Translate

Saturday, October 15, 2016

رسائل الرئيس - د. عماد جاد - جريدة الوطن - 15/10/2016

فى كلمته التى ألقاها فى ختام الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على توجيه مجموعة من الرسائل إلى المحيط الجغرافى ودول الجوار من عربية وغير عربية، كانت الرسالة الأولى لشعب وحكومة إثيوبيا ومؤداها أن مصر لا تتدخّل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، ولا تشارك فى مؤامرات على هذه الدول، مهما تنوعّت قضايا الخلاف، وقد سبق لمصر أن بعثت برسالة واضحة إلى رئيس وزراء إثيوبيا مؤداها أن مصر مع المشروعات التى تخدم الشعب الإثيوبى وتساعد فى توفير احتياجاته، لكنها لن تُفرّط فى حقوق مصر التاريخية من موارد النيل، لأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة للمصريين. الرسالة الأطول والأوضح والأقوى كانت للأشقاء فى المملكة العربية السعودية، وكانت رسالة متعدّدة المكونات، أول مكون منها أن مصر دولة مركزية فى المنطقة تبنى سياستها الخارجية وفق رؤيتها لمصالحها وللأمن القومى المصرى والعربى، والرسالة هنا أن مصر لا تُصوت فى هيئات الأمم المتحدة ومنظماتها مجاملة لأحد، أو سيراً وراء أى دولة مهما كانت طبيعة العلاقة معها، وهو أمر مستقر لدى مؤسسة الخارجية المصرية، فقد كانت شكاوى واشنطن المتكرّرة للقاهرة هى أنكم تُصوتون عكس رغباتنا، رغم أننا نُقدم لكم مساعدات عسكرية واقتصادية وبيننا علاقات استراتيجية. ورصدت واشنطن أن القاهرة صوّتت ضد نمط تصويت واشنطن فى الجمعية العامة ومجلس الأمن بنسبة تصل إلى أكثر من ٨٠٪، وهو أمر سلمت به واشنطن رغم ما بينها وبين القاهرة فى عقدى الثمانينات والتسعينات من روابط. ومن بين أسس ومبادئ السياسة الخارجية المصرية التى شدّد عليها الرئيس هى أن مصر لا تشارك فى عمليات تؤدى إلى قتل أبرياء، وأنها تُفضّل على الدوام الحلول السياسية التفاوضية للمشكلات والخلافات داخل الدول، ومن ثم فمصر ضد الأعمال الإجرامية التى تجرى فى سوريا اليوم، كما أن القاهرة ضد سياسة دعم الجماعات الإرهابية المسلحة التى تقاتل الشعب السورى والدولة السورية، وأنه لا بد من نزع سلاح هذه الجماعات الإرهابية وبدء عملية سياسية لتسوية الصراع فى سوريا وأن الكلمة الفصل فى بقاء الأسد من عدمه هى للشعب السورى وليس لدول مجاورة أو لجماعات إرهابية.
ووجّه الرئيس رسالة واضحة إلى الجميع، مؤداها أن مصر سيدة قرارها، وأنها لا ولن تركع إلا لله وحده، وطلب الرئيس فى ختام كلمته من المصريين ومن وسائل الإعلام عدم المشاركة فى الشتائم والبذاءات التى يتعرّض لها شخصياً وتتعرّض لها مصر، وذلك فى إشارة إلى حملة البذاءات والشتائم التى توجّه ضد الرئيس شخصياً، وضد مصر كدولة، والشعب المصرى، على يد بعض من وسائل الإعلام السعودى والشخصيات العامة والمواطنين السعوديين الذى كالوا الاتهامات والإهانات للرئيس وللشعب المصرى عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأبرزها مواقع التواصل الاجتماعى. وقال الرئيس بوضوح أطلب من المصريين ومن الإعلام المصرى عدم الدخول فى هذه الحملة وعدم الرد، مؤكداً أن طلبه هذا يأتى من موقف قوة وليس موقف ضعف، فهو يعلم تماماً أن الإعلام المصرى والخاص تحديداً والشباب المصرى قادر على شنّ حملة ساحقة، دفاعاً عن رئيسه وبلده، ولديه من الأدوات، ومن المواد ما يُمكنه من ذلك، لكن الرئيس يُدرك تماماً أنه ما هكذا يتصرّف رجال الدولة ولا الشعوب المتحضّرة، ويدرك تماماً أن مصالح المنطقة العليا تُضار كثيراً بتصاعد الخلافات بين مصر والسعودية، وأنه مهما كانت الخلافات، فسوف يجلس الجميع معاً على مائدة الحوار، وعندها سيتم الحساب وتُقدم الدلائل على الأخطاء، وعلى من تجاوز الاعتذار عن تجاوزه. وفى تقديرى أنه قريباً جداً ستُدرك الرياض أنها فى أمس الحاجة إلى دعم ومساندة القاهرة وكل من هو مهموم بأمن المنطقة واستقرارها، فقد قررت واشنطن «حَلْب» السعودية وبدء تنفيذ مخطط التقسيم، وهنