Translate

Wednesday, September 23, 2015

مسيحيو حزب النور - فاطمة ناعوت الحوار المتمدن- 2015 / 9 / 21

     


تزامنًا مع أعياد المسيحيين كلّ عام، تُصدّعُ رؤوسَنا أصواتُ التيار السلفي الصارخة الغليظة بتحريم وتجريم وتعظيم وتهويل وتكفير تهنئة المسيحيين بالعيد ولو بابتسامة بشوش مصحوبة بكلمة ودّ طيبة كأن يتمنى المرءُ للمرءِ عامًا جديدًا سعيدًا، وآمنا. وأضع عشرة خطوط تحت كلمة (آمنًا). أي خلوًا من حرق الكنائس (إمبابة نموذجًا ) أو هدمها (صُوْل نموذجًا) أو تفجيرها (القديسيْن نموذجًا)، أو تشويه معالم الكنائس وكسر صلبانها (الماريناب نموذجًا) أو قتل المسيحيين في حفلات أعراسهم بمن فيهم الأطفال والطفلات (المريمتان في كنيسة شبرا نموذجًا)، أو خطف نسائهم (كاميليا نموذجًا )، أو تهجير المسيحيين عن ديارهم وتشريدهم (بني سويف نموذجًا)، وغيرها من النماذج المخزية التي لا تروّع أبناء مصر، مسلمين ومسيحيين وحسب، إنما ترسم نقطة سوداء كبيرة مخجلة في تاريخ مصر الذي نكتبه الآن جميعًا بكل أسف بأقلامنا المرتعشة إما خوفًا أو خجلا.
لهذه الأسباب وغيرها، كره المصريون تكوّنَ الأحزاب الدينية التي مشغولةٌ هي بأمرين لا ثالث لهما: المسيحيّ – المرأة.
تُبدع تلك الأحزابُ في ابتكار فنون صياغة فتاوى وتصريحات حول كيفية قهر المسيحي وإذلاله وتكريس فكرة خاطئة كاد هو ذاته (المسيحي) أن يقتنع بها. تلك الفكرة تقول: "إن المسيحي ضيفٌ ثقيل الوطء على هذه الدولة مصر، أو في أفضل الأحوال هو مواطنٌ من الدرجة الثانية.” (كويس إننا سايبينه يعيش وسطينا يعني!). وبالفعل صدّق كثيرٌ من المسيحيين تلك الأكذوبة الركيكة الضحلة التي ينكرها المثقفون النبهاء، كما يُنكرها ويستنكرها التاريخُ غاضبًا وهو يذكّرنا بتعريف كلمة (قبط) معجميًّا وتاريخيًّا، مثلما يذكّرنا بستّة قرون ونصف القرن عاشتها مصرُ محذوفة من كتب التاريخ كعادة كتب التاريخ المزيفة التي يكتبها المأرخون الكذبة وفق هواهم وخيالهم المشوّش. 
أما (المرأة)، فهي شغل التيار السلفي الشاغل. يفكر في ساقيها أكثر مما يفكر في ساقيه، وفي نحرها وصدرها وخصرها، أكثر مما يفكر في دماغه وجسده واتزانه النفسي. المرأة وشؤونها "الداخلية" الخاصة هي محور اهتمام ذلك التيار منذ أن يصحو من نومه وحتى يغرق في سُباته العميق. وفي نومه يظلُّ ينتظرها حتى تزوره في الحُلم وبهذا تكون المرأةُ، ذلك الكائن الشيطاني المُغوي، قد ملكت على التيار السلفي يومَه كاملا بأربع وعشرين ساعاته كاملات غير منقوصات.
هل قلتُ إن التيار السلفي مشغولٌ بأمرين لا ثالث لهما؟! لا والله، لم أكن دقيقة في زعمي. بل هناك أمرٌ ثالثٌ يسلب عقل ذلك التيار مع المرأة والمسيحي. أمرٌ يملك عليه فؤاده، ويُجري لُعابه منذ عرف طريقَه إلى مصر الطيبة. السُّلطة. حلم اقتناص السلطة يستلبُ عقل التيار السلفي شأنه شأن الإخوان المجرمين وشأن كافة مهووسي التسيّد والتجبّر وسرقة الأوطان واستعباد البشر واستحلال أجساد السبايا والإمات. 
