Translate

Friday, January 29, 2016

الجمهورية الثالثة لحكم الضباط الاحرار محمد حسين يونس الحوار المتمدن-العدد: 5059 - 2016 / 1 / 29 المحور: مواضيع وابحاث سياسية

    

الجمهورية الاولي لحكم الضباط الاحرار ..بدأت رسميا بعد 18يونيو 53 ، بحلم ديموقراطي طوبوى للتخلص من عهد إعتبروه بائدا ،يوم إعلان (الجمهورية المصرية) برأسة اللواء محمد نجيب. 
ثم مع أحداث وخلافات مارس 1954أخذت الجمهورية (قبل أن تكمل عاما من عمرها ) مسارا مغايرا يتجه نحو الدولة الفاشيستية الشمولية التي يسيرها الضباط مباشرة بأنفسهم ( دون برلمان ) بعد أن إبتكر أعداء الوفد من مستشارى مجلس الدولة (سليمان حافظ وعبد الرازق السنهورى ) لهم مبدأ الشرعية الثورية بدلا من الشرعية الدستورية فصدقوه وتبعوه و تولي عبد الناصر رئاسة مجلس وزراء كان معظم أعضاؤه زملاء له من السادة الضباط الاحرار (المنقلبون علي الملك والرئيس الجديد ). 
وبزرع الصف الثاني من الضباط في كل مفصل سياسي أو إدارى وتكوين هيئة التحرير(الجد الاكبر للحزب الوطني ) بدأت الامور تتجه نحو إستقرار النظام الجديد ومع نجاح الاستفتاء علي دستور يونيو 56 دان حكم مصر(رسميا وشعبيا ودستوريا ) لعبد الناصروصحبه من (الثوار ) مكونا الجمهورية الاولي للضباط الاحرار.
حكام الجمهورية الاولي كانوا قد تعلموا ونشأوا كأبناء مدللين في المجتمع الليبرالي .. الذى كان لا يجرم لعب القمار أو أن يكون في أندية الضباط بارات يتناولون فيها المشروبات الكحولية أو يجلسون حول حمام السباحة مع عائلاتهم من بنات الارستقراطية المصرية اللائي يرتدين ملابس عصرية و يكشفن شعورهن وقد يرقصن في المناسبات التي يرتادها أقرانهم بالملابس الاحتفالية.
ومع ذلك كان أغلب الضباط من المهتمين بالهم العام، المعاديين للاستعمار الانجليزى، و الذين يقرأون( وقد يدرسون ) العلوم الاجتماعية و الفلسفية و يدورون بين أفكار وإنتماءات الاحزاب اليسارية أوالفاشيستية والاخوان المسلمين .. و يشعرون بغصة من هزائم 48 فينشرون أنها قد حدثت بسبب أسلحة فاسدة وردتها حاشية الملك لا بسبب نقص تدريبهم و عجزهم في الفنون العسكرية. 
حكام الجمهورية الاولي كانت لهم طموحات عريضة بدأت بعد وضع أيدهم علي أجهزة إتخاذ القرار بالدولة وتتصل بالاستقلال عن النفوذ الاجنبي واللحاق بركب المعاصرة الذى عمت أنواره اوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية .
و لان خبرتهم محدودة ..و فكرهم غير متماسك أو متجانس ولصعوبة تطويع الراسماية المحلية التي كان أغلبها من اليهود المصريين و الاجانب المتمصرين خاضوا معارك طويلة مع الفصل العنصرى والمصادرة والتأميم مستخدمين كل أدوات الحماس و الحشد الجماهيرى خلف أحلام لا تختلف في طوباويتها عن ما كان سائدا في العالم من إرهاصات ثورة عالمية تقودها دول معسكر الحياد الايجابي ومحاربة الاستعمار .
هذا الصراع الطويل والمستمر إنتهي بإقرار قوانين يوليو 1961 للسيطرة علي الاقتصاد القومي وخلق نظام رأسمالية الدولة أو ما أطلقوا علية (الاشتراكية العربية ) .
مع أعباء حرب اليمن وهزيمة 67 إنتهي إكلينيكيا زمن الجمهورية الاولي ناصرية التوجهات والمرتبطة بأحلام القومية العربية، ثم فعليا بتولي الرئيس المؤمن بطل الحرب و السلام الحكم بعد وفاة الزعيم وإنقلابة يوم 15 مايو 1971علي رجاله من أعضاء (الاتحاد الاشتراكي العربي) ليضع خلال الفترة من 71 حتي صدور قانون تشجيع الاستثمار رقم 8 لعام 1977 نقطة الختام الفعلي لحكم الجمهورية الاولي للضباط الاحرار،تاركة وطنها منهكا تماما بعد أن خاضت به أربعة حروب (اليمن ، 67، الاستنزاف و 73 )و حازت علي عداوة الممالك العربية وحكومات اوروبا و أمريكا بسبب دورها المحورى في منظمات تأييد حركات التحرر الوطني والاصرار علي أن إسرائيل عدوا إستراتيجيا . 
