Translate

Monday, June 30, 2014

رائد سلامة يكتب .. قُلْ يا أيُها المَانِحُونْ....الجزء الثالث: وَما تَفنى العَنَاقيدُ

 

:

175 مليار جنيه مصري ....... تلك هي قيمة ما تعرضه وزارة الإستثمار من مشروعاتٍ علي "المُستثمرين" و هي في الأغلب لن تعدو سوي أن تكون إمتداداً لمشروعات عصر مبارك ،علي ندرتها، أي أنها لن تكون مشروعات تنموية تخلق للمجتمع قيمة مضافة و تستوعب قوي عاملة قادرة لكنها عاطلة. و أنت إذا ما إفترضت -جدلاً- أن تلك المشروعات هي مشروعات هامة و لا غني عنها، فإن سؤالاً لابد أن يتبادر إلي ذهنك: "هل يمكن تمويل هذه المشروعات ذاتياً دون الحاجة إلي "مَانِحين"/"مُقرِضين"/"مُستَثمِرين" من الخارج عرباً كانوا أو أجانب؟" سيسارع البعض بالقول بأن مصر بلد فقير شحيح الموارد و لابد لنا من سيولة حتي يسري الدم في العروق ثانيةً. سأصدمك عزيزي القارئ و أخبرك بأننا لسنا في حاجةٍ إلي أموال "المَانِحين"، لأن المال موجودٌ ببساطة شديدة بين حدود "المحروسة"، و أن هذه ال175 مليار جنيه يمكن توفيرها ذاتياً في غضون عامٍ واحدٍ علي الأكثر، لكن الأمر يحتاج إلي إرادةِ فعلٍ قوية تتخذ من القرارات الصعبة ما لا يمس مصالح فقراءِ مصر. إليكم ما يمكن عمله لتوفير هذا المبلغ:
1. ضمُ الصناديقِ الخاصةِ لموازنةِ الدولة بما سيوفر مبلغاً لا يقل عن 66 مليار جنيه. سَأُخيبُ أمل البعض ممن سيقول بأن أن هذا الرقم غير دقيقٍ و أن أموال الصناديق قد نُهِبْت و إنقضي الأمر، لأقول لهم أن هذا الرقم قد تم تدقَيقه بمعرفة رجال الجهاز المركزي للمحاسبات الذين تمكنوا من حصر موجودات نحو 6 آلاف صندوقٍ خاصٍ من خلال فحص حساباتها بأربعة بنوك فقط (البنك الأهلي و بنك مصر و بنك القاهرة و بنك الإستثمار القومي)، و قدموا تقريراٌ بهذا الحصر إلي كل من المستشار عدلي منصور و المهندس إبراهيم محلب حين كان الأول في أواخر أيام رئاسته المؤقته و كان الثاني رئيساً للوزراء في عهدهِ و حتي الآن. لن أحدثكم عن حسابات الصناديق الخاصة ببنوك القطاع الخاص و التي ينبغي علي السلطة الحاكمة -إن أرادت إصلاحاً حقيقياً- أن تُشَكِل لجنةً لفحصِ تلك الحسابات، و حصر موجوداتها. سَيُذهلُ المصريون حينها من حجم أموالهم التي يُخفيها الفاسدون الذين يَمُدونَ أيديهم للخارج مُتسولينَ أو مُقترضين من قوي الشر العالمية و وكلائها الإقليميين الذين يسعون جميعاً للإحتفاظ بمصر فقيرةً مريضةً و جائعة، لينهش في لحمها الذئاب. إذن نحن أمام ثروة طائلة ينهل منها كل من هَبَ و دَبَ، "فالمال السايب يعلم السرقة" حسب المثل الشعبي العبقري. 66 مليار جنيه لا رقيب و لا حسيب عليها.. أموالٌ سائلةٌ يمكن ل10% منها فقط أن تعيد هيكلة ما تبقي -و ما عاد إلينا بحكم القضاء- من مصانع القطاع العام فتصرف للعمال مستحقاتهم و تُسددَ الديون و تشتتري مواداً خاماً و تُجددَ الآلات لأجل العمل بأقصي طاقة.