لهذا يناهضُ العقلاءُ من أبناء بلادي تلك الأحزاب ويطالبون بحلّها لأنها مخالفة للدستور الذي ينصُّ على رفض قيام أحزاب على أسس دينية أو عقدية أو عرقية. ولكن السلفيين الأذكياء ينجحون في تكوينها ويدعمهم القانون؟ كيف؟ وبأي شرعية؟ لأن هناك دائما طوابير خامسة تقوّض أمن المجتمعات وتحرق أحلام نهضتها وتزعزع سلامها.
مسيحيون "أذكياء!" نجح قادةُ الأحزاب السلفية الأذكياء (حقًّا) في إقناعهم بالانضمام إلى أحزابهم الدينية الإسلامية؛ فسقطت بهذا عن تلك الأحزاب صفة "الدينية"، بما أنها ضمّت مسيحيين "شرفاء" إلى جوار غُلاة المتأسلمين المتطرفين السلفيين! 
لنذهب إلى أولئك "الأذكياء الوطنيون الشرفاء!” من مسيحيي حزب النور السلفي، وننظر ماذا يقولون، وليبكِ معي مَن يبكي، وليستأ معي مَن يستاء، ويضحك معي الضاحكون، ويندهش معي المندهشون، ولينظرِ المصريون كافة ماذا هم فاعلون مع تلك الأحزاب في الانتخابات البرلمانية الوشيكة.
يقول مسحيو حزب النور السلفيّ: 
حزبنا قانونى ودستوري ووطنى وليس دينيا، وله قواعد شعبية كاسحة، ومن المستحيل حله.
نؤمن بمبادئ حزبنا كما نؤمن باكتساحه في الانتخابات ولو طالبوا بتطبيق الشريعة الاسلامية وقطع اليد ورجم الزواني لكنا أول من نؤيدهم ونباركهم.
* نحن بالنسبة لزملائنا في الحزب كفار بدينهم، هم كفار ايضا بديننا وهذا مايدعم وحدتنا الوطنية فالدين لله ولا دخل له بالسياسة.
* لا يهنئوننا بأعيادنا ونتفهم ذلك، لأنهم لو فعلوا لاعترفوا بربوبية يسوع وقيامته المجيدة. ولا نهنئهم بأعيادهم أيضا فقط لعدم إحراجهم حتى لا يُفهم أننا نطالبهم بالمثل.
* حزبنا لم يقف للسلام الجمهورى ورفض تحية العلم لانهم اعتبروه وثنا وصنما لكن مع وضع قانون يجرم ذلك وقفوا وحيوا العلم المصري لأنه رمز الدولة.
لم تنفعنا أو تدعمنا الكنيسة سياسيا في أي وقت فما المانع الشرعي من البحث عن مصالحنا بعيدا عنها؟
نقول لمن يشبهوننا بيهوذا خائن يسوع وبائع رأسه: نحن لسنا خونة بل نعرف طريقنا جيدا ومرة أخرى نقول حزب النور قدم لنا ما لم تقدمه الكنيسة ولا شعب الكنيسة.
سنحصل على أصوات إخواننا المسلمين ولا نعول على الكتلة التصويتية للأقباط فهم قلة في دوائرهم.
***

انتهت تصريحاتهم "الذكية!” التي أشكر عليها العضو السلفي الذكي (بحق) الذي صاغها لهم ليضعوها على ألسنهم وهم لا يفهمون معناها وتوابعها عليهم أولا، قبل أن تنسحب علينا نحن المصريين كافة. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أُنهي مقالي بمثل شعبي مصري شهير يقول: “خيبة الأمل راكبة جمل.”

No comments:

Post a Comment