Translate

Saturday, January 16, 2016

مساكن الحكومة.. كم للفقراء.. وكم لغيرهم؟ «١-٢» بقلم عباس الطرابيلى ١٦/ ١/ ٢٠١٦

هل تتذكرون قصائد زجال الشعب بيرم التونسى.. وبالذات قصيدة المجلس البلدى ومطلعها:
قد أوقع القلب فى الأشجان والكمد
هوى حبيب يسمى المجلس البلدى..
والتى يختمها بقوله:
يا بائع الفجل بالمليم واحدة..
كم للعيال.. وكم للمجلس البلدى؟؟
أنا تذكرتها وأنا أتابع سياسات وزارات الإسكان منذ عشرات السنين.. منذ تراجعت الدولة شيئاً فشيئاً عن دورها الإنسانى فى توفير المساكن للناس، للفقراء والبسطاء، وكان دورها - فى عهد عبدالناصر - هو الأساسى، أى مساكن شعبية بالإيجار.. وهو بالقروش، وليس بمئات الجنيهات. أقول ذلك وأنا أتابع تصريحات الوزراء - منذ سنوات عديدة - عن عدد المساكن التى تتولى الدولة تنفيذها.. سواء كانت وزارات الإسكان.. أو حتى القوات المسلحة.. وأتحسر على عصر كانت الدولة ترعى فيه آلام البسطاء، فتوفر لهم ما يحتاجون.. وتركت للأغنياء ولشركات المقاولات الخاصة عملية بناء المساكن المتوسطة والفاخرة.
وكلامى لا يأتى من فراغ.. فقد كنت مسؤولاً عن تغطية أخبار وزارة الإسكان وشركات مقاولات القطاع العام منذ عام ١٩٦٤، أيام محمد أبونصير وزاد ذلك أيام الدكتور عزت سلامة ثم د. عزيز يس ومحمود يونس، وتغير علىَّ ما يقرب من ١٠ وزراء للإسكان.. وحسن مصطفى وسعد زايد وعلى السيد، ورغم تغير الوزراء.. لم تتغير سياسة الدولة تجاه الإسكان وهى سياسة كانت تستهدف توفير المسكن الشعبى منخفض الإيجار.. وهى سياسة استمرت منذ بدأتها حكومة الوفد عام ١٩٥٠ بإقامة عدد من المدن العمالية: واحدة فى حلوان، وأخرى فى إمبابة وثالثة فى حى المطرية، ومازالت باقية حتى الآن.
وكانت سياسة الدولة - الثابتة - للإسكان أن تنشئ مستويات ثلاثة من المساكن، أكبرها عدداً المساكن الاقتصادية أى الشعبية، وكانت الشقة من غرفتى نوم ومعيشة وخدماتهما، ومن ثلاث غرف ومعيشة.. وكانت نسبة هذه المساكن لباقى الأنواع هى ٤٠٪، ثم مساكن متوسطة بنسبة ٢٠٪ من غرفتين.. ومن ثلاث غرف بكل خدماتها.. وهذه تخصص منها النسبة الأكبر للتأجير.. والثلث للتمليك بتسهيلات رائعة.. أما الفئة الثالثة فهى المساكن فوق المتوسطة، وهذه من ثلاث غرف أو أربع، وأقلها للتأجير وأكثرها للتمليك، وكانت أغلى شقة - على نيل المنيل مثلاً - بحوالى ٤٠٠٠ جنيه بقسط لا يتعدى ٢٠ جنيهاً شهرياً.. تلك كانت سياسة الدولة - الثانية - تجاه قضية هى من أخطر القضايا التى تواجه المجتمع، وتركت الدولة للقطاع الخاص أن يبنى كما يشاء.. لأنه يحجم عن بناء المساكن الشعبية.

No comments:

Post a Comment