Translate

Wednesday, September 28, 2016

المناظرة - د. عماد جاد - جريدة الوطن - 28/9/2016


جرت المناظرة الأولى بين المرشحين الجمهورى دونالد ترامب والديمقراطى هيلارى كلينتون مساء الاثنين الماضى بتوقيت واشنطن (فجر أمس الثلاثاء بتوقيت القاهرة)، وما إن انتهت المناظرة حتى بدأت التحليلات واستطلاعات الرأى تتدفّق لتجيب عن سؤال: مَن الذى انتصر فى المناظرة الأولى؟ وجاءت الإجابات حسب انتماءات الجهة القائمة بالتحليل والاستطلاع، فالجهات الديمقراطية قالت إن «كلينتون» سحقت «ترامب» وفازت عليه قى المناظرة الأولى، والجهات الجمهورية والقريبة منها قفزت إلى قول إن «ترامب» حقّق الفوز فى أول مناظرة، بينما المحللون الأقل تأثُّراً بالانتماء الحزبى، والذين تحلوا برؤية تحليلية موضوعية وصلوا إلى نتيجة أن المناظرة الأولى لم تكن حاسمة لمصلحة أىٍّ من الطرفين، فلا «كلينتون» انتصرت وحقّقت مزيداً من التقدّم، ولا «ترامب» تعرّض لهزيمة ومزيد من التراجع فى استطلاعات الرأى، ومن ثم فالأمر مؤجّل إلى مناظرتين مقبلتين بين المرشحين.
الأداء فى المناظرات يعتمد على الخبرة والتدريب والإصغاء للمستشارين، ووفق هذا التحديد، فقد كان متوقعاً أن تكتسح «كلينتون» «ترامب» فى المناظرة لأسباب عدة، منها أن «هيلارى» سبق وعاشت أجواء المناظرات فى تجربتين مع زوجها بيل كلينتون، وهى أجواء تمكن زوجها من الفوز بالانتخابات مرتين متتاليتين، كما أنها عاشت معه ثمانى سنوات فى البيت الأبيض واكتسبت خلال هذه السنوات خبرات كثيرة، وعاشت أجواء التفاوض والأداء الدبلوماسى، ثم خاضت بعد ذلك تجربة السباق للفوز بترشيح الحزب الديمقراطى عام ٢٠٠٨ أمام باراك أوباما، وانتزع منها الأخير بطاقة ترشيح الحزب، بعد أن قامت بحملة ممنهجة لتشويهه والادعاء بأنه «إرهابى كينى»!! وقبلت بعد ذلك العمل معه كوزير للخارجية لدورة كاملة، أى أربع سنوات، خرجت منها بفضائح كثيرة، أبرزها استخدام بريدها الإلكترونى الخاص فى إرسال رسائل رسمية، وارتباط مؤسسة زوجها بعلاقات مالية مع عواصم تدعم الإرهاب والجماعات المتطرّفة، ودورها فى تسهيل تغلغل رجال الجماعة فى الخارجية والبيت الأبيض أيضاً. أما «ترامب» ذلك الملياردير المقبل من خارج مؤسسات الدولة الأمريكية فهو شخص متهور، مندفع، سريع الاستجابة للاستفزاز، لا يحسب كلماته بدقة قبل أن تخرج من فمه، أى أن لسانه يسبق تفكيره، ولا خبرة سابقة له فى العمل مع مؤسسات الدولة أو خوض تجارب العمل الحزبى ودخول أجواء المناظرات.
ونعرف أن دور المناظرات حاسم فى جذب الأصوات العائمة، أى غير المنتمية حزبياً، والتى لم تحسم أمرها بعد فى التصويت لأىٍّ من المرشحين، فأياً كان أداء المرشح فى المناظرة فلن يؤثر فى الفئة المنتمية حزبياً له أو لخصمه، تأثيره يكون فقط على مواقف الأصوات العائمة أو المتردّدة أو التى لم تحسم أمرها، ووفق هذه الرؤية نستطيع أن نقول إن «ترامب» صمد فى المناظرة الأولى وأفشل خطة «كلينتون» التى كانت تعتمد على جره للحديث عن ملفه المالى والضريبى وأيضاً استفزازه للخروج عن شعوره. انتهت المناظرة الأولى وكل معسكر يقول إن مرشحه حقق الفوز فى المناظرة وإنه تقدم على خصمه، والحقيقة أن المناظرة الأولى انتهت دون فوز كلينتون أو هزيمة «ترامب»، فلا «كلينتون» فازت ولا «ترامب» خسر، وهو أمر يُحسب لمصلحة المرشح الجمهورى، مقارنة بالخبرات المتراكمة لدى «كلينتون»، التى كانت تُرشحها لتحقيق مزيد من التقدّم فى أول مناظرة مع «ترامب»، ومع انتهاء المناظرة الأولى بدأت على الفور الاستعدادات للمناظرة الثانية، التى قال عنها «آرى فلايشر»، المتحدث باسم البيت الأبيض فى عهد جورج بوش الابن، الجمهورى، أنها سوف تشهد تحسّناً كبيراً فى أداء «ترامب».

No comments:

Post a Comment