Translate

Friday, July 1, 2016

توماس فريدمان يكتب: خروج بريطانيا من أوروبا ليس نهاية العالم ٢/ ٧/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

نقلا عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية
تصويت البريطانيين على مغادرة الإتحاد الأوروبى بأغلبية هزيلة ليس نهاية العالم، لكنه يعطينا فكرة عن الطريقة التى قد تجعلنا نصل إليها.
قوة أوروبية كبرى، ومدافع قديم عن الديمقراطية الليبرالية، والتعددية، والسوق الحرة، تقع تحت سطوة مجموعة من السياسيين المتشائمين الذين يرون الفرصة لاستغلال مخاوف العامة من الهجرة للدفع بطموحهم السياسى عن طريق خلق اختيارين فقط، الخروج أو البقاء فى الاتحاد الأوروبى، لموضوع فى غاية التعقيد، لا يعرف كل أبعاده إلا القليل.
هؤلاء الساسة اعتقدوا أنهم سيستفيدون من الجميع، بمعارضة شىء غير محبوب مثل الاتحاد الأوروبى، لكنهم تجاهلوا عواقب تصويت العامة على الخروج منه. وقاموا بخفض مستوى النقاش المجتمعى بالأكاذيب وخطابات الكراهية والتضليل والنتيجة هى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بأغلبية صغيرة.
بالطبع لا يوجد عند هؤلاء الساسة أدنى فكرة عما يجب أن يفعلوه، لا توجد لديهم خطة، إنهم ينبحون فقط.
وكما قلت ليست نهاية العالم بعد، لكن إذا حاولت بعض دول الاتحاد الأوروبى تجربة نفس الخدعة، ستحدث بعض الفوضى التى يجب أن نتعامل معها- يا مؤيدو دونالد ترامب هذا ما يحدث عندما تقع البلاد تحت رحمة مخادعين يعتقدون أن الحياة مثل تويتر، وأن هناك إجابات سهلة للأسئلة الصعبة وأن الرجال الصغار يمكنهم إعادة ترتيب الأنظمة المعقدة عن طريق بناء حائط.
وعودة للموضوع، بالرغم من أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ليست الإجابة الصحيحة، إلا أن حقيقة أن ذلك الخطاب نجح، عن طريق الخداع، تجعلنا ندرك أن الناس يشعرون بقلق عميق من شىء ما.
إنه هذا الزمان، حيث مستوى تسارع التغيير فى التكنولوجيا والعولمة والمناخ أصبح يسبق قدرة أنظمتنا السياسية لخلق مجتمع ونظم تعليم، ومساحات عمل، والابتكارات السياسية الضرورية لبعض المواطنين للحاق بالتغيير.
لدينا عولمة التجارة والتصنيع، وطورنا روبوتات وأنظمة ذكاء اصطناعى بشكل أسرع من تطوير أنظمة أمان اجتماعى وتعليم تتيح للناس اللحاق بامتلاك الأدوات والمساحات والوقت اللازم للنجاح.
وفى نفس الوقت، فتحنا الحدود بشكل متعمد واختبرنا تدفق اللاجئين غير الشرعيين من الدول المنهارة بحجم غير مسبوق، الأمر الذى سماه الكثيرون الغزو الثقافى، وأنهم يفقدون «بيوتهم » بالمعنى العميق للكلمة.
الحقيقة الملموسة للهجرة، وتحديدا فى أوروبا، تعدت محاولات الدول المضيفة بدمج المهاجرين مع المجتمع، أو قدرة اللاجئين على الاندماج أيضا، والأمران مهمان من أجل استقرار مجتمعى.
وهذه التغيرات السريعة تحدث عندما تتحول السياسة لشىء بالغ التعقيد وغير قادر حتى على الاستجابة مع التفكير السليم - مثل الحكومات التى تقترض الأموال بدون فوائد للاستثمار فى البنية التحتية الضرورية لخلق فرص العمل وتمكننا من استغلال أفضل للتكنولوجيا.
مدير شركة الاستشارات العالمية والتى مقرها لندن، ماركو للاستشارات، نادر موسافيزادا، قال إن «القوى السياسية بالغرب ما زالت تفشل فى اختبار الشرعية والمسؤولية منذ عام ٢٠٠٨، ومن فرط يأسها، اختارت لتأكيد شرعيتها اللجوء إلى التنصل من المسؤولية عن طريق استفتاء الاتحاد الأوروبى».
وأضاف نادر «علينا أن نفهم أن المشكلة فى (الاندماج) وليست (الهجرة)، فالتجربة الحياتية فى معظم المدن فى أوروبا اليوم، هى حقيقة وجود التعددية، لمجتمع متعدد الأعراق ترعرع هنا، بشكل سلمى، مما جلب فوائد هائلة للمجتمع الأوروبى. نحن بحاجة إلى تغيير التركيز من المشكلة والحل، من الواقع المادى للهجرة إلى مستوى التحدى السياسى والاقتصادى للدمج، فالمدارس والمستشفيات والمؤسسات العامة عموما لن ترتفع إلى مستوى التحديات المفروضة فى القرن الـ٢١ إذا فشل الدمج المجتمعى».
فى الواقع، من وجهة نظرى، البلدان التى تشجع التعددية بشكل أفضل هى تلك التى ستزدهر أكثر فى القرن الـ٢١. سيكون لديها استقرار سياسى، وستجذب المواهب وتكون قادرة على التعاون مع معظم الناس، لكنه عمل شاق.
ولكن فى عصر أصبحت فيه التكنولوجيا تقربنا من بعض أكثر، وتقدم تدفقات هائلة من الإبداع والمعرفة والتواصل والتجارة، فالمستقبل ملك لأولئك الذين يبنون شبكات تواصل لا جدرانا، أولئك الذين يمكنهم أن يوحدوا لا أن يفرقوا، وذلك للحصول على أقصى استفادة من هذا الفيضان.
إن مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبى خطوة يخسر منها الجميع، أتمنى إمكانية التراجع عن الـ«بريكست»، وأن يتخلى الأمريكيون عن ترامب الأحمق.
والمدير التنفيذى لمعهد الفكر الاقتصادى الجديد فى جامعة أكسفورد، إيريك بياهوكر، يقول: «لن ننسى أبدا، أنه بعد التدمير الذى خلفته الحرب العالمية الثانية، جاء الاتحاد الأوروبى كمشروع برز كقوة للسلام والرخاء والديمقراطية والحرية فى العالم».
إنه واحد من الإنجازات البشرية العظيمة، بدلا من السماح بتدميره، يجب علينا أن نستخدم صدمة التصويت فى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لإعادة تصور، وإصلاح، وإعادة بناء أوروبا جديدة.
ترجمة- مروة الصواف

No comments:

Post a Comment