Translate

Saturday, December 28, 2013

هيكل: كيرى اعترف بأن مشروع واشنطن كان توريث حكم مصر لعمر سليمان بالشرزق 28/12/2013


الأستاذ محمد حسنين هيكل يتحدث إلى الزميلة لميس الحديدي




عودة مصر إلى المدنية أهم شىء حدث فى 2013.. وقلق من تصفية الحسابات  

 الأستاذ محمد حسنين هيكل يتحدث إلى الزميلة لميس الحديدي الأستاذ محمد حسنين هيكل يتحدث إلى الزميلة لميس الحديدي الشروق • القاهرة مدعوة لجمع شتات العرب فى 2014 ولا بديل عن الجامعة العربية • نحن أمام عالم دون قيادة أو مايسترو لأول مرة بعد أن أدرك الأمريكان التكاليف العالية للدور القيادى • تصرفات المجلس العسكرى السابق أوحت للأمريكيين بأن «الإخوان» القوة الوحيدة.. وطنطاوى لم يتصور تسليم البلاد لها • الجماعات التكفيرية مستمرة لفترة .. والمخابرات يجب أن تنشط كقرون استشعار للدولة فى الخارج • روسيا قادمة إلى الشرق الأوسط لكن بحذر بعدما لدغت من نفس الجحر مرتين أيام قليلة على انتهاء 2013 بحلوها ومرها، ويأتى العام الجديد بالمزيد من المخاوف والتساؤلات والحيرة، حول مستقبل مصر والمنطقة العربية، التى تبدو حبلى بالكثير من الأزمات والصراعات، أو أقرب ما تكون أعلى فوهة بركان، سينفجر بين لحظة وأخرى، تبعا لحسابات الربح والخسارة، واختلاطا للأوراق على جميع المحاور، وهو ما يأتى عقب تسونامى عاصف فى منطقة أنهكتها سياسات أنظمة مهترئة. وفى حواره مع الإعلامية لميس الحديدى فى برنامج «مصر أين وإلى أين؟» على قناة «سى.بى.سى» الفضائية، يتحدث الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، محاولا فك الخيوط المتشابكة بين عام يمضى وآخر يقترب، عارضا رؤيته الاستشرافية حول المنطقة العربية العجوز، بين رهان الغرب وطموحات القوى الصاعدة، بين إرادة وأطماع القوى الكبرى وإرادة الشعوب، يقدم لنا الأستاذ رؤية عن نور فى نهاية نفق طويل: • هل ستواصل الجماعات الإرهابية والتكفيرية دورها فى نشر الفوضى؟ وهل هناك مستقبل لها فى المنطقة العربية؟ ــ الأفكار لا تموت بسرعة، ولا حملة الأفكار يختفون ببساطة، لكن تظل بعض المواريث، وأثبت الإرهاب أنه عقيم، لكننى حزين مما صنعناه فى الإسلام، هذا الدين العظيم، وبالطريقة التى استغل بها، فالصورة التى أعطاها الإرهاب للعالم عن الإسلام تقلقنى جدا، ويكفى لمن يريد أن يعبر عن الاسلام، أن يضع لحية كبيرة غير منمقة أو مهندمة، وعمة حمراء أو سوداء، وشيئا ما فى الجبهة. الصورة التى أعطوها عن الإسلام بشعة، وحتى تختفى هذه الصورة نحتاج إلى قوى للتنوير، وأعتقد أن من مميزات ما حدث فى مصر خلال 2013، أنها عادت إلى مدنيتها بشكل أو بآخر، بعد هذا الاقتحام للسلطة باسم الدين، وهى مدنية بطبيعتها، ولا يمكن أن تكون غير ذلك؛ لأن الدولة موجودة هنا لإدارة شئون الدنيا، وبالتالى لا يمكن ألا تكون غير مدنية. وسيأخذ استعادة مدنية الدولة بعد 30 يونيو وقتا طويلا، وما يقلقنى الآن من مسألة مدنية الدولة، هو تصفية الحسابات المصاحبة لها