Translate

Monday, October 23, 2017

د. عماد جاد - مَن المسئول؟ - جريدة الوطن - 23/10/2017

لن أتناول الجريمة الإرهابية التى ارتكبت ضد قوات الشرطة على طريق 6 أكتوبر - الواحات من زواياها الفنية المتخصصة، فتلك مسئولية خبراء الأمن فى بلدنا، وما أكثرهم، كما أنها مسئولية الجهات المعنية داخل وزارة الداخلية ومؤسسات الدولة، ولكننى سوف أتناول فقط قضية العقلية التى أدارت المشهد إعلامياً، فقد كشفت الإدارة الإعلامية للأحداث عن غيبوبة سياسية وجريمة فى حق الوطن والمصريين، فهناك من أصدر تعليمات للفضائيات المصرية الخاصة، وبعث ببرقية إلى المسئول عن التليفزيون المصرى يطلب فيها بوضوح مواصلة خريطة البرامج كالمعتاد، وتجنب الحديث عما يجرى على أطراف محافظة الجيزة، وقد كان، فتناقلت وسائل التواصل الاجتماعى الحدث، وتدحرجت كرة الثلج وتضخّمت، ووجدت قنوات الجزيرة القطرية ضالتها المنشودة للتشفى من مصر والمصريين، وأخذت تبث مواد كاذبة ومعلومات خاطئة عما يجرى، وما زاد من حيرة المصريين وبلبلتهم أن «الجزيرة» كانت تنقل مشاهد الكر والفر على الهواء، وتقول إنها تقوم بتغطية ما يجرى على أطراف محافظة الجيزة مباشرة، فى وقت جرى فيه عن عمد تغييب الإعلام المصرى عن المشهد، اندفع المصريون للبحث عن معلومات حول ما يجرى على أراضيهم، بحثوا فى الفضائيات الإخبارية العربية، مثل العربية وسكاى نيوز، وفى الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية، مثل بى بى سى، وفرانس 24، ودويتش فيله، والحرة، وتعرضوا لعملية غزو معلوماتى بعضه خبيث عن عمد، والأنكى أن بعض المتنطعين والباحثين عن الوجود فى المشهد، ولو على جثث المصريين تدخلوا وكتبوا على صفحاتهم معلومات خاطئة تماماً وأسهموا فى الترويج للمعلومات الكاذبة التى وردت فى بعض القنوات، مثل «الجزيرة»، وهناك من انبرى للتأكيد على ضخامة عدد الضحايا فى صفوف قوات الشرطة، ورقم الخمسين ضحية ذُكر على صفحة شخصية إعلامية تدّعى ليل نهار قربها من رأس السلطة والأجهزة المعنية. وهناك من حاول تحقيق سبق إعلامى على جثة الوطن بأن أعاد بث فيديو مفبرك قيل إنه حوار بين مسئولين وضباط فى موقع الحادث، خلاصته بث حالة من الفزع والخوف والتأثير سلبياً على الروح المعنوية للشعب والقوات.
وبعد أن وقعت الكارثة وانتشرت الأكاذيب كالنار فى الهشيم، صدرت الأوامر للفضائيات المصرية بتغطية ما يجرى، ولكن بعد أن حقق الأعداء ما أرادوا ونشروا البلبلة وروجوا الأكاذيب وشاركهم فى ذلك بعض ضعاف العقول من الإعلاميين المصريين.
السؤال هنا: مَن الذى أصدر الأوامر بعدم التغطية، ما موقعه الوظيفى، وهل هناك فى الأجهزة اليوم من يعتبر نفسه سيداً، والشعب من العبيد أو الخدم عليهم الطاعة العمياء؟ مَن أقنعه بذلك، فى تقديرى أن منع الإعلام المصرى من حكومى وخاص عن تغطية جريمة الواحات يمثل جريمة فى حق مصر والمصريين، ولا بد من محاسبة المسئول عن ذلك بشفافية كاملة، فنحن نلمس رغبة دفينة فى إعادة إنتاج إعلام الستينات، فى حين أن عجلة الزمن لا تدور إلى الخلف، فلا الواقع كما كان فى الستينات، ناهيك عن التطور التكنولوجى الهائل، ولا الشعب اليوم مثلما كان فى الستينات.

No comments:

Post a Comment