Translate

Monday, September 21, 2015

اتعلِّموا من بوركينا فاسو!! بقلم د. محمود عمارة ٢١/ ٩/ ٢٠١٥

ماذا فعلت «بوركينا فاسو» فى الزراعة؟
(أ) خبراؤهم وضعوا «رؤية استراتيجية».. وافق عليها مجلس الأمة.. قالت: المستهدف هو:
١- الاكتفاء الذاتى من الحبوب، فى أربع سنوات (كانوا بيستوردوا خمسة ملايين طن قمح وذرة وشعير)!
٢- ستصبح «بلاد الفاسو» أولى دول القارة الأفريقية فى إنتاج وتصدير القطن!
٣- عماد النهضة الاقتصادية هو: الزراعة- التصنيع الزراعى- والتصدير!!
وللوصول إلى هذه الأهداف.. وضعوا «خطة».. قالت:
أولاً: نفحت ترعة بطول ٨٠ كم، لنقل المياه إلى ١.٥ مليون فدان فى الصحراء (فحتوها فى ١٨ شهرا)!
ثانيا: عملوا خريطة (للمليون ونص فدان).. والخريطة «لففوها» على الجهات (الجيش- المناجم والمحاجر- والآثار) كل جهة عملت دايرة بالألوان.. وما هو خارج الدوائر من مساحات لا يحتاج إلى موافقات (مش زى عندنا) لف إنت يا مواطن هات الموافقات، ولجان ورشاوى وفساد من أولها، وضيّع من عمرك ٤ سنين!!
ثالثا: قسَّموا المساحات إلى «مُربّعات».. كل مُربّع خمسة أفدنة.. وحطّوا السعر للفدان على كل مُربّع.. المساحات الملاصقة للترعة والخدمات (بألفين دولار).. والبعيدة التالية (بألف دولار).. والأبعد عن الخدمات (مجانا).. بشرط التزام الجميع «بالدورة الزراعية»!!
(عندنا المواطن عليه يُثبت الجدية، ويزرع الأرض.. وبعدين تنزل اللجان، تحدِّد سعر الفدان.. والفساد يشتغل (وحلَّق حوش) وامسك حرامى، والاتهامات مع الفضايح والجُرس، والإشاعات تملا صفحات الجرايد !!!).
(ب) «السياسات»:
أ - جيّشوا الشعب كله تحت شعار: «لا صوت يعلو على صوت النهضة الزراعية».. فى المدارس والجامعات والمناهج والشوارع والإعلام.. «فرسخوا» لدى الناس أن مستقبلهم فى الزراعة والتصنيع الزراعى والتصدير!!
ب - جعلوا البحوث الزراعية على رأس الأولويات.. فأنتجت لهم (تقاوى منتقاة ضاعفت الإنتاجية بـ ١٦ قنطار قطن للفدان (عندنا ٦ قناطير).. القمح ٢٧ أردبا (عندنا ١٦)- شتلات لنباتات الزينة، وبذور الزهور والورود، طبقا لمواصفات الأسواق الخارجية، وطبقا لاحتياجاتها. وأذواق المستهلكين فيها!
جـ- أسطول للنقل الجوى إلى أوروبا.. وتسهيلات للمزارعين والمستثمرين من البنك الأهلى للفلاحة.
د - معارض محلية ودولية، يحضرها رئيس الدولة (عندنا وزير الزراعة بيكسٌّل يروح)!
وهكذا نجحت «بوركينا فاسو» فى الخروج من الفقر (من ٢٥٠ دولارا، وصل دخل المواطن إلى ٢٨٠٠ $)، واكتفوا ذاتيا من الحبوب.. وتربّعوا على عرش الذهب الأبيض، فى قارتنا الأفريقية!! (مصر بتستورد ٤٠ ألف طن» قطن فاساوى (سنويا)!!
سيادتك هتسألنى: جايز الحكومة عندنا ما تعرفش، كل هذه الأفكار؟
هقول لسيادتك:
عام ١٩٨٦ قُلت (حكاية الخريطة اللى بتلف) لرئيس الحكومة وقتها د. على لطفى.. وشاهدى هو السفير رفيق صلاح الدين، بدار القنصلية المصرية بباريس.. وكرّرته للمخلوع مبارك، بمكتبه فى قصر عابدين (مارس ٩٢)، أمام السيد/ عمرو موسى، وزير الخارجية، ود. محيى الغريب، رئيس هيئة الاستثمار.. ثم كرَّرته على د. عاطف عبيد، رئيس الحكومة عام ٢٠٠٠ فى لقاء ثنائى، حضره د. صفوت النحاس مدير مكتبه.. ثم كتبته على نفس هذه الصفحة منذ ٩ سنوات، تحت عنوان: «التجربة الفساوية».. وأيضا قُلت رأيى للرئيس السيسى عندما بادر سيادته بالاتصال بى تليفونيا، بعد شهرين من تولَّيه السلطة!!
والنتيجة: لا فيه «خريطة» عليها الموافقات، ولا عليها الأسعار للفدان ولا يحزنون.. وللأسف قاعدين: «نعُك»، ونخبّط، ونهبّل، ونشتكى من الفساد، والفساد من صُنع الدولة.. ليه؟
١- لو سهّلنا الحياة على الناس (عملنا خريطة عليها الموافقات والأسعار) هيبقى عند المواطن وقت فراغ (هيلسّن على الحكومة - وهيقرف الدولة).. الأحسن خلّيه يلف حوالين نفسه، وخللى الفساد للرُكب عشان الأجهزة الرقابية، تلاقى حاجة تعملها!!
٢ - لازم المستثمر يبقى تحت إيدينا،، يتلامض نقرفه- نسحب منه الأرض- نجّرسه (زى ما بيحصل من ابتزار للجادين-غير المخالفين)!
٣- الموظفين تسترزق، وكل واحد يحط إيده فى جيب التانى- والمحامين تشتغل، والشرطة تاخد نصيبها و.. و..
* وإلاّ لماذا كل هذا «العك».. والحلول تحت رجلينا، وتجارب الدول منشورة ومعروفة؟
والنتيجة:
أتحدَّى لو فيه «عاقل» هيروح يستصلح ويزرع فدان واحد فى الصحرا الآن.. ليه؟
١ - الغلو الفاحش لمدخلات الإنتاج، وسوء حال العمالة (مفيش حد عايز يشتغل) وكل عامل محتاج عسكرى فوق دماغه!
٢- غياب «التعاونيات»، وعدم التزام الدولة بشراء المحاصيل (باستثناء القمح) مع تضارب القرارات الوزارية (نمنع استيراد القطن وبعد أسبوع قرار مُعاكس- ممنوع تصدير الرز ثم النقيض، وهكذا).
٣- دور «الصحافة المرتشية» فى تلويث سمعة المستثمرين الزراعيين «الجادين»، ومحاولات «ابتزازهم» من بعض المرتزقة!!
٤ - عدم تقنين الأراضى للجادين الملتزمين، هيشجّع مين؟
٥ - كل من يزرع الصحرا (يخسر الآن من ٢: ٦ آلاف جنيه فى الفدان) واسألوا من تعرفونهم، أو روحوا جرَّبوا (عدا المنتجين المصدَّرين، والمنتجين المصّنعين) أو من لديه عدة أنشطة، بجانب الزراعة (إنتاج داجنى أو حيوانى)!!
صباح الخير سيادة الرئيس
«منافيستو» النجاح معروف... و«الكتالوج» مكتوب.. اللى عايز ينجح ويقفز «يقرا، ويفهم الكتالوج» ويطبَّقه حرفياً!!
الخلاصة:
نعمل زى بوركينا فاسو.. رؤية استراتيجية (يوافق عليها مجلس النواب) منها «خطط»، و«سياسات»، و«برامج» بآليات، يديرها كفاءات.. هنطير إلى سماء العالمية خلال بضع سنوات.. وتبقى قد الدنيا!!
(وما تنسوش «الخريطة اللى بتلف» عليها الموافقات وأسعار كل فدان «لو عايزين تخلَّصوا على الفساد» بحق وحقيقى!!
حاجه تكسف.. عندما يصل الحال بأحفاد الفراعنة إلى هذا المستوى الفاضح والمهين، وماحدِّش مكسوف من نفسه!!!
نستكمل الإثنين القادم.

No comments:

Post a Comment