Translate

Monday, December 23, 2013

حول الحجج الواهية لرئيس الوزراء بقلم د. وجدى ثابت غبريال ٢٤/ ١٢/ ٢٠١٣ بالمصرى اليوم

فى تصريح تليفونى للدكتور حازم الببلاوى ببرنامج وائل الإبراشى، قرر رئيس الوزراء أنه لا يحق للدولة أو للحكومة أن تعلن أن جماعة ما جماعة إرهابية! وأن تلك هى مهمة القضاء وحده!
لا أدرى ما هو مصدر هذه المعلومة من الناحية القانونية، ولكنها لا تقوم على أى أساس فى القانون! لأن ليس من مهمة القضاء إعلان أو وصف أن منظمة أو جماعة ما إرهابية. مهمة القضاء الوحيدة هى المحاكمة الجنائية لأفراد بأعينهم عن وقائع محددة، ووفقاً لإجراءات قانونية معروفة تنتهى بحكم قضائى. ليس من مهمة أى قضاء فى العالم أن يعلن إعلاناً سياسياً بأن جماعة ما جماعة إرهابية.
ولكن من مهمة الدولة وسلطتها التنفيذية التى يرأسها السيد الببلاوى، أن تقوم بهذا الإعلان وتضطلع بمسؤوليتها، وترتب على هذا الوصف الأجزية الإدارية اللازمة والنتائج القانونية التابعة فى الجهاز الإدارى للدولة، مع ما يستتبعه ذلك من رقابة مالية ومحاسبية وإدارية وتأديبية.
إن إعلان أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية هو وصف سياسى لا قيمة قانونية له فى ذاته، ولكنه وصف يرتب نتائج قانونية مهمة فى الملاحقة الإدارية كما ذكرت، وفى الملاحقة القضائية أيضاً، ولعل ما حدث فى جامعة الأزهر وجامعة القاهرة على سبيل المثال يكفى فى ذاته لإطلاق هذا الوصف.
إن رئيس الوزراء لا يفرق بين ما هو سياسى ويدخل فى إطار سلطات الدولة التنفيذية، وما هو قضائى وقانونى ويدخل فى صميم الوظيفة القضائية.
نحن لا نطالبه هو بإصدار أحكام قضائية وإنما نطالبه بإعلان أو بوصف سياسى لأنشطه لا شك ولا شبهة فى طبيعتها الإرهابية. هذا التراخى والقصور فى القيام بالواجب يثير علامات استفهام كثيرة، تبدأ بالشك فى الأساس القانونى لهذا النوع من الحجج الواهية وتنتهى بالتساؤل حول شجاعة القرار السياسى وتحمل المسؤولية!
فليس بدعا من القول أن تعلن دولة، أو السلطة التنفيذية فيها، أن جماعة ما تمارس أنشطة عدوانية وعنفاً هى جماعة إرهابية. وقد سبق للدول التى تعشق إعطاء العالم دروساً أن أعلنت ذلك رسمياً مثل فرنسا وإعلانها أن جماعة الألوية الحمراء جماعة إرهابية، وفى أمريكا ذاتها اعتبر تنظيم القاعدة تنظيماً إرهابياً فى عهد جورج بوش، وكذلك أيضاً اعتبرت تركيا الجمعيات والأحزاب الكردية والشيوعية، بلا وجه حق، مجرد تنظيمات إرهابية محظورة. فما بالنا نحن فى مصر ولنا فى الحق ألف حق فى إضفاء هذا الوصف على إرهابيين يمارسون الترويع اليومى. والأمثلة عديدة أيضا فى إنجلترا وأيرلندا. وهذا كله ليس جديداً. وفى كل هذه الأمثلة كان القرار السياسى أو الإعلان السياسى سابقاً على التكييف القانونى والمساءلة القضائية عن أعمال محددة. فمهمة القاضى ليس الإعلان وإنما توقيع الجزاء.
عفواً يا رئيس الوزراء هذا دورك، فإذا كنت لا تريد الاضطلاع به اترك المنصب لمن لا يستشعر حرجاً فى القيام بالواجب!
* أستاذ القانون الدستورى
جامعة لاروشيل-فرنسا

No comments:

Post a Comment