فى أوقات التغيرات الكبرى، فهذا كان موجودا فى الثورات الفرنسية والروسية والإيرانية.. والدكتور محمود فوزى وزير الخارجية ونائب رئيس الجمهورية الأسبق كان يقول «الحوادث كبيرة والرجال صغار». وكما قلت، استعادة مدنية الدولة تعتبر أمرا هاما فى 2013، لكن فى ظل هذه الأحداث الجلل، ما زلت أرى أشياء لا تليق فى تصفية الحسابات القديمة والجديدة، وهى تقلقنى بلا شك، لكن نحن فى منطقة انتقال، أو مرحلة نبحث فيها وسط الفوضى عن خارطة جديدة للعلاقات، وتحت قيادة لم تتحدد بعد، لكنها موجودة، وفى ظل استحالة استخدام القوات والجيوش المسلحة، بقت هناك الوسائل الجديدة والتكنولوجيا، لتقوم بدور ما، فالأمانى تسبق الإنجازات، ونحن أمام عالم قلق. • وإذا عدنا إلى الجماعات الإرهابية التكفيرية.. ماذا عن الدعم الدولى الخفى لها ماليًا ومخابراتيًا؟ ــ ستبقى موجودة لفترة ما، وسيستمر الدعم لها، فنتيجة لأحوال العالم العربى السيئة، حدث اختلال كبير فى أوضاعه، فالعالم كله رأى الفوضى فيه أشبه بحرب أهلية تقريباً، والنفاذ الخارجى الذى يشغل الجماعات التكفيرية يعتمد بشكل على عناصر فى الداخل، ولا أحد يريد لهذه المنطقة أن تقف، وأصحاب الموقع لا يستطيعون أن يحموه، ولا أحد آخر يبسط سيطرته عليه، فالخلل قائم منا بالأساس. وأعتقد أن التحديات المقبلة هى إمكانية جمع تحالف أو مجموعة قوى، ليتدبروا شكل المستقبل بطريقة عاقلة، وأعتقد أن مسئولية مصر فى 2014 وما بعدها هى كيف يمكن أن تجمع القادرين والراغبين فى العالم العربى فى فعل شىء، كما يجرى الكلام بين روسيا وأمريكا، وبين روسيا وألمانيا وروسيا والصين، وفى العالم العربى هناك قوى كثيرة، مثلاً الجزائر، التى ما زالت بعيدة، ولابد أن نذهب إليها ونجتذبها، وكذلك المغرب. • هل تقصد تحالفا غير الجامعة العربية؟ ــ أعتقد أن الجامعة العربية إذا سقطت لن نستطيع أن ننشئ شيئاً آخر، دعيها تكون مشروعا لنظام عربى، دعيها تكون مشروع أمل، لكن لم تعد هى الإطار الذى يمكن عمل شيء من خلاله، لكن مصر مع بعض الدول التى لا يزال لديها القدرة يمكن، مثل السعودية والجزائر ودول الخليج الجديدة، المليئة بالشباب، ومصر ليس عليها الحلف أو الجبهة، لكن على الأقل أن تجرى مشاورات بين القادرين والراغبين والمستعدين، والبحث فى إمكانية إنقاذ شيء من العالم العربى قبل أن يغرق كله، واستعادة بعض إرادة الفعل الموحد، ومواجهة الاختراقات الموجودة، ومواجهة العالم بصوت عربى عاقل. • يتركنا عام 2013.. ما هو شكل مصر والعالم العربى؟ ــ هناك فوضى، لكن طالما هناك حياة يوجد أمل، وأنا أعتقد أن هذا البلد بدأ يتنبه إلى أن مصر ليست هى الموجودة قبل 25 يناير، وليست هى الموجودة قبل 30 يونيو، هناك مصر جديدة تتشكل، وأعتقد أن هذا أمل، كما أعتقد أن السعودية ستدرك أن كل هذه المغامرات الحادثة فى سوريا، وإرسال السلاح، وتصريحات «سنكمل المشوار بمفردنا فى سوريا»، ستخرج الأصوات العاقلة فى الخليج. ولابد أن أعترف بأنى متأثر جداً بالشباب