Translate

Monday, April 11, 2016

كنتى سيبيه يمسكها يا فوزية! بقلم فاطمة ناعوت ١١/ ٤/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

كل احترامنا لأحكام القضاء التى لا تعقيب عليها، وبعد. قال المحامى الشابُّ فى لقائه بالإعلامى وائل الإبراشى: «أنا بعت لها رسالة فى فيس بوك من سنتين وهى مردتش عليا! فرحت تانى يوم رافع عليها قضية ازدراء أديان واتحكم عليها بتلات سنين سجن.
وهادبح خروف يوم ما تتسجن إن شاء الله». قبل عامين، ما سمع أحدٌ عن هذا المحامى الصغير، وما كان يأمل أن يصير حديث المدينة ويحلَّ ضيفًا دائمًا على الفضائيات وتُكتب عنه المقالات ويُذكر اسمه على مدار الساعة فى مانشيتات الصحف والمواقع الخبرية ووكالات الأنباء، دون منجز ولا جهد، اللهم إلا نجاحه فى أن يُلقى فى ظلمة السجون بأديبة لها رصيد من الكتب والجوائز العالمية والأعمدة الصحفية ونضال مشهود فى مناهضة الطائفية والتمييز العنصرى والاتجار بالدين وامتهان المرأة وتعذيب الحيوان. ثم يعترف المحامى: «لو كانت ردت عليا واعتذرت؛ كان الموضوع خلص!» يا إلهى! تذكرتُ الآن عادل إمام فى فيلم «كركون فى الشارع»، وهو يسمك بكيس البلح ويقول لزوجته: «أغلى كيس بلح فى العالم يا سعاد». وبدورى أقول: «أغلى رسالة فيس بوك فى العالم يا سعاد»! ثلاث سنوات سجن مقابل عدم ردى على رسالة؟! المشكلة أننى بهذا المنطق لن يكفى عمرى مضروبًا فى ألف لأسدد ديونى. لأن مئات الرسائل تصلنى يوميًّا من القراء الكرام على فيس بوك وتويتر والإيميل وواتس آب، وبالطبع يمنعنى ضيق الوقت من الرد. لكن القراء الكرام الحمد لله يقدرون أن الجسر بين الكاتب وقرائه هو المقال والكتاب والدراسة والقصيدة، فيسامحونه إن قصّر أحيانًا فى التواصل المباشر معهم.
حين اعترف خصمى على الهواء بأن عدم ردى على رسالته هو الذى أثار حنقَه فقرر مقاضاتى (مقابل بوست أدبى مجازى كتبته على صفحتى عن القسوة فى ذبح الحيوان) قاصدًا حبسى وحرمانى من أطفالى ودفء بيتى، انهالت التعليقات على صفحتى، غاضبة من المحامى بعدما أدركوا باعترافه أن الحكاية ليست غَيرة على الدين كما يزعم إنما ثأر شخصى! لكن غضب القراء لم يخلُ من مزاح لطيف على منوال: «خدى بالك إنك مش بتردى عليا وهارفع قضية أنا كمان»... إلخ. لكن ألطف تعليق جاء من الأستاذ «أحمد شيتوس» حين قال: «فكرنى بفؤاد المهندس لما قال لبنته فى المسرحية: (كنتى سيبيه يمسكها يا فوزية!) ما كنتى تردى على رسالته وتخلصى يا أستاذة».
وفى نفس اللقاء التليفزيونى هتف خصمى قائلاً: «القرآن هايحبسك!» كان البرنامجُ قد أجرى معى مداخلة بالهاتف وأنا فى تورونتو الكندية للمشاركة فى المؤتمر المصرى الكندى ضد التمييز العنصرى، وتكريمى على هامش المؤتمر. وأقول له هنا: لا يا عزيزى، القرآنُ لا يسجن، بل يُحرّر. كلام الله فى رسالاته السماوية نزل لكى يحرّر الإنسانَ من عبودية الأصنام وعبودية البشر. لكنكم تُزايدون على الله بما لم يُنزل به عليكم من سلطان وتجعلون من أنفسكم سلاطينَ بغير حق لكى تحصدوا مغانم رخيصة لن تجعل منكم إلا غلاظًا تنفّرون الناس من الدين. أليس هذا ازدراء للقرآن، أن تزعم أنه يحبس الناس؟ القرآنُ لا يسجننا يا «فتى الفيس بوك»، بل يحررنا من عبادة البشر أمثالك، ويحرركم من عبادتكم شهواتكم. هل أرفعُ ضدك الآن دعوى ازدراء أديان لقولك إن القرآن يسجن الناس؟!

No comments:

Post a Comment