Translate

Monday, October 26, 2015

يا ناكل منها الشهد.. يا هنشرب عصير برسيم!! بقلم د. محمود عمارة ٢٦/ ١٠/ ٢٠١٥

أثناء زيارة العبقرى «أنور السادات»، إلى إسرائيل عام ٧٧، طلب زيارة «معهد بحوث الصحراء» هناك.. لأنه كان يعرف أن مستقبل مصر فى تنمية صحاريها.. ويعلم أنهم مُتربِّعون على عرش استصلاح واستزراع وتنمية الصحراء، والدليل: أنهم بـ٢ مليار متر مُكعب من المياه، نجحوا فى الاكتفاء الذاتى لـ٦.٥ مليون من البشر، ويصدِّرون مُنتجات غذائية، وأعشاب طبية. وزيوت عطرية، وتقاوى وورود بـ١٢ مليار دولار سنوياً!! ونحن بخمسين مليار متر مُكعب مياه للزراعة، نستورد بـ٢٠ مليار دولار أكل وشرب ودخان، وإجمالى ما نُصدَّره من خضار وفاكهة و«برسيم» لأحصـنة ومـواشى الخليـج بـ ٢ مليار دولار!!
كان الرئيس (الداهية) يريد أن يفهم: كيف نجحت بحوثهم الزراعية فى إنتاج تقاوى، يُنتج منها الفدان بالتنقيط ١٤ قنطار «قُطن» (ونحن بالغمر نُنتج ٥ قناطير)؟.. وكيف استطاعوا إنتاج قطن حيوى «ألوان» (أبيض، وأزرق، وفوشيا)؟.. ويُنتجون من فدان «الفول» ٣ أطنان، وإحنا يدوب «طن».. يصدَّروا «تقاوى» وكبد البط، وإحنا بنستورد ٤٠ ألف طن «قُطن» من بوركينا فاسو سنوياً، ونستورد بمليار دولار سجاير ودخان!!.
وبعدين نسأل هوَّ ليه الدولار طالع زى الصاروخ؟.
وبعد كل هذه «الخيبة» رايحين قال نغزو الصحراء.. بدون بحوث زراعية، ولا حتى دراسة جدوى اقتصادية.. ولا حتى نقرأ التجارب المُميَّزة، وناخد آخر سطر منها!!.. غُشومية قول.. عشوائية قول.. فتحة صدر قول!!.. لغاية ما الاتحاد الأوروبى قال من أسبوع: هذا عمل غير مؤسسى.. فقرَّرت الحكومة إنشاء شركة لإدارة المليون ونصف المليون فدان.. قبل حتى الاطلاع على تجربة «هيئة المشروعات والتعمير الفاشلة».. التى تأسَّست بقرار جمهورى عام ١٩٧٥، بغرض ظاهر من اسمها.. وبعد ٤٠ سنة مدينة الآن بـ٣١ مليار جنيه!!.
ثانياً: تعالوا نشوف ونتعلم، من تجربة إسرائيل للقرى التعاونية (أول قرية كيبوتس) تأسست عام ١٩١٠ على بحيرة طبرية، وللشركة التى أسّستها المخابرات الإسرائيلية، من خمسين سنة تحت اسم «أجرسكو».. ماذا فعلوا ليستمر نجاحهم إلى اليوم؟
١- جمَّعوا الشباب فى قُرى تعاونية «الكيبوتس».. مساحة القرية لا تزيد على ألفى فدان (عندهم بالدونم، والدونم = ١٠٠٠ متر)!!
٢- كل «كيبوتس» أو أكثر من المجاورين له، «يزرع صنفا واحدا»: فراولة- عنب- أعشاب طبية- نباتات عطرية... ليه؟
لتسهيل عمليات الزراعة بالميكنة الحديثة.. الإرشاد ومكافحة أمراض النبات.. الحصاد وتجميع المُنتجات.. ثم الفرز والتعبئة والتغليف والتبريد والنقل والشحن من مكان واحد!!.
(عندنا كل واحد يزرع اللى على مزاجه، بلا قاعدة بيانات أو إرشاد- كُله يزرع برتقال وبعد خمس سنين نقلَّع البرتقال.. «مشمش» ونقلًّع المشمش).. وكل واحد يبنى باكنج هاوس لنفسه.. يشتغل شهرين وقافل طوال السنة!!.