الذين رأيتهم فى الإمارات، ورأيت كثيرا منهم فى قطر وبيروت، فلا تزال هناك قوى حية من واجب القاهرة خلال العام الجديدة أن تجمع شتاتها، والتمنى لم يعد شيئاً، فأنا مضطر أن أعمل بما بقى أمامى من أثار إعصار طاحن فى العالم العربى، ولابد أن نجفف آثار الطوفان، ونساعد بعض القادرين للوقوف على أقدامهم، وأن يعودوا إلى مساكنهم، ويروا كيف يمكنهم بدء حياة جديدة مهما كانت الخسائر. صحيح أن 30 يونيو كانت فارقة، لكنها فى لحظة خطر رهيبة، وقلت إن المنطقة المحيطة بمصر الآن، كلها أعمدة نار تلتهب، ومصر مطالبة بأن تقف على قدميها، وأنا أعتقد أن عام 2013 ينتهى على مصر وهناك من يريد أن يقف، وينبغى عليه أن يقف، وأعتقد أن 2014 يمكن أن نجعلها سنة مبشرة، وأن يفهم أصحاب اللحظة ما يجرى حولهم، ويكونوا على استعداد لأن يمدوا روابطهم وأيديهم لكى يعيش الجميع، فلا أحد بمفرده يمكنه أن يصنع شيئا، لا مصر ولا الخليج ولا السعودية، فلابد أن تقف مصر وتنادى العالم العربى بما بقى فيه من أمل، لتكون نواة قوة وإرادة وأمل، وأن تتمسك به، وأن تصنع من 2014 بداية طريق. • فى الحلقة السابقة، حاولنا قراءة كيف ينهى عام 2013 إطلالته على المنطقة.. وفى هذه الحلقة نسأل كيف سيكون شكل العالم فى 2014؟ ــ يحرجنى كثيراً ويشعرنى بالخجل أن أبدو أمام الناس دائماً وكأنى لست متفائلاً، وأنا فى حقيقة الأمر متفائل، لكنى أعتقد أن تفاؤلى ممتد إلى ما هو بعد اللحظة الراهنة، بمعنى أنى أرى أننا خلال هذه الفترة نواجه وضعاً لم يسبق لنا أن واجهناه فى العصر الحديث. نحن نفاجأ بأن القوة الامريكية التى كانت متصدية لقيادة العالم على طريقتها وأسلوبها، وبكل ما نعترض أو نوافق عليه، جاءت اليوم لتتخذ قراراً استراتيجيا بأنها لا تستطيع، وبالتالى أنت أمام عالم دون قيادة أو مايسترو لأول مرة، ما سيتضح فى عام 2014. الكثيرون فى العالم، ومنهم الكاتب الكبير بول كيندى، فى كتابه حول ظهور وسقوط الامبراطوريات، لفتوا النظر إلى أن الولايات المتحدة شأنها كإمبراطورية شأن أى مشروع، حتى لو قلنا تجاريا أو اقتصاديا، عندما تزيد تكاليفها عن أرباحها، لابد أن تفكر بشكل ما، والأمريكان بعقلية عملية جداً، وجدوا أن تكاليف الدور القيادى فى العالم لا يمكن أن يحتمل، فالإنجليز انتظروا حتى تعرضوا للأذى فى السويس، والفرنسيون انتظروا حتى تمزقوا فى شمال أفريقيا، لكن الأمريكان كان لديهم حذر المغامر الذى يتمتع به التاجر الشاطر، عندما أدرك عند لحظة معينة أنه لا يستطيع أن يكمل هذا الدور، هو يريد أن يبقى فى العالم، وينتظر دولة كبرى، دون أن يتحمل مسئولية القيادة. • لكن أمريكا كانت الشرطى الأول فى العالم؟ ــ هى بالفعل حاولت القيام بدور الشرطى فى عهد جورج بوش الابن، لكنها قامت به كدور بلطجى، مثلما حدث فى العراق، وأنا قرأت محاضر مجلس الامن القومى، بعد أن أزيح عنها الستار، فأحد مستشاريه يقول له إن الذرائع الخاصة بغزو العراق ليست كافية، وهذا مدون فى محاضر رسمية، فرد بوش قائلاً «هذا الرجل حاول أن يقتل والدي»، وعندما ترين الطريقة التى أدار بها بوش سياسته الخارجية، سنجد أنها غريبة، وكارثة 11 سبتمبر جاءت بعد عام واحد من بداية حكمه، وهو على أية حال لم يكن مستعداً. دور الشرطى السيئ ليس دورا، أنا أريد دورا معينا فى السياسة الدولية، دائماً نحتاج إلى دور حكم أو قاض أو مايسترو، هل نحتاج لهذا الدور أم نحتاج لصوت يصرخ.. المايسترو يحل المشكلات فى العالم، ويقوم بدور التدريبات، ويحدد دور الأشخاص وحدود الأدوار بشكل أو بآخر، لكن نحن أمام شخص مع الأسف الشديد تصرف بشكل غير مقبول. وأعتقد أن باراك أوباما جاء مثل تجربة بحث الولايات المتحدة عن شيء جديد، يبدو أمام العالم كبداية طازجة، تعطى أملاً بأن المجتمع الامريكى يستعيد روحه فى المساواة بين الناس، وإقامة العدل، فتم اختيار رئيس من خارج السياق، ولابد أن نواجه الأمور بصراحة، فقد تحدثت وقلت لا تعلقوا آمالاً كبيرة على أوباما. • كان لهذا تأثيره على الشرق الأوسط الذى لم يعد فى بؤرة الاهتمام؟ ــ ما حدث عند إعادة التقييم، أن الأمريكيين شعروا بأنه سواء تناقصت قوتهم أو تزايدت قوة بعض البلاد، فإنهم فى حاجة إلى إعادة التقييم، وبالتأكيد التكاليف كانت مرتفعة، بجانب أن الاقتصاد تأثر، ما ظهر فى تفاقم العجز فى الميزان التجارى. نتحدث عن بلد دخل مغامرة العراق، وهو يتصور أن موارد هذه الدولة تكفى لتغطية تكاليف الحملة، لكن التكاليف تخطت التريليون دولار، فأمريكا أرهقت، واستنزفت فى حروب لا معنى لها، بشكل أرهقها، فى الوقت الذى نمت فيه قوة أخرى كبيرة وضخمة مثل الصين، والهند، وازدادت قوة أوروبا، وتحديداً ألمانيا، وبالتالى، وبنظرة عملية أمريكية، بدأنا نتابع أو نحاول أن نتابع فى ربيع هذا العام، أن هناك إعادة تقييم جارية للموقف. • لكن كان يبدو أن اليد الأمريكية تتدخل فى «الربيع العربى»؟ ــ أليس غريباً أن نتحدث عن خطتين متوازيتين، إحداها تقوم بها تركيا، والثانية تقوم بها أوروبا، على شمال أفريقيا، وهذا معناه أن القوة الامريكية كانت تهندس لغيرها، حتى يعوض غيابها. • تقصد بالوكالة؟ ــ إنتى لمست صميم المشكلة الأمريكية، فالتجربة الأمريكية كان بها ثلاثة أشياء أساسية، أولها الاستيلاء، وثانيها التوظيف، بمعنى أن يقوم آخرون بعمل ما تريد، ففى الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانت أمريكا ترغب فى هزيمة ألمانيا، وجاءت متأخرة فى الأولى، عام 1917، ورحلت فى 1918، بينما بدأت إنجلترا وفرنسا تحاربان فى عام 1914، وفى الحرب العالمية الثانية، بدأت إنجلترا وفرنسا الحرب منذ عام 1939، ووصلت أمريكا فى نهاية 1941، أما الشيء الثالث فى التجربة الأمريكية، فهو الاستخدام غير المباشر لآخرين، سواء تستأجر أو توظف فى تحقيق أهدافها. • هل فقدت الولايات المتحدة اهتمامها بالمنطقة رغم أنها تبدو متدخلة جداً؟ ــ ضعى فى ذهنك أن منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، كانت هى موضع الصراع، ومن قبلها، حتى أننا نستطيع القول إنها هى المنطقة الوحيدة التى لم تمتلئ بقواها الذاتية، مثلاً فى الشرق الأقصى ظهرت الصين والهند، ونجحتا فى ملء الفراغات التى خلفها رحيل أوروبا، وأمريكا اللاتينية بدأت تعدل أمورها، وكانت إلى وقت قريب مثلنا تماماً، وظهرت فيها قوى جديدة تملأ الفراغ، مثل البرازيل والأرجنتين، ومع الأسف الشديد، ظلت الشرق الاوسط المنطقة الوحيدة المفتوحة، وساحة كل الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة بغض النظر عن كوريا وفيتنام. كان الشرق الأوسط موقعا لـ«موقعة القرن»، وهذا الوصف فى حقيقة الأمر ليس لى، لكن للكاتب ألين دالاس، رئيس المخابرات الأمريكية، فنحن أرض المعركة التى لم تفقد اهتمامها، لكن ببساطة، لو نظرنا لكلام سوزان رايس، مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى، وهى تحاول أن تشرح لماذا إعادة التقييم فى هذا الوقت، باعتبارها التى دعت وألحت على أن الأمور الراهنة تقتضى ذلك، نراها تقول «الشرق الأوسط مهم، لكنه ليس الأهم فى العالم، حيث لم يعد يستحق أن نجعل جل اهتمامنا به، فهناك أماكن وأجزاء كثيرة من العالم، نواجه فيها تحديات كبيرة، وينبغى أن نلتفت لها مع اهتمامنا بالشرق الأوسط». لكن هناك شيئا غريب جداً أمامنا، لو رأينا التسريبات الخاصة بإعادة التقييم، أول شىء أحد الأعضاء فى مجلس الأمن القومى، وهو من رؤساء أركان الحرب، يقول إن «أمريكا تقريباً حققت أهدافها فى المنطقة»، نحن كنا نتحدث عن أمن إسرائيل، وموارد البترول، ولم تكن إسرائيل مؤمنة كما هى الآن، بسبب تفكك العالم العربى على الأقل، وتزايد قوتها، أما موارد البترول، فهى موجودة لكن لم يعد لها هذه الأهمية الاحتكارية الموجودة، وعلى أى حال أمريكا مستغنية عن الطاقة الشرق أوسطية من أول 2014، والأمر الثالث هو أكثر وصف ألمنى، وقال فيه إنه لم يبق فى الشرق الأوسط شىء، لآن أخر جزء من الليمونة تم عصرها. • هل هذا يعنى أن الصراع العربى ــ الإسرائيلى تم حسمه؟ ــ الصراع العربى ــ الإسرائيلى لم يحسم بعد، لكن أظنه فى التبريد العميق، ما هو الباقى من الشعب الفلسطيني؟، الشيء الوحيد المهم الباقى من الشعب الفلسطينى شيئان أساسيان، هما أن هذا الشعب الذى يحمل حلماً لم يمت ولن يموت، لأنه وطن، وهذا أول ضمانة، والشيء الثانى أعتقد أن مصر مطالبة بأن تتجه صوب الشرق، وترفض أى عزلة توضع عليها فى أى وقت بحقائق الجغرافيا والتاريخ، فمصر لا يمكن أن تعيش فى عزلة عن العالم العربى، وهى التى تواجه أزمة اليوم، ويساندها العالم العربي فقط. • لكن هناك ضغوطا أمريكية على مصر من جانب وزير الخارجية جون كيرى؟ ــ كيرى أمر آخر، ورغم كل أطروحاته، فإنه ضمن هذه الأمور أن الإخوان المسلمين كانوا ضمن أدوات الاستحواذ مع الأسف الشديد فى وقت من الأوقات، لكن عندما تم اكتشاف أخطاء الاعتماد عليهم، فإن كيرى يسعى للتبرير، أو على الأقل بدأ يكتشف أنهم غير قادرين على السلطة، وبالتالى فإن كيرى سواء فى أوروبا أو غيرها يشرح ويقول إن ما حدث فى يناير فاجأنا وفاجأ كل الناس، ونحن كان لدينا خطة بالفعل للإرث لكنها لعمر سليمان وليست للإخوان. وأريد أن ألفت النظر إلى أنهم بالفعل كانوا يرون ذلك، وفى 2005 أخذ أسامة الباز معه جمال مبارك ليريه إلى وزير الخارجية وقتها كوندليزا رايس، وأبدت الإعجاب به بعض الشيء، لكن فى النهاية فوجئوا بـ25 يناير، وأن هناك ثورة بلا قيادة أو فكرة، فكانت المشكلة كبيرة جداً، ثم وجدوا ضمن تصرفات المجلس العسكرى السابق، ما أوحى بأن القوة الوحيدة التى تبدو منظمة ومتماسكة فى المنطقة، هى جماعة الإخوان المسلمين، وكان هناك شخصيات مثل طنطاوى لم تكن قادرة حتى تصور تسليم البلد للإخوان. • هل سيكون عام 2014 هو عام استخدام المخابرات؟ ــ لو أخذنا ما حدث فى سوريا مثالا، أعتقد أنه فى بلد مثل الأردن، كبلد كله مع الأسف الشديد يوظف كشركة مخابرات، أو موقع لذلك، فالناس التى تعمل فيه، وهو غير قادر على الصد، لكن جزءا كبيرا جداً من العمليات يدار من الجنوب، سواء جنوب سوريا أو الاردن، أريد أن أقول إن المخابرات بالفعل اصبحت موجودة، الدول أصبحت تضع برستيج الدولة فى التدخل فى الحروب، وبالتالى أصبحت تفضل التدخل من وراء الستار، وهنا يمكن أن نجذب من نستطيع أن يشترى بالمال. • هل يمكن لأجهزة المخابرات العربية، وبينها جهاز المخابرات المصرية، أن تستعيد دورها؟ ــ سأتحدث بصراحة، أنا خائف من أن وكالاتنا المخصصة للعمل فى الخارج تحولت كلها للعمل فى الداخل، فضعف الأنظمة بشكل أو بآخر جعل هناك مستجدات، فلو أخذنا الولايات المتحدة كمثال، نرى الـ«إف بى آى» مهتما بالعمل الداخلى، والـ«سى آى إيه» مهتم بالعمل الخارجى، ووكالة الاتصال الدولى بالعمل الخارجى، لكن الدنيا انقلبت رأساً على عقب عندما تدخلت الـ«سى آى إيه» فى العمل الداخلى. وأنا أخشى فى العالم العربى كله، وبسبب الظروف التى نمر بها، أن يكون لدول عربية من الغنى ما سمح لها بأن تشترى جنودا من المرتزقة، لكن الدول مثل مصر وسوريا والجزائر، أخشى أن تكون أجهزة المخابرات فى هذه الدول المسئولة عن العمل فى الخارج انخرطت فى العمل فى الداخل، وهذا يقلقنى جداً لأنى أتمنى أن يكون العمل فى الخارج المبنى على الرؤية الاستراتيجية، فالمسألة مسألة معلومات بالدرجة الأولى، ولا نريد أن تكون هناك عمليات قذرة فى أى بقعة من بقاع العالم. وأريد رؤى حقيقية، ولا أريد أن يكون هناك أناس يتحدثون فى الداخل أو أن يكون هناك مخابرات فى هذه الدول، فالسعودية مثلاً مع الاسف الشديد، تمارس دورها من خلال الأمير بندر، وهو قد لا يكون عليه غبار، لكن الدور المخابراتى للسعودية فى سوريا ليس منضبطاً، والدور المخابراتى لعدد كبير جداً من الدول العربية ليس دقيقا، وأعتقد أن عام 2014 لابد أن يشهد عودة دور المخابرات، التى تمثل قرون استشعار للدولة خارج حدودها. • هل تستطيع هذه الاجهزة أن تصد بعض الاختراقات.. أشعر أن البلاد أصبحت ملعباً لكل الاستخبارات الأجنبية؟ ــ مع الأسف الشديد، هذا ينطبق على جميع العالم العربى، أصبحنا ساحة مستباحة عندما سقطت روادع معينة قديماً، فلم يكن بالإمكان أن يتحدث بلد عربى عن بلد عربى آخر، وحتى فى العلاقات مع إسرائيل، كانت هناك ثوابت أخلاقية، على الأقل هناك مشروع نظام، وكانت الناس تراعى ذلك، لكن هناك استقطاب حاد اجتماعياً فى العالم العربى. • وإعلامياً مثل الجزيرة؟ ــ أنا مختلف مع السياسات التى تنتهجها الجزيرة، خاصة الجزيرة مباشر مصر، لأنى أعتقد أنها مشروع خطر من أوله إلى آخره، من أول التخطيط له حتى مرحلة التنفيذ، فلكل بلد هناك سيادة، ولم أكن أمانع أن يكون هذا الأمر من الخارج، لكن أن تكون هناك قناة اسمها الجزيرة مباشر مصر، قل رسالتك حيث أنت كما تشاء، لكن بهذا الشكل المقصود والمحدد بتسميتها بمصر، لا تجىء لبلدى وتسمى المحطة باسم بلدى، إلا إذا كنا داخلين فى حرب مثلاً، عندما قام ديجول بتأسيس محطة موجهة لفرنسا، تحمل اسمها فى ظروف بلد محتل. • نحن إذاً ساحة مستباحة؟ ــ القضية ليست فقط ساحة مستباحة، وإنما أكبر منذ لك، مثلاً لدينا أجهزة فى مصر، أمن الدولة، وقطاع آخر فى المخابرات اسمه الأمن القومى، ومقبول أن يكون الأمن القومى وأمن الدولة مسئولين عن الداخل، لكن أعتقد أن الجزء الاكبر للمخابرات العامة، لابد أن يكون للخارج على أقل تقدير، وعلى سبيل المثال، أرى أن التمثيل الدبلوماسى الحالى يحتاج إلى مراجعة، لأن المعلومات الآن تسبق أى سفراء، ونحن لدينا مشكلة فى كل السفارات. • هل ستكون أوروبا أكثر تدخلاً فى العالم خلال 2014؟ ــ العالم لم يعد سيتدخل بالجيوش، لكن سيكون التدخل عبر المرتزقة، والاقتصاد، والتكنولوجيا، لكن عصر القوة المباشرة لم يعد قائماً. • إذاً نحن مقبلون على عالم بلا مايسترو؟ من هو مجلس قيادة العالم الذى يجلس ويقرر؟ ــ سأقص عليكِ قصة تخص رئيس وزراء الصين شوين لاى، وهو مؤسس نهضة الصين الحديثة، عندما تربى وعاش فى فرنسا، وأصبح شيوعياً ثورياً هناك، وآخر مرة رأيته، كنا مقبلين على قرن جديد، وسألته قبل أن يموت كيف ترى العالم ونحن مقبلون على قرن جديد؟، فقال «أفكار قديمة تقع، وأفكار كثيرة حديثة تبحث عن طريقها، ونظم قديمة تتهاوى، ونظم جديدة تتحسس مكانها، وفوضى فى كل مكان». • من المدير هنا؟ ــ لا يوجد مديرون، نحن أمام إما أناس قوتها أقل ولا زالت تمارس وتؤثر، وإن كانت بطموحات أقل، وإما أمام من يتحسس طريقه ولا يزال يخشى موروثات الماضى المترسبة، وهناك القوى الآسيوية التى ترغب فى الانتهاء من بناء نفسها، فالدول التى تتقدم لتلعب دوراً فى النظام الدولى مطالبة أن تكون لديها طاقات اعتماد، وبطاقات هوية. • هذا العالم الجديد به قوى جديدة تتدخل على السطح من الصين إلى الهند إلى روسيا؟ ــ هناك قوى جاهزة وأخرى فى طريقها للجاهزية، وأتصور أن روسيا الآن جاهزة للعب دور، وهى مهتمة بالشرق الأوسط، وتشعر أنها منطقة عمقها، وسنجد أن روسيا قادمة على حذر، فقد قرصت من هذا الجحر مرتين، وتعرضت للإساءة والطرد فى أفريقيا.

No comments:

Post a Comment