Translate

Sunday, September 25, 2016

صعيدى فى البيت الأبيض - د. عماد جاد - 25/9/2016 - جريدة الوطن

  
من أهم اللقاءات التى عقدها الوفد البرلمانى المصرى، الذى رافق الرئيس فى رحلته إلى نيويورك لحضور اجتماعات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ذلك اللقاء مع السيد/ جمال هلال، الصعيدى المصرى الذى شغل وظيفة مترجم خاص لستة رؤساء أمريكيين، وحضر كل الاجتماعات التى عقدها الرؤساء الأمريكان الستة مع قادة وملوك ورؤساء عرب، وكان شاهداً على ما دار من حوارات وما قاله ملوك ورؤساء عرب فى الغرف المغلقة لرؤساء أمريكان، كيف كان بعضهم يقول كلاماً فى الغرف المغلقة ويقول عكسه أمام الرأى العام، كيف كانت اللقاءات كاشفة عن رغبة فى بناء علاقات جيدة، فى حين كان القادة يوجهون وسائل إعلامهم كى تسب أمريكا وتهاجمها.
جمال هلال مصرى صعيدى من أسيوط، هاجر إلى أمريكا فى سبعينات القرن الماضى، وتدرج فى العمل الحكومى الأمريكى إلى أن صار المترجم الخاص للرئيس الأمريكى، واليوم وبعد أن خرج إلى المعاش لدى الرجل حصيلة هائلة عن كل ما جرى من حوارات فى الغرف المغلقة بين الرؤساء الأمريكان وقادة ومسئولين عرب، صحيح أن الرجل لا يمكن أن يعلن كل كل ما لديه أو يقول كل ما يعرف لأن فيها أسراراً تتعلق بالأمن القومى للولايات المتحدة وأسراراً أخرى تخص دولاً عربية، لكن الصحيح أيضاً أن لدى الرجل حصيلة هائلة من الخبرات وهو مستعد لنقلها لأهل بلده، فهو مصرى حتى النخاع ويعشق بلده، وفى الوقت نفسه لا يمكن أن يخون البلد الذى حمل جنسيته وعمل فى جهازه التنفيذى (الولايات المتحدة) لكنه مستعد لنقل كل ما لديه من خبرات لأبناء بلده، كيف يفهمون العقلية الأمريكية، كيف يتعاملون مع الواقعية الأمريكية، كيف يقرأون الوقائع بموضوعية بعيداً عن الوقوع فى أسر نظرية المؤامرة.
يرى السيد/ جمال هلال أن آفة العقلية العربية التقليدية هى الوقوع فى أسر نظرية المؤامرة على النحو الذى يحجب القدرة على التعامل مع سياسات الأمر الواقع، وضرب الرجل مثلاً واضحاً بالدور الذى بذله اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة وبطلب مباشر من رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، فى الضغط على الإدارة الأمريكية وأعضاء مجلسى الشيوخ والنواب للتعاطى إيجابياً مع ثورة ٣٠ يونيو، وقال إنه كان شاهداً على اتصالات أجراها اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة بأعضاء فى الكونجرس، وأوصلوا رسالة واحدة هى أن ما جرى فى مصر فى الثلاثين من يونيو ثورة شعبية حقيقية، وأن أى عضو كونجرس سوف يتعامل مع ما جرى فى مصر على أنه انقلاب عسكرى، فلن يحصل على دعم اللوبى اليهودى فى الانتخابات المقبلة، ويقول جمال هلال إن عدد الذين كانوا يرون ما جرى انقلاباً عسكرياً كان ١٧٥ عضواً فى مجلسى الكونجرس، وأنه بفضل ضغوط اللوبى اليهودى صوت عضوان اثنان فقط مع وصف انقلاب عسكرى.
بالقطع واليقين جهود اللوبى اليهودى لمنع وصف الكونجرس ما جرى فى الثلاثين من يونيو على أنه انقلاب عسكرى لم ولن يكون حباً فى مصر. فالسياسة لا تعرف الحب والكره، القرارات السياسية مجردة من المشاعر والأحاسيس، قائمة فقط على حسبة المصالح، ومصلحة إسرائيل كانت ولا تزال فى مصر مستقرة، يضاف إلى ذلك تعاون إسرائيل التام مع مصر فى مواجهة الإرهاب فى شمال سيناء الواقع فى المنطقة (ج) والتى لا يمكننا بموجب الملحق الأمنى فى معاهدة السلام نشر أى نوع من القوات والعتاد، واليوم مصر تستخدم داخل هذه المنطقة الأسلحة الثقيلة بل وطائرات الـ«إف -١٦».
لدى السيد/ جمال هلال ذخيرة من المعلومات ولديه قدرات تحليلية هائلة وقدرة على الاستنتاج والإسقاط على المستقبل، قال لنا بوضوح إن أعضاء فى الكونجرس يتطلعون إلى رؤية نظرائهم فى البرلمان المصرى، وإن التواصل مهم للغاية، ومن ثم نتمنى أن يبادر رئيس مجلس النواب بتشكيل مجموعة صداقة برلمانية مصرية أمريكية وأن تبدأ الاتصالات سريعاً، لا سيما مع التغيرات المتوقعة فى البيت الأبيض، وهنا يمكن للسيد جمال هلال أن يلعب دوراً محورياً لصالح بلده، مصر.

No comments:

Post a Comment