Translate

Monday, January 4, 2016

أجندتك لـ ٢٠١٦ بقلم د. محمود عمارة ٤/ ١/ ٢٠١٦

ما زلت أذكر أثناء إقامتى الدائمة فى فرنسا، عندما اصطحبنى صديقنا لبيب معوض (محامى
الفنانين الشهير) لزيارة الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، بداية الثمانينات بفندق «Inter Continental» بباريس، وكنت وقتها على أعتاب سلم النجاح!.
بعد عدة زيارات سألت الأستاذ عبدالوهاب أن يعطينى نصيحة «من خبراته فى الحياة.. فسألنى:
معاك أجندة؟.. عندما تصفَّحها ضحك بصوت عالٍ وقال: يا ابنى دى تنفع أجندة لبقال.. ونصيحتى لك: تجيب أجندة جديدة بمناسبة السنة الجديدة!.
نزلت من عنده إلى «سان ميشيل» مباشرة، حيث المكتبات التى تعرض أجندات أشكال وألوان.. وفى اليوم التالى عُدت بخمس أجندات.. أمسك الأستاذ بإحداها وابتسم قائلاً: «هعلَّمك إزَّاى تحط أهداف» للسنة الجديدة، وإزَّاى تحققها!.
أولًا: تكتب فى أول صفحة (مجموعة أهداف رئيسية) تتمنى تحققها السنة دى.. وإنتوا فى أوروبا
أحلامكم مُمكنة، لأن السيستم هنا بيساعدكوا (عايز تشترى بيت - عايز تعمل مشروع - عايز تاخد
دكتوراه - عايز عربية أحدث موديل) كله مُمكن.. بشرط: تكون عندك رغبة وإرادة فى النجاح..
وكمان تبقى عارف «قُـدراتك»، و«مهاراتك»، ومدى تحمُّـلك للمسؤولية.. وإنت الوحيد فى الكون
والأدرى بما تملكه من عزيمة وموهبة وقدرة على الإبداع!.
ثانيا: هتكتب فى أول يوم من الأسبوع «برنامج عمل يومى».. لأن تحقيق «الأهداف» فى نهاية السنة يتوقَّف على قُـدرتك على «المتابعة» لأدائك اليومى (بعد تقسيم السنة لـ ١٢ شهراً، والشهر
لـ ٤ أسابيع، والأسبوع لسبعة أيام) وأخرج لى من جيبه «أجندته»، وعلى كل صفحة «لازق ورقة صفرا» كاتب عليها تفاصيل.. قال: دى «الهوم وورك» اللى لازم أعمله كل يوم!.
أما الصفحة التانية من الأجندة فتـكتب فيها أرقام تليفونات «لأسماء الذين تتصل بهم يوميا..
(لم يكن هناك محمول وقتها).. فهناك أشخاص بحكم العمل أو الصداقة الأنتيم أو العلاقات
الأسرية تتصل بهم يوميا، وهُناك من تتصل بهم أسبوعيا أو مرَّة فى الشهر.. وآخرون فى
الأعياد والمناسبات (رتِّبهم حسب الأولوية).. فهذا يريح عقلك، فمخ الإنسان له قُدرة محددة للحفظ، كلما تخلَّصت من التفاصيل وسهِّـلت عليه، استفدت من قدراته على التركيز..
«فقانون التركيز» هو من أقوى قوانين العقل، فعندما «تُركز» اهتمامك على شىء مُعيَّن، يقوم العقل بإلغاء أى معلومات أخرى، كى يُفسح المجال للشىء الذى تُركِّز عليه!.
ولهذا السبب «أُنصحك» أيضًا وبمناسبة العام الجديد، بأن يكون أول استثمار لك هو:
«شراء مقشَّة».. تكنس بها كل التفاصيل عديمة القيمة، التى استقبلها ويستقبلها «مخك»،
والتى تتسبب فى «شوشرة رأسك» فتُرهق دماغك بلا أى داعٍ.. وإذا «عوَّدت» نفسك على «الكنس اليومى» فسوف يعتاد مخك على النظافة الأتوماتيكية، بلا مجهود منك!.
بالمناسبة يقول الأستاذ: لازم نفهم إن اللى فات مااات.. يعنى الساعة دلوقتى ٣ عصراً، ما تكلمنيش
فى ٣ إلاَّ ربع.. كلِّمنى فى ٣ ونُص.. فى ٤.. فى بكرة والشهر الجاى.. هتقولى لى: اللى مالوش
ماضى مالوش مستقبل.. وإنه لازم نتعلِّم من دروس الماضى.. هقول لك: الماضى دايمًا حاضر فى
الذاكرة، مش محتاج نقعد «نعيد ونزيد ونضيَّع عمرنا.. شوفوا الخواجات هنا (كلامهم دايما عن
المستقبل لأن الماضى فى كتب التاريخ نقدر نقراه فى أى وقت)!.
نرجع لأجندتك للعام الجديد.. بعد ماحدِّدت «أهدافك» طبقا لقدراتك وأحلامك:
١- اكتب المشاكل التى تتوقع أن تواجهك.. والطرق التى تنوى التغلب بها على هذه المشاكل.
٢- قـيِّـم أداءك يوميا أو على الأقل أسبوعيا، وغيِّر طريقتك وفقاً للمستجدات الطارئة أولاً بأول!.
وبما أن «أجندتك» أصبحت رأسمالك لتحقيق طموحاتك، التى لخصتها فى «مجموعة
أهداف «فعليك أن تجعلها» عشيقة لك «بجانب عشيقتك الحقيقية ها..ها..ها.. وضحكنا مع الأستاذ (قليل الهزار جداً)!.
وبما أنها أصبحت إحدى عشيقاتك، فعليك أن تُفسح لها مكانا فى قلبك، وتضعها فى عينك،
وتعطيها مساحة من مخك، وتحافظ عليها وتحترمها، وتنشغل بها حتى «تُدمنها»!.
فى المساء: تكتب عليها «برنامج عمل بُكرة».. وصباحا: «تُراقبها» وتُـتابعها.. للتأكد من تنفيذ كل التفاصيل اليومية الواجب إنجازها.. ومتنساش «الورق الأصفر اللاصق».. لتكتب على كل ورقة صفرا ما يجب تنفيذه غدا، وتلصقها على غلاف الأجندة.. وفى نهاية اليوم: «تُراجع» ما تم تنفيذه وتشطب عليه، وما لم يتحقق لأسباب طارئة يضاف إلى برنامج عمل اليوم التالى!.
شخصيا ومنذ علَّمنى الأستاذ حكاية الأجندة.. أجلس أول يوم فى السنة وأكتب «أهدافى».. وكما تعلمت منه «أراجع» ما تحقق فى العام الماضى، لـ«أكافئ» نفسى.. أدلَّعها.. أُهنِّـئها على ما
أنجزته، طبقا لما حدَّدته بالصفحة الأولى بداية العام.. أو أُعاقب نفسى إن لم أُحقق ما التزمت به بالتكاسل أو التخاذل أو الإهمال.. ولكن ما لم يتحقق لأى ظروف خارجة عن إرادتى، فأنا من المؤمنين بقاعدة: على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح!.
الخلاصة: سألوا بيل جيتس (أغنى رجل فى العالم): ما هى مؤهلات الإنسان المطلوبة لنجاحه؟
قال: ليس مطلوبا أن تكون حاصلاً على دكتوراه، ولا حتى بكالوريس أو ليسانس..
يكفى: «أن تكون لديك إرادة عارمة فى النجاح!».

No comments:

Post a Comment