاجم مؤسسات الدولة، تنتقد الرئيس وتوجه اللوم للبابا.
حاولنا معالجة الموقف عبر مخاطبة المسئولين فى وزارة الداخلية بدءاً من وزير الداخلية وصولاً إلى رؤساء المباحث، والمحصلة كانت التعامل بالقطعة دون تراجع عن المخطط، تحركنا داخل مجلس النواب من أجل تشكيل لجنة تقصى حقائق لإعداد تقرير عما يجرى وتقديمه للمجلس من أجل وضع خطة للعلاج الجذرى للمشكلة، فاصطدمنا بخطة محكمة تستهدف وأد أى تحرك وترك القضية تتفاعل، فكانت النتيجة تكرار الاعتداءات والجرائم وانتقالها من المنيا إلى بنى سويف، واليوم أعلن أننا نقف عاجزين عن وقف هذه المخططات الجهنمية، فما العمل؟ هل نستمر فى المحاولة والتحذير من عواقب هذا المخطط؟ أم نعلن الهزيمة أمام هذا المخطط واليأس من تحقيق دولة القانون والمساواة، ومن ثم نخرج من الإطار المؤسسى حتى لا نتحمل وزر صمت هو نوع من الاشتراك فى الجرائم الجارية؟

No comments:

Post a Comment