Translate

Monday, August 15, 2016

نصف الولاية الأولى - د. عماد جاد - جريدة الوطن - 15/8/2016

تتدهور الأوضاع فى البلاد بشدة، وتتردى الأحوال من يوم إلى آخر، ويبدو واضحاً غياب الرؤية الشاملة للتعامل مع الحالة التى تمر بها البلاد، ففى كل المجالات نسير نصف طريق، وفى مواجهة كل المشاكل نستخدم المسكنات الوقتية، ولا رؤية للعلاج الجذرى. عندما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم فى البلاد كانت مصر شبه موحدة خلفه، كانت الآمال عريضة والتفاؤل يلف البلاد طولها وعرضها، كان وراءه تحالف ٣٠ يونيو الذى يعد أوسع تحالف شهدته مصر فى تاريخها، كان يضم كافة طبقات المجتمع المصرى وفئاته، كان الرجل بمثابة بطل قومى فى عيون المصريين والعالم العربى بل تجاوز ذلك إلى العالم. كان الشعب المصرى فى ذلك الوقت مستعداً لتحمل ما لا يحتمل من أجل مساعدة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تحقيق حلمه ورؤيته للبلد، وكان المحيط الإقليمى العربى مستعداً لتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة لمصر كى تنهض وتزيح مشاهد الخطر والتهديد التى تعرض لها عديد من الدول العربية.
احتمل الشعب المصرى الرفع التدريجى للدعم والارتفاع فى الأسعار من أجل دعم الرئيس عبدالفتاح السيسى وتمكينه من السير قُدماً فى عملية الإصلاح التى تحدث عنها كثيراً. ولا يمكن إنكار إنجازات الرئيس فى أول عامين من حكمه، فقد حقق الأمن فى ربوع البلاد، نشر الاستقرار، دشن بنية تحتية من شبكة طرق ومشروعات تنموية عملاقة ما كان يمكن إنجازها فى هذه الفترة القصيرة من عمر الدول. مع مرور عامين على حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومع التقدير لكل ما حققه من إنجازات، فإن هناك كثير من الملاحظات التى ترد على الأداء خلال النصف الأول من فترة حكمه الأولى، وذكر هذه الملاحظات ليس المقصود منه توجيه النقد أو الانتقاص من الإنجاز الذى تحقق بقدر ما هو نوع من الدعوة لإصلاح ما قد يوجد من نقص والعمل على تحقيق إنجاز فى الفترة المقبلة يسد نقاط الضعف التى نسجلها من أرضية الدعم والتأييد والمساندة.
لعل من أبرز نقاط الضعف فى العامين الماضيين تلك المتعلقة بتراجعات كثيرة فى مجال الحريات على مختلف أنواعها من حرية الرأى والتعبير إلى حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، فضلاً عن التضييق الشديد على الإعلام وتبلور ملامح حالة حنين لإعلام الستينات مع تجاهل تام لما تحقق فى العقود الستة الماضية من ثورات فى مجال الإعلام المقروء والمرئى والمسموع والمشاهد وتحديداً فى مجال وسائل التواصل الاجتماعى، فالأخيرة باتت المجال المفضل لدى الشباب بل ومتوسطى العمر وقطاعات من كبار السن، وباتت مواقع التواصل الاجتماعى أكثر تأثيراً من غيرها من وسائل تواصل وإعلام، بل يمكننا القول إنها المؤثر الأول ولا يمكن التحكم فيها أو التأثير عليها، فإذا كانت الدولة بمقدورها ضبط وسائل الإعلام من مرئى ومقروء، وشراء بعضها وضبط البعض الآخر، ورغم التكلفة المالية الباهظة لعمليات الشراء والمشاركة والضبط، فإن ذلك لا يمنع من يريد من بث قنوات من الخارج أن يفعل ذلك ويكون مشاهداً فى مصر عبر الوجود على القمر الفرنسى «يوتيل سات»، الذى يدور فى مدار مشابه تماماً لمدار القمر الصناعى المصرى نايل سات، أيضاً ورغم ذلك فإن قدرة الحكومة على التأثير فى وسائل التواصل الاجتماعى تكاد تكون معدومة.

No comments:

Post a Comment