٣- فى مراكز التجميع والفرز.. تقوم «التعاونيات» بجمع فرزة التصدير من الدرجة التانية، لبيعها فى أسواق من المُنتج إلى المستهلك مُباشرةً (دون سماسرة أو وسطاء) فيتحصَّل المزارع على سعر معقول لمُنتجه، ويحصل المستهلك على السلعة بأسعار مقبولة (عندنا البرتقال بستين قرش بالمزرعة- فى السوق بأربعة وخمسة جنيه- والبصل بخمسين قرش، وللمستهلك بـ ٣ و٤ جنيه) فالفلاح يُفلس، والمستهلك يُلطم!! (عندهم الفرزة درجة تالتة، تذهب إلى التصنيع، فيخلقون فرص عمل بالآلاف تحتاج إلى مُهاجرين، ومنهم للأسف مصريون)!!.
٤- هُـناك كل المؤسسات المالية، تُقرض المزارع والمُصدِّر والمُصنِّع، وشركات للتأمين على المخاطر (مخاطر تقلبات الطقس- عدم الدفع للمُصدرين من المستوردين)!! عندنا إبقى قابلنى، لو لقيت بنك يُمِّول مشروعات زراعية!!.
٥- عندهم «Logo» واحد JAFA.. علامة تجارية موحَّدة.. فيسهُل الإعلان الجماعى بالأسواق العالمية.. (عندنا كل مُصدَّر عامل لنفسه Logo- غالباً اسم زوجته أو عشيقته (كتبت مرَّة عن واحد كاتب على الكراتين شركة Zizi.. وباعت البضاعة للسوق الفرنسية.. مش فاهم إن كلمة Zizi بالفرنساوى معناها: العضو الذكرى!!.. والفرنسيين يفـطسوا مـن الضحك علينا)!!.
٦- عندهم الرقابة على الواردات والصادرات بحق وحقيقى (عندنا بالرشاوى تاخد ورق بخاتم النسر على بياض- وتحط كراتين سجاير فى قلب كراتين الخرشوف.. وتدهن الزيتون الأسود بالورنيش) كل دا حصل وبيحصل حتى الآن.. بلا حساب، وممثلينا التجاريين فى الباى- باى (اللى بيتاجر فى الروبل، واللى بيأجَّر شقق مفروشة، واللى بيدلَّع نفسه (شُفت بعينى محدش قال لى)!!.
٧- لديهم منظومة للنقل (البرى والبحرى والجوى) وأرصفة بكل موانئ الدول المُستهدفين لأسواقها.. وتجدهم فى كل المعارض الدولية (فى سيال بباريس، وأنوجا فى ألمانيا) وسفيرهم واقف بنفسه يستقبل الزبائن.. وإحنا قاعدين بنجادل ونقاوح.. وبعدين نتكلم عن «المؤامرة الكونية»!!!!
صباح الخير أيها المسؤول عن المليون فدان (اللى ما نعرفش هوَّ مين):
عايزين تعملوا شركة تصلَّح وتزرع، وتصدَّر وتصنَّع، وتعمل تنمية مُستدامة.. اقرأوا وافهموا تجارب الآخرين الناجحة، وناخد آخر سطر.. وبغير ذلك هنلبس فى الحيط!!.
الخُلاصة: لكم الخيار: «يا ناكل منها الشهد.. يا هنشرب عصير برسيم»!!
ونستكمل الإثنين القادم
■ ملحوظة: نسيت أقول لك: «إن الإسرائيليين (بمعهد بحوث الصحراء) قالوا للسادات: إنهم استفادوا جداً من أبحاث علماء مصر: د. القصاص، ود. مصطفى طلبة، ود. مُستجير!! (وما قالوش ده عيب ولا حرام).. عشان كده راحوا الفضااااء، وإحنا غرقانين فى شبر مــاااء!!
(الله يرحمه» أنور السادات.. (كان سابق عصره بخمسين سنة)!!.

No comments:

Post a Comment