Translate

Saturday, July 30, 2016

كله تمام!!!! ...... د. عماد جاد - 31/7/2016 - جريدة الوطن

من خلال متابعتى للجدال الدائر حول التوترات الاجتماعية الجارية بفعل عوامل دينية وطائفية أو اقتصادية واجتماعية ضاغطة، نلاحظ استمرار مدرسة «كله تمام يافندم»، كله تمام تعنى لا توجد مشكلة تستحق التحليل والتشريح لمعرفة الأسباب من أجل وضع روشتة العلاج المناسبة، كله تمام، أى لا يوجد ما يستحق المتابعة والمعالجة، «كله تمام» هى طريقة تقليدية فى التفكير والحكم، تعنى أول ما تعنى أننا راضون عن الأمر الواقع وهى طريقة سبق وقادت بلادنا إلى كوارث حقيقية.
نعلم أن بلادنا نجت من فخ كان منصوباً لها بإحكام، وأن الشعب المصرى وجيشه نجحا فى الثلاثين من يونيو فى الإطاحة بمخطط ضخم كان يستهدف المنطقة بالكامل، سقوط مصر كان يعنى نجاح المخطط برمته، وبالتالى فإن ثورة المصريين أوقفت زحف المخطط، بل وبدأ ينتكس كما نشاهد اليوم فى ليبيا وسوريا. ورغم ذلك لم تتوقف محاولات الانتقام من مصر وتدمير مقدراتها عبر تعاون أطراف إقليمية ودولية، هذه المحاولات نشهدها فى ضرب علاقات مصر الخارجية مع دول داعمة لها مثل روسيا وإيطاليا، المضاربة على الدولار وخفض سعر العملة المصرية، أيضاً يجرى ذلك عبر نشر الأخبار الكاذبة وترويج الأكاذيب ونشرها على أوسع نطاق من خلال وسائل الإعلام التابعة للجماعة والتنظيم الدولى والإعلام الدولى المملوك لدول داعمة للجماعة. ولعل أبرز وأخطر هذه المحاولات تلك التى تستهدف الوقيعة بين المصريين المسلمين والأقباط أو تأجيج ما اصطلح على تسميته بالفتنة الطائفية عبر أدوات داخلية باتت معروفة وتتطلب المواجهة، وعلى رأس هذه الأدوات عناصر الجماعة والتيار السلفى الذين ينشطون فى صعيد مصر، يحرّضون على استهداف الأقباط وممتلكاتهم عبر بث الإشاعات الكاذبة وتهييج مشاعر البسطاء فيكون التحرك وتكون الاعتداءات، يترافق مع ذلك معالجة كلاسيكية من جانب الأجهزة التنفيذية والأمنية فى المنطقة، معالجة تعتمد على سياسة التعمية والتعتيم على ما يجرى عبر مجموعة خطوات باتت محفوظة تتمثل أولاً فى ترك الجمهور الغاضب ينفّس عما بداخله عبر عمليات التخريب والتدمير، الحرق والنهب وأحياناً القتل. بعد ذلك يبدأ التدخل من الأجهزة المعنية من تنفيذية وأمنية عبر القبض على عدد متكافئ تقريباً من الجانبين، الترويج لما جرى باعتباره «اشتباكات» وليس اعتداءات، الضغط على المعتدى عليه للتنازل وإبرام صلح عرفى بإشراف الأجهزة الأمنية والتنفيذية، وتجرى الاستعانة ببيت العائلة إذا تعثر الأمر. تصدر التعليمات للقول بأن ما جرى كان اشتباكات، وأن الاعتداءات متبادلة، هى أحداث فردية، لا صلة للدين بها، ولا موضع للجانب الدينى فيها. والرسالة لمن بيده الأمر «كله تمام يافندم». والحقيقة أنه كله ليس بتمام، وأن القضية برمتها فى حاجة لعلاج جذرى شامل يعترف أولاً بوجود مشكلة حقيقية، دقة التشخيص نصف العلاج، أما الحل الحقيقى فيتطلب رؤية شاملة لبناء دولة القانون والمواطنة والبداية بتغيير جذرى فى الثقافة عبر أدوات التنشئة.

No comments:

Post a Comment