الجمهورية الثانية توطدت أركانها علي دعاية واسعة مبالغ فيها(أن الله سبحانه منٌ علينا ) بإنتصار( ما) علي إسرائيل كانت فية الملائكة تحارب بجوار الجنود و كانت صيحة (الله أكبر) تهز أرض المعركة هزا .. لقد أنهي جنود مصر بعبورهم ذل الهزيمة و أصبحوا في موقف القوة الذى يسمح بتوقف الحروب مع العدو التقليدى للجمهورية الاولي و علي مصر أن تتعايش مع الوضع الجديد في إطارعلاقات سلام تدعمة أمريكا بالفكر و النفوذ والمعونات . 
صاحب إنهاء مرحلة (لا صوت يعلو علي صوت المعركة ) والاحتفال بالزمن الجديد عاملين أساسيين ، أولهما تمكين الجهاز الادارى من إنشاء جمهورية النهب والسرقة و العمولات و الفساد ، المنقلبة علي الناصرية والاتحاد الاشتراكي (ذو الفساد المحدود )و(المنقلبة أيضا )علي العلاقات مع دول المعسكر السوفيتي ويا أهلا بنعيم الانفتاح .. و الانضمام لمعسكر اوروبا /امريكا الرأسمالي مانح القروض والمعونات والتسهيلات. 
والعامل الاخر أن القائد المنتصرأعلن فجأة أنه رئيس مسلم لبلد مسلم .. ويستقبل مجاهدى أفغانستان .. و يجند المليشيات لدعم أخوه الاسلام..وينعكس هذا علي المجتمع الذى يضطهد اليسار و الكفار ( المخالفين لدين الرئيس ) و يسقط علي المجتمع من السماء الشيخ متولي الشعراوى .. و (الشيخ) مصطفي محمود .. يشغلون كل أجهزة الاعلام بأفكار مضادة للعلمانية (الهشة ) الناصرية ..و تبدأ موجة لبس الحجاب و النقاب ( علي الرغم من أن الرئيس المؤمن يسمح لزوجته وبناتة بالسفور .. وتقبيل رؤساء جمهوريات الاعداء ) و يعلو الاذان من جميع الاركان .. و(الله أكبر) علي مظاهر الايمان رائع يا سيادة الرئيس و لذلك يغتالك من أغرقت بهم السوق السياسي و الاجتماعي في بلدك الحزين .
الرئيس مؤثث الجمهورية الثانية لحكم الضباط الاحرار أراد لها أن تأتي متلفعة بالمناورة و الفساد و الغش في اوراق اللعب فإنعكس هذا علي جميع القرارات و منها إختياره لنائب مشكوك في ذمته منذ أن إختارتة ليبيا للتفضيل بين أنواع الطائرات ..فإختار من ناوله المعلوم .. و منذ أن كون عصابة نقل السلاح من أمريكا .. لقد كان هذا النوع من الضباط المفضل لدية . 
وإنقلب الحال في القوات المسلحة .. الجميع حرص علي أن تكون سجادة الصلاة واضحة لمن يزورونهم .. والزبيبة تخترق العيون .. و العمرة سنويا (علي حساب صاحب المحل ) و السيدات المرتديات الحجاب أغلبية بين المستمتعات بالنوادى و المستشفيات العسكرية .. و التوجيه المعنوى يقوم به مشايخ محترفون تعلموا من الشيخ المتولي أو من سلفيي السعودية .. و أصبح جيش الجمهورية الثانية .. جيش إسلامي يتوق المنضمين إليه أن يطلقوا لحاهم .. و في نفس الوقت ( لاتنسي نصيبك من الدنيا ) وهو كثير يا خال .. بس اللي يجيله نفس يعبي . 
مع إغتيال المؤمن بواسطة المؤمنين توسعت جمهورية الفساد .. وشملت كل شبر من أرض مصر المحروسة فقد وجدت التربة خصبة خلال ثلاثة عقود حكم فيها .. المبارك وعصاباته . 
