Translate

Monday, October 23, 2017

د. عماد جاد - الدولة وهيبتها - جريدة الوطن - 24/10/2017

تخوض الدولة المصرية حرباً شعواء ضد فلول الجماعات الإرهابية الموجودة على أراضينا من بقايا زمن حكم المرشد والجماعة، ومجموعات أخرى تفد إلينا من الخارج بعد أن تلقت ضربات شديدة فى مواطنها أو المواقع التى كانت تمثل بيئة خصبة لها، فلدينا تيار قوى من الجماعات المتشددة التى تنتمى إلى الجماعة والتيار السلفى ورصيدهما من الشباب الذى تم التغرير به ودفعه إلى تبنى الأفكار المتشددة بفعل مناهج التعليم المدنى والدينى والتنشئة على أيدى رجال دين متشددين، ففى زمن الجماعة وسنة حكم المرشد فوجئنا جميعاً بضخامة من كشف عن انتمائه للجماعة وللتيار السلفى، هذا عدا عن الانتهازيين والمنافقين الذين يرتدون ثياب كل تيار يصل إلى السلطة، وقد تعاون هؤلاء جميعاً فى زمن الجماعة حيث قفز عدد من أعلن عن انتمائه للجماعة، كما شهدنا مظاهرات ومسيرات هائلة وبرز بقوة التيار السلفى الذى قام باستعراض عضلاته وعضويته فى جُمعتى «قندهار» ثم «الشريعة والشرعية» وتحركت عناصره وأعلنت عن الدفع بعناصر منها للقتال فى سوريا وليبيا بل والعراق لاسيما ضمن صفوف «داعش». وزاد على ذلك ما بدأ يتسرب إلى أراضينا من عناصر متطرفة مسلحة فقدت أرضيتها فى العراق وسوريا ثم ليبيا، وقررت التسلل إلى مصر عبر الحدود مع ليبيا والسودان للقتال ضد الشعب ومؤسسات الدولة، ومحاولة الانتقام من المصريين الذين قلبوا الطاولة فى المنطقة بالكامل فى الثلاثين من يونيو. وقد شهدنا تزايد نشاط هذه الجماعات على أراضينا على مدى العامين الأخيرين من تفجير للكنائس واعتداءات على الأقباط بشكل جماعى وأيضا فردى، إضافة إلى استهداف مؤسسات الدولة المصرية.
إذن، هى حرب معلنة من جماعات العنف والإرهاب ضد الشعب المصرى ومؤسسات الدولة المصرية، هذه الحرب تقتضى أولاً اليقظة الشديدة من جانب مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، وتقتضى ثانياً أعلى درجات التعاون بين هذه الأجهزة وبعضها البعض، فنحن لسنا فى مرحلة استعراض لعضلات من مؤسسة على أخرى أو من جهاز على آخر، فالحرب على الشعب والدولة حادة وقاسية ومن ثم فإن مواجهتها تقتضى أعلى درجات الحيطة والحذر وأقصى درجات الشفافية والتنسيق والتعاون بين مؤسسات الدولة وأجهزتها.
أيضاً لا بد من احترام الشعب المصرى ومصارحته بالحقائق فى الإطار الذى لا يضر بأمن البلاد أو يؤثر على سير العمليات ضد الجماعات الإرهابية، فكل من هو موجود على رأس سلطة أو جهاز لا بد أن يقتنع بأنه موظف عام مكلف من قبل المصريين بأداء مهام محددة لمدة محددة ويحصل فى سبيل ذلك على مقابل مالى مادى ومقابل معنوى (نفوذ) ومن ثم لا بد من تطبيق معايير التقييم على كل من هو فى موقع مسئولية ومحاسبة جميع المسئولين وفق معدلات الأداء، فلا أحد فوق المساءلة ولا أحد فوق القانون. تطبيق معايير الشفافية والمحاسبة يساعد فى ضبط الأداء ويطبق مبدأ الثواب والعقاب ومن ثم يتحقق الإنجاز المطلوب وتتشكل ملامح هيبة الدولة وصورتها فى الداخل والخارج. أخطر ما يمكن أن تتعرض له دولة فى خضم حربها على الإرهاب هو تنحية القانون جانباً وتغليب المكون الأمنى على المكون السياسى، فمثلما هو معروف أن قرار الحرب أخطر من أن يترك للعسكريين، لأن الحرب هى امتداد للسياسة بوسائل أخرى، فإن معركة الإرهاب أخطر وأكبر من أن تترك لرجال الأمن، بل هى مسئولية سياسية بالكامل، ووفق الدستور المصرى لمجلس النواب محاسبة المقصر من الوزراء والتصويت على عزله من منصبه.

No comments:

Post a Comment