Translate

Saturday, February 20, 2016

تعلَّم فليس المرء يُولد عالماً! بقلم د. وسيم السيسى ٢٠/ ٢/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

لم أرَ ظلماً للحضارة المصرية يشبه هذا الظلم «ومن أحد أبنائها»! ولم أر جهلاً بهذه الحضارة يشبه هذا الجهل.
زميلى العزيز أستاذ جمال أبوالحسن:
لو كنت تقرأ لعرفت أن حضارتنا لم تندثر، اندثرت عسكرياً ولم تندثر حضارياً - فهذا خط منهجى فى الكتابة ومن البداية يا أستاذ جمال!
هل قرأت ما قالته عمدة برلين الحالية، كارين شوبارت، قالت: كيف كان سيصبح شكل العالم اليوم لو لم تكن الحضارة المصرية القديمة؟ وما قاله عالم المصريات الإنجليزى والاس بانج: نحن فى حاجة إلى قرن أو اثنين من الزمان حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة الإنسانية!
هل تعرف أن أربعة من علماء الرياضيات جمعوا ٣٦ وثيقة أصلية فى الرياضيات المصرية وهم «أرشبيالد، تشيز، مانج، وبل»! فيها قوانين الدائرة، المثلثات، وأهمها النسبة التقريبية ٣٥٠٠ق. م، وتأتى وتقول لم يتركوا لنا نظريات هندسية مثل فيثاغورث، وفيثاغورث نفسه تعلم فى مصر ٢٢ سنة، كما تعلم أفلاطون ١٣ سنة، وترك لنا فى كتابه القوانين: ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه من مصر، كما يقول د. طه حسين فى كتابه: «مستقبل الثقافة فى مصر»: اليونانيون يعرفون أنهم تلاميذ للمصريين فى حضارتهم القديمة، كما يذكر لنا شولون الذى تعلم القانون فى مصر: طبطب على كتفى أحد الكهنة المصريين وقال: أنتم أيها اليونانيون أطفال بالنسبة لنا! فقد علمنا أفلاطون الفلسفة ١٣ سنة!
أنت لم تقرأ «أثينا السوداء» لمارتن بارنال.. أرجو قراءتها!! كما تقول إن الملوك كانوا آلهة! ذلك لأنك لا تعرف أن القانون فى مصر القديمة كان يحتم على الملوك أن يكونوا فى مقدمة الصفوف عند إعلان الحرب، استشهد من ملوك الأسرة ١٧ سقنن رع، كاموس، وكاد أن يستشهد رمسيس الثانى «الأسرة ١٩»، تحوتمس الثالث «الأسرة ١٨ - موقعة عرونا التى طبقها اللورد اللنبى ١٩١٦»! أنت لا تعرف أن محكمة من ١٥ قاضياً تشكلت لمحاكمة أسرة رمسيس الثالث.. وحكمت بإعدام أميرين وقاضيين، فانتحر القاضيان قبل تنفيذ الحكم! كان القاضيان موالسين مع القصر!!
تقول بكل أسف إن الحضارة المصرية انشغلت بالموت، ألم تقرأ قول آلان جاردنر: لم أر شعباً فى الدنيا كان محباً للحياة مثل الشعب المصرى، بل كان على استعداد أن ينفق كل ما يملك من أجل الاستمتاع بالحياة، لقد عرّفوا العالم أن هناك حياة بعد هذه الحياة «الموت» وسموه الخروج إلى النهار، وهم الذين وضعوا لنا السلم الموسيقى السباعى.. فهل الموسيقى موت؟ وهم الذين مارسوا كل أنواع الرياضة ماعدا كرة القدم، وهم الذين عرفونا بكل أنواع الرقص، وهم الذين عرفونا بالطب المدنى والعسكرى والوقائى، وهم الذين عالجوا البلهارسيا بالأشيمون كما كنا نعالجها منذ ٣٠ سنة، عيب يا رجل، إن كلمة دين، صوم، حساب، آخرة، حج، ماعون، كعبة كلها كلمات فرعونية قديمة مازلنا نرددها!
أنت لم تقرأ عن بعثة واسيرا اليابانية، ولا بعثة بيركلى الأمريكية، ولا كتب التكنولوجيا المتقدمة فى بناء الأهرام «كريستوفر Dunn»، ولا التاريخ المنسى لدوجلاس كينيون، وكيف أن الأهرامات كانت مراصد فلكية ومحطات لتوليد الطاقة Pizo Electric Effect لقطع الجرانيت، لا تردد قول الجهلة من اليهود، الذين قال عنهم فرويد: عقدة اليهود الأزلية هى الحضارة المصرية، ولكن يبدو أنها عقدة بعض المصريين أيضاً!
اقرأ يا رجل ما كتبه د. محمود دسوقى، د. محمد السقا فى كتابهما الرائع: فلسفة وتاريخ القانون المصرى القديم، والاثنان أستاذا القانون فى كلية الحقوق جامعة القاهرة: هذه الحضارة ظلت آلاف السنين لأنها قامت على قانون كان عالمياً فى مراميه، عادلاً فى أحكامه، صافياً فى مواده.
قام على دعامتين: العدل أساس الملك، العدالة الاجتماعية، فالكل أمام القانون سواء بسواء، أخذه سولون لليونان، ومنه إلى روما «جوسنتيان» ومنه إلى فرنسا «نابليون»، ومنه إلى مصر! يقول المؤلفان: بضاعتنا وقد ردت إلينا!
اقرأ يا رجل قبل أن تكتب.. وتعلم:
تعلّم فليس المرء يُولد عالماً
وليس أخو جهل كمن هو عالم
وإن كبير القوم لا علم عنده
صغير إذا التفت عليه الجحافل

No comments:

Post a Comment