2. علاجُ خَطايا دَعم الطاقةِ و المواد البترولية بالموازنةِ العامة بما سيوفر 32 مليار جنيه أخري. فنحن نقوم بإستيراد طاقةٍ و مواد بترولية بما قيمته 9 مليار دولار بما يعادل نحو 65 مليار جنيه و نقوم ببيعها محلياً بنحو 25 مليار جنيه. إذن فقيمة دعم الطاقة الحقيقية هي 40 مليار جنيه تمثل قيمة الفرق بين ما نستورده (65 مليار جنيه) و ما نبيع به داخلياً (25 مليار جنيه). و تستفيد المصانع كثيفة الإستهلاك للطاقة بنحو 80% من قيمة الدعم بينما تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية، أي أنها تُعظِمُ من أرباحها دون وجهِ حق و بصورة فاحشة تُخِلُ حتي بأبسط قواعد التنافسية و النيوليبرالية المنفتحة بلا حدود، لأنها تستخدم طاقةً مدعومة فتصير تكاليف إنتاجها أقل من مثيلاتها بينما هي تبيع مُنتجاتها بنفس أسعار مثيلاتها العالمية. فإذا ما تمت مُحاسبة تلك المصانع بأسعار الطاقة العالمية من خلال إلغاء الدعم عنها فسنوفر نحو 32 مليار جنيه أخري.
3. إعادةُ هيكلةِ بعضِ بنودِ الموازنة بما سيوفر نحو 20 مليار جنيه أخري من خلال خفض النفقات غير اللازمة في الموازنة كمصروفاتِ الإستشارات و الإحتياطياتِ العامة المخصصة لحالات الطوارئ كالزلازل و الكوارث الطبيعية بينما تستخدم دون حساب، و إنهاء فوضي المستشارين الذين كانوا يشغلون وظائف بالدولة ثم أُحيلوا إلي التقاعد، ليتم تعيينهم بوظيفةِ مستشارٍ ليحصلوا علي مزيد من الدخول يُحْرَمُ منها شبابُ مصر الذي يعاني البطالة و الفقر.
4. تعديلُ قانونِ الثروة المعدنية القائم منذ خمسيناتِ القرن الماضي، و الذي مازالت عملية التسعير تتم بموجبه علي أساس أسعار ذلك الوقت بما سيوفر نحو 10 مليار جنيه أخري.
5. تحصيل فروق أسعار الأراضي التي بيعت بثمن بخس أيام المخلوع "مبارك" راعي الفساد و المفسدين بإعتبارها أراضي زراعية، فإذا بالمشتري يحولها إلي أراضي بناء كما حدث مع الشركة المصرية الكويتية للتنمية في أرض العياط البالغة 26 ألف فدان التي تم شراؤها قبل يناير 2011 بمبلغ 5 مليون جنيه (أي بسعر 5 قروش للمتر الواحد..نعم لم تَقرأها خطأً و لم أكتبها إلا صواباً..5 قروش للمتر الواحد بإعتبارها أرضاً زراعية) بينما تبلغ قيمة المتر الواحد لأغراض البناء نحو 350 جنيه. أي أن إجمالي ما يحق لنا تحصيله يصل إلي ما لا يقل عن 37 مليار جنيه.
6. فرضُ ضرائبَ تصاعديةٍ حقيقيةٍ و علي الأرباحِ الرأسمالية و القصور الفارهة (و هي ضرائبٌ متعارفٌ عليها في أعتي الرأسماليات) بما سيوفر نحو 10 مليار جنيه اخري.
هذه البنود الستة توفر لنا مبلغاً و قدره 175 مليار جنيه و لدينا مزيد، فمازال في الجعبة الكثير، لكني فقط أردت أن أوضح من هذا الحساب البسيط أننا قادرون ذاتياً علي توفير ما تسعي حكومتنا للحصول عليه من "المَانِحين"، بينما الحل يَكْمُنُ بين حدود "المحروسة".
قُلْ يا أيها "المَانِحُون"/"المُقرِضون"/"المُستَثمِرون" أياً كانت هُويَاتِكُم أو جِنسياتِكُم..لا نُريدُ أموَالَكُم فلدينا ما يكفينا لإقامةِ تنميةٍ مُستقلةٍ نَعتمدُ فيها علي أنفُسِنا، و نَقومُ بخلقِ إقتصادٍ إنتاجيٍ قوي و نُرَتِبُ عَلاقاتِ الإنتاج، و نُوَزِعُ ثروات بلادنا علي النحو الذي يحقق الكفاية و العدل الإجتماعي، و يوفر حرية و إستقلالية قرارنا السياسي بلا تبعيةٍ لأحد و دون الحاجةِ للتسول أو الإقتراض أو الإستثمار الأجنبي، أو كما قال "أبو الطيب":
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها
فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ

No comments:

Post a Comment