إنتهت الجمهورية الثانية لحكم الضباط الاحرار .. بإقالة المشير طنطاوى و مساعدة الفريق عنان.. وتفرق مجلسهم العسكرى .. الذى سلم مصر (عن عمد ) للاخوان المسلمين و السلفيين متغاضيا عن أنهم إرتكبوا جميع الموبقات السياسية والانسانية بدأ من التهديد والارهاب والاغتيال .. و إضطهاد المخالفين وسرقتهم بإسم الشريعة و الدين.. والتضليل أثناء الاستفتاءات ونهاية بتزوير إنتخابات الرئاسة .
تصرفات هذا المجلس العسكرى جاء متسقة كنتيجة لتهميش متعمد لدور الجيش في الحياة العامة أثناء حكم الرئيس المبارك بعدما رأى سلفة ينقل كجثة إلي المستشفي في 6 إكتوبر1981مغتالا بواسطة رجاله. 
القوات المسلحة يوم أن نقل لها المبارك السلطة كانت جيش محدود العدد و التسليح .. غير مسموح له بدخول سيناء(طبقا لاتفاقية السلام ) ..مشغول بالتدريب الداخلي و الخارجي .. موجه في إتجاهين .. الوطنية و التمسك بالاخلاق الحميدة بواسطة وازع الدين .. في نفس الوقت مدللا ماديا .. و ذلك عن طريق إدارة مشاريع مدنية تبدأ بتسمين العجول و تصنيع الالبان و اللحوم .. و لا تتوقف عن أداء أى نشاط إقتصادى بما في ذلك تكوين خمسة فرق للكرة تلعب وتنافس في الدورى المصرى تحت رعاية و تشجيع سيادة المشير القائد العام ووزير الدفاع . 
الجيش له ميزانية لا يراجعها الجهاز المركزى للمحاسبات و توضع في الموازنة العامة للدولة كمخصصات .. من الافضل عدم الاطلاع عليها .. ولا أعرف هل تم تخفيضها بعد إعلان حالة السكون القتالي أم ظلت علي حالها .. ولكنني متأكد أن حياة الضباط في نهاية الجمهورية الثانية كانت أفضل من حياتهم خلال الجمهورية الاولي . رغم كل ما يشاع عن تدليل المشير عامر لرجاله ، فإن المشير طنطاوى فاقه و تعداه بمراحل .
المجلس العسكرى الذى ورطه مبارك في تحمل مواجهة تذمر الشعب .. لم يكن معد نفسة لهذا العبء الذى يفوق قدراته .. لذلك بدأ بأداء التحية العسكرية للشعب .. ثم تقدم خطوة خطوة في إتجاه تجميد القوة الدافعة لطلب إسقاط النظام .. و كما تعلم من السادات .. أخرج من الجراب ورقة الاخوان والسلفيين لمواجهة المد الذى في طريقة ليصبح ثورة سياسية و إجتماعية .. و بسرعة ..إعترفوا بالمحظورة .. وأتوا بمستشارى مجلس الدولة يفتون كما فعل ضباط يوليو .. فوجدنا الجمل و البشرى .. يوجهونهم .. لتسقط الانتفاضة في حجر الاخوان .. و يغطي ميدان التحرير في جمعة ما القادمون من قندهار الذين زرعهم الرئيس المؤمن لضرب السوفيت هناك .
عندما إنتهت الجمهورية الثانية بتجميد قيادة الجيش عن الفعل تخيل مزورى الانتخابات من الاخوان المسلمين أن حكم مصر قد دان لهم ..وأنهم بعد نصف قرن يردون علي عبد الناصر و عصبته ضربهم وتشتيتهم و يجلسون علي كراسي إتخاذ القرار .. لكن لم يمض أكثر من عام (حسبناه قرونا) حتي خرج الشعب يستجير بقواته المسلحة لتصحح ما وقع منها من خطايا بتسليم البلاد و العباد لحثالة البشر من الاخوان المسلمين وحلفاءهم من السلفيين .
ضباط القوات المسلحة الذين لبوا النداء بشرف و نية بيضاء .. حددوا هدفهم منذ اليوم الاول (التصدى لمرسي و عصابته) ولم يطمعوا( كما هي العادة ) إلا في لعب دور البطل الشهم الذى يقض علي الاشرار .
وهكذا أعلن وزير الحربية و القائد العام للقوات المسلحة المشير السيسي خطة وفاق وطني بخارطة مستقبل من عدة نقاط كالتالي:
تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بجميع الصلاحيات لادارة المرحلة الحالية
تشكيل لجنة مراجعة التعديلات الدستورية على دستور 2012 
مناشدة المحكمة الدستورية العليا اقرار قانون انتخابات مجلس النواب ، والبدء في اجراءات الانتخابات 
اتخاذ اجراءات لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكونوا شركاء القرار في السلطة التنفيذية
تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية تمثل مختلف التوجهات
وضع ميثاق شرف اعلامي يكفل حرية الاعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية.
