Translate

Sunday, November 19, 2017

د. عماد جاد - دواعش «الداخل» - جريدة الوطن - 18/11/2017

كشف الحوار الذى أجراه عماد أديب مع الإرهابى الوحيد المتبقى على قيد الحياة من المجموعة التى نفذت جريمة الواحات، وهو ليبى الجنسية، عن فجوة كبيرة تفصل بين الإرهابى ومحاوره، فالأول ثابت الجأش لديه قناعة بكل ما يحمل من فكر متطرف دموى، لا مكان للإنسانية داخل فكره أو قلبه، فهو منتمٍ لجماعة تريد إقامة الدولة الإسلامية وهذه الغاية العظيمة لديه تبرر كل الوسائل بما فيها القتل والتفجير، ولأن الفكرة عالمية فقد ترك ليبيا وجاء ليحارب النظام «الكافر» فى مصر، حاول المحاور أن يأخذه إلى أرضية إنسانية فيبدى الندم على ما فعل وارتكب من جرائم ومارس من إرهاب، ولأن الرجل مؤمن بكل ما يعتنق من فكر يتبع ابن تيمية وأبوالأعلى المودودى، ولأن قائد الخلية الإرهابية ضابط مصرى سابق، فقد رفض مجاراة محاوره على الأرضية الإنسانية. وفى تقديرى أن أخطر ما جاء فى حديث الإرهابى يتعلق بتجنيد عشرات الشباب المصرى وهم فى مسيرتهم لإقامة معسكر فى صحراء مصر الغربية، فقد جاءوا من ليبيا ومروا بالقرب من محافظات مصرية من قنا إلى سوهاج فأسيوط فالمنيا ثم بنى سويف وأخيراً الفيوم، وفى كل هذه المحافظات وجدوا من تعاون معهم ويقدم لهم المؤن ويتستر عليهم، وهو أخطر ما فى الموضوع، دواعش الداخل، نعلم أن نحو خمسة آلاف مصرى انضموا إلى داعش فى سوريا والعراق، وأن هذا العدد هو الذى تمكن من الخروج، غالبيتهم فى سنة حكم مرسى، والبقية بالتوجه إلى تركيا ومنها إلى سوريا والعراق، ما يعنينا هنا هو هذا العدد من حاملى الفكر الداعشى ويعيشون بيننا، وهو عدد يصعب تقديره، فقد تبنت الدولة ومؤسساتها منذ عهد السادات فكرة إرسال الشباب للقتال على أرضية دينية، وهو ما أعلنه السادات بوضوح حيث نفذ طلبات واشنطن بتشكيل فرق المجاهدين للقتال فى أفغانستان ضد قوات الاحتلال السوفيتى، وكان الشعار المرفوع لجمع الشباب للذهاب إلى أفغانستان هو الدفاع عن الإسلام الذى يتعرض للخطر على أيدى السوفيت الملاحدة، وتم التخطيط بين السادات فى مصر، و«ضياء الحق» فى باكستان ومدير المخابرات السعودية كمال أدهم، وبدأت عملية تسفير الشباب إلى أفغانستان، وكان الشباب الذى ذهب ومنهم «بن لادن» هم نواة تنظيم القاعدة، بعد انسحاب السوفيت عام 1989، منهم من عاد للجهاد فى الوطن الأم ومنهم من انتقل للجهاد فى دول أخرى مثل البوسنة، والشيشان، وكوسوفو ثم العراق وسوريا، وما تنظيم الدولة أو داعش إلا طبعة أكثر تطرفاً وتوحشاً ودموية من القاعدة، وباتت تعتمد على الصلة الفكرية لا التنظيمية ومن ثم لا يمكنك حصر أو توقع أعداد المنضمين إلى التنظيم.
فى تقديرى أن أخطر ما يواجهنا اليوم، إضافة إلى عودة دواعش من سوريا والعراق، هو دواعش الداخل الذين يمثلون خطراً شديداً على أمن البلاد واستقرارها.

No comments:

Post a Comment