Translate

Tuesday, September 15, 2015

مصر تحصل على ١٦ من ١٠٠ فى شفافية الموازنة بقلم د. محمد أبوالغار ١٥/ ٩/ ٢٠١٥

أعلنت المؤسسة الدولية لشفافية الموازنة، فى تقريرها السنوى الذى صدر يوم الأربعاء، أن مصر حصلت على ١٦ نقطة من ١٠٠، وهى نتيجة مفزعة، لأنها تضع مصر قرب ذيل دول العالم فى هذا المقياس للشفافية. هذه المؤسسة، التى يُرمز لها بالحروف (IBP)، مؤسسة مستقلة غير قابلة للربح. المنظمة محايدة تماماً ولا تسيطر عليها أمريكا أو الغرب أو أى دولة أخرى، وتؤسس تقديرها على ثلاثة أركان، أولها الدقة والأمانة فى أرقام الميزانية المنشورة، وثانيها الشفافية، وهى تعنى الوضوح الكامل والصراحة فى أرقام الميزانية وعدم إخفاء بعض الأرقام فى عبارات مبهمة وإعلانها فى الوقت المناسب، والأمر الثالث هو مدى مشاركة المجتمع فى مناقشة الموازنة وبنودها وطرق صرفها. وهناك أمران إضافيان، هما مراجعة أرقام بنود الميزانية بهيئات محايدة معتمدة، والنقطة الأخيرة هى مناقشة الميزانية فى البرلمان.
الغريب فى الموضوع أن مصر كانت فى أسوأ مستوى بين عامى ٢٠١٢ و٢٠١٥، بينما الوضع كان أحسن حالاً قبل ٢٠١٠، حين حصلنا على ٤٦ من مائة. هناك نقاط لابد من أخذها فى الاعتبار:
- أولاً: هذا المقياس ليس له علاقة بغنى أو فقر الدولة أو بقوة الاقتصاد، فمثلاً تأتى قطر والسعودية فى ذيل دول العالم (صفر من ١٠٠)، وهما من أغنى دول العالم.
- ثانياً: هذا المقياس يقدر مدى احترام الدولة لقواعد وضع الميزانيات بطريقة منتظمة وواضحة، والدرجات المنخفضة ترجع إلى ضعف المستوى المهنى لمن يضع الميزانية، أو إلى تدخل قوى داخل الدولة فى وضع الميزانية لإظهارها على غير حقيقتها.
- ثالثاً: هذا المقياس ليس له علاقة مباشرة بنزاهة الدولة، فقد تكون الدولة نزيهة، ولكنها تحصل على تقدير ضعيف جداً؛ لأنها لا تعلن أرقام الميزانية بدقة فى الوقت المناسب، ولم تقبل المشاركة الشعبية، وقررت بنفسها أن هذا هو الصحيح.
- رابعاً: هذا المقياس له علاقة وثيقة بالشفافية. وأحياناً يكون نظام الحكم شديد الوطنية لكنه لا يؤمن بالشفافية، أو قد يكون النظام فاسداً، ومع ذلك تكتب الميزانية إلى حد ما بشفافية معقولة، إنما غياب الشفافية بالكامل هو الطريق السريع للانهيار الاقتصادى وقهر البشر.
- خامساً: هذا المقياس له علاقة وثيقة بالديمقراطية؛ لأن أحد أضلاع مثلث القياس هو المشاركة الشعبية، إما المباشرة أو غير المباشرة عن طريق البرلمان. لهذه الأسباب كانت على رأس القائمة نيوزيلاندا والسويد والنرويج، ولكن المفاجأة الكبرى هى وجود جنوب أفريقيا ضمن الدول الخمسة الأولى، وهذا يشير إلى خروجها من العالم الثالث، لأنها تنتج موازنة منضبطة فى موعدها وبمشاركة شعبية وبرلمانية. ولنذكر أنها كانت دولة بها مشاكل مركبة وعنصرية لكنها انتصرت بالديمقراطية والشفافية.
أنا بالطبع حزين لوضع مصر، ولكنى أعتقد أن هذا ربما يكون إنذاراً لنا لنسير على الطريق الصحيح.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

No comments:

Post a Comment