و كما حدث مع الجمهورية الاولي لحكم الضباط.. عندما توجهوا لتسليم الحكم إلي الادارة المدنيه فوجدوا أن الساحة قد خلت إلا من عناصر متفرقة من الساسة .. يحاول كل منهم أن يركب الموجة ويقود سفينة الضباط الي المجرى الذى يراه ينتهي بمرفأه .. حدث مع ضباط الجمهورية الثالثة .. لقد كانت الساحة أيضا خالية تماما من الثوار و بذلك أصبحت الارض للمرة الثانية ممهدة لاعلان الجمهورية الثالثة لحكم الضباط الاحرار من الجيش . لتواجه القيادة بعد أن وضعت قيادات الارهاب في سجون خمسة نجوم بالسؤال القديم الحديث .. ما العمل ؟ و نحن لم نعد أنفسنا لان نحكم مصر .
السيد الرئيس أسر قلوب المصريين بإبتسامته و تهذيبة و رقة خطابة مع تواضع القادرين .. أمامه تلال من الهموم و المشاكل و القضايا التي ينوء بحملها الجبال .. أهم هذه المشاكل هو السلبية التي يتعامل بها المصرى مع مستقبله .. يتوالد كالارانب .. ولا يعمل .. و تصبح اللقمة التي لا تكفي فرد مقسمة علي خمسة في بعض الطبقات و الاماكن .. و ترميها في القمامة طبقات أخرى دون أن يهتز لها رمش . الانتاج متدهور و توزيع عائد الانتاج مجحف .. والديون تتراكم و خدمة الدين وحش يمتص الكفاف الذى ينتجه المصريون .. إنها نفس مشاكل الجمهورية الاولي .. ولن تجدى حلول الجمهورية الثانية . 
السيد الرئيس يقود شعب جاهل .. منوم مخدر بواسطة من هم أكثر منه جهلامن مدرسين و إعلاميين و رجال الدين .. و لا تجدى حلول الجمهورية الاولي فالجمهورية الثانية أفسدت الجميع و الشره أصبح غولا لا حدود لاطماعه .. و السوق يقذفون له كل يوم الالاف من محدودى القدرات تنتجهم أله جهنمية ..صنعتها الجمهورية الاولي .. وإستولي عليها سلفي الجمهورية الثانية .. تطلق المظاهرات .. وتقيم قضايا الحسبة علي الاذكياء ولا تتوقف عن العبث بالكتب الصفراء و إزعاج البشر بفتاوى تسمح بالاغتصاب و فتح أسواق النخاسة . 
السيد الرئيس محاط بالوحوش التي يطلق عليها ( إذا ما رأيت نيوب الليث بارزة .. فلا تحسبن أن الليث يبتسم ) فالرجال حوله يعدون العدة للافتراس ..إن فساد الجمهورية الاولي المحدود أصبح ظاهرة عامة في الجمهورية الثانية .. ولم يتغير في الجمهورية الثالثة .. مهما أفرغت في الافواه من الاموال فسيظل من شب علي شيء شاب علية .. الفساد لا يعالج بالقوة و القانون .. وأجهزة الرقابة ..ففي الجمهورية الثانية تحول القانون لخادم للفاسدين و أجهزة الرقابة لشريك .. ولازال الامر علي ما هو علية .
السيد الرئيس علية التعامل بنفسه في قضايا العلاقات الخارجية .. فالجمهورية الاولي دمرت العلاقات السوية و الطبيعية من المعسكر الرأسمالي و هو لازال يحتفظ بذكريات اليمة .. و الجمهورية الثانية غدرت بالحلفاء من المعسكر الاشتراكي ولازالوا يحتفظون بذكريات اليمة .. والعرب و المسلمين و الافارقة ينظرون بريبة و توجس تجاة نوايانا بعد أن راوا لاعب الثلاث ورقات الساداتي يتلاعب بهم.
الجمهورية الثالثة .. عليها الان و حالا وفورا .. العمل علي تسليم البلاد لقيادة ديموقراطية تتمثل في أحزاب جماهيرية لها خططها و إسترا تيجيتها .. وأدواتها الحامية للشعب و القادرة علي قيادته تجاه المعاصرة و لان الحاكم لم يعد يوم طالبته الجماهير بإنقاذها أنه يمتلك مصباح علاء الدين لتغير الواقع المهين .. فعلي المصريين .. وضع خطة إستراتيجية تحقق فيها النقاط التي بدأ بها المشير السيسي .. و التي أطلق عليها خارطة المستقبل ..( فالعيشة بقت مرة نريد حكومة حرة ).

No comments:

Post a Comment