Translate

Saturday, November 4, 2017

د. عماد جاد - تغييب القانون - جريدة الوطن - 4/11/2017

تعرف الدولة وفق قواعد القانون الدولى بأنها شعب وأرض وحكومة ذات سيادة، وسلطات ثلاث تتولى التشريع وتطبيق القانون ثم تنفيذه، ومن أهم معايير التمييز بين الدول بل وتصنيفها من حيث درجة التطور والتقدم أو السير على طريقه هو معيار تطبيق القانون بشفافية تامة وعلى كافة المواطنين دون تمييز، لاعتبارات تتعلق بالطبقة الاجتماعية أو الانتماء العرقى أو الدينى أو الطائفى، تطبيق القانون بشفافية وعلى الجميع هو معيار من أهم معايير تقدم الأمم، ويحتل مكانة متقدمة ضمن عوامل قياس تطور الأمم، فتطبيق القانون بشفافية يعنى أننا فى دولة يحكمها القانون، ولا مجال للتمييز بين المواطنين بسبب عوامل انقسام أولى أو ثانوى، يعنى محاسبة الجميع من حكام ومحكومين، يعنى عدم التمييز، يعنى مواجهة الفساد، يعنى الشفافية والمحاسبة، تطبيق القانون بشكل عام مجرد على الجميع دون تمييز يعنى ببساطة دولة عدل ومساواة، نزاهة وشفافية، لذلك ليس غريباً أن تجد علاقة طردية أو إيجابية بين درجة تقدم وتحضر الدول وبين سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، والعكس صحيح، بمعنى أن الدول التى تطبق القانون بشكل انتقائى وتميز بين مواطنيها بسبب الطبقة الاجتماعية والانتماء السياسى أو الدينى والطائفى عادة هى دولة متخلفة تنتمى للعالم الثالث، وتفصلها مسافة كبيرة عن الاقتراب من العالم الثانى، وإذا نظرنا إلى حالنا فى مصر فسوف نجد تغييباً متعمداً للقانون فى مجالات عديدة، وتطبيقاً شديد القسوة لبنود من القانون لاعتبارات تتعلق بعوامل انقسام أولى، مثل اللغة والعرق والدين والطائفة، أو عوامل الانقسام الثانوى مثل الطبقة الاجتماعية والانتماء السياسى، خذ على سبيل المثال ما يسمى لدينا بقانون ازدراء الأديان (الفقرة «و» من المادة 98) هذا القانون سيئ السمعة يطبق بكل قسوة على الأقباط والكتاب والمبدعين ويتم سجنهم لمجرد تعليق أو اجتهاد، بل تسبب فى هروب أطفال أقباط إلى الخارج بسبب الحكم عليهم بأقصى عقوبة فى القانون وهى السجن خمس سنوات بسبب مقطع مدته عشرون ثانية كانوا يقلدون عناصر داعش وهم يذبحون البشر، هذا بينما لدينا تسجيلات لعشرات الشيوخ وهم يسبون المسيحية ويصفونها بالديانة الفاسدة، لدينا تسجيلات لبرهامى وهو يقول إن النصارى فى مصر أقلية كافرة مجرمة، بل دخل على الخط أحد مستشارى شيخ الأزهر وهو الشيخ عبدالله رشدى ليقول فى كل مناسبة إن النصارى كفار ومشركون، ولم يقترب القانون منهما، فقد جرى تغييب القانون تماماً وكان حال الحكومة هنا هو حال القردة الصينية (لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم)، نفس الأمر ينطبق على قانون بناء الكنائس الذى تحول على يد البيروقراطية المصرية إلى قانون منع بناء وترميم الكنائس والتنكيل بالمسيحيين والاجتهاد فى حرمانهم من الصلاة أو ممارسة الطقوس، أيضاً خرج أحد المحامين من طالبى السهر ولم يكن معروفاً عنه أى علاقة بالجماعات الدينية ويطلق تصريحات مسيئة للأقباط بل ومهينة للمرأة المصرية وتعتبر مخالفة صريحة لحزمة كبيرة من القوانين، ويدعو صراحة إلى اغتصاب أى فتاة أو امرأة مصرية ترتدى «بنطلون» بل ويقول إن اغتصابها واجب قومى، ويترك حراً طليقاً يعيث فساداً فى الأرض، كل ذلك يقول ببساطة إننا فى دولة تقبع فى ذيل قائمة الدول التى لا تطبق القانون بشفافية أو تطبقه بشكل انتقائى، وهو أخطر أشكال التلاعب بالقانون، فنحن فى دولة تغييب القانون.

No comments:

Post a Comment