Translate

Tuesday, June 24, 2014

من مانديلا إلى السيسى- الفساد (٣) بقلم د. محمد أبوالغار ٢٤/ ٦/ ٢٠١٤

سيدى الرئيس، دول العالم كله بها فساد، ولكن حجم الفساد فى دول العالم الثالث رهيب ويعوق أى فرصة للإصلاح. جنوب أفريقيا كان بها فساد كبير، ولكننا حاربنا هذا الفساد بكل قوة وعنف، وأصحاب المصالح تشبثوا بكل المميزات التى حصلوا عليها ولكننا استطعنا أن نقضى على كم كبير منها. الآن هناك تهمة فساد موجهة للرئيس بأنه استخدم ما يوازى ٢٠ مليون جنيه فى إصلاحات قصر الرئاسة وتغيير سيارة الرئيس، وهناك مطالبات شعبية وصحفية كبيرة بالتحقيق مع الرئيس ومساعديه.
أعلم أن الفساد فى مصر هو أمر موجود منذ فترة طويلة ولكنه أصبح أساس نظام الحكم فى عهد مبارك الشديد الطول. نعلم أن هناك عددا من البليونيرات المصريين حققوا ثروات طائلة من تخصيص وشراء أراضى الدولة بثمن بخس ودفعوا جزءاً من الثمن بقروض من البنوك. هذا الأمر يجب أن يقف عند حده ويجب تصحيح الأوضاع الخاطئة. أما فساد بيع بعض مصانع القطاع العام والدولة بأسعار أقل من ثمنها بكثير والسماح بعمولات كبيرة ومكاسب رهيبة فهو أمر يجب أن يتوقف.
الفساد الكبير يا سيادة الرئيس آفة الدولة المصرية ويجب محاربته من أول رجال القصر الجمهورى، مروراً بمجلس الوزراء وجميع المصالح المصرية. الفساد ليس فقط سرقة مليارات الدولة المصرية ولكنه أيضاً فساد المنظومة وإلغاء تكافؤ الفرص، وفساد الدولة ينعكس على الطريقة التى يتم بها عمل مناقصات الدولة. الأمر المباشر هو بداية الاحتكار وإلغاء المنافسة وهى أساس الاقتصاد. فساد المقاولين بالاشتراك مع موظفى الدولة هو السبب فى تسلم طرق مرصوفة بطريقة غير سليمة ومبان تنهار بعد سنوات. لا بد من تطوير طريقة تسلم الدولة للمشروعات لضمان دقة التنفيذ. إن تقاضى الرشاوى فى المحليات هو أمر مسلّم به وهى منظومة فساد كاملة ومستمرة فى طرق إعطاء رخص البناء والتغاضى عن المبانى المخالفة. الاحتكار يا سيادة الرئيس هو أمر للأسف يسيطر على منظومة الاستيراد، هناك مجموعة محددة لا تسمح بمنافستها باستيراد مواد غذائية وتسيطر تماماً على السوق وتضاعف الأسعار وتحقق أرباحاً خيالية. أين قانون منع الاحتكار وتطبيقه؟!
معظم الفساد الحقيقى مرتبط بالدولة بطرق مختلفة ومنع الفساد هو أحد المهام الرئيسية لإنقاذ دول العالم الثالث. البرازيل حققت طفرة اقتصادية، وكانت الخطوة الأولى فيها هى السيطرة على كل الفساد الكبير. وهذا لا يمكن أن يتم دون شفافية كاملة تبدأ من الرئيس شخصياً وتفضح شبكة علاقات الفساد بين الدولة وكبار الأغنياء. العدل فى تطبيق القانون وتشجيع الشرفاء أمر ضرورى وعدم السماح لبعض وسائل الإعلام بابتزاز الشرفاء واختلاق قضايا وهمية تعطل العمل. القضاء السريع العادل هو جزء مهم من إصلاح منظومة الفساد، ولا بد من دوائر خاصة لإصدار أحكام سريعة تمنع الفساد وتبرئ الشرفاء.
سيدى الرئيس، الفساد فى كل مكان إن لم تقتله قتلك.
قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك.

No comments:

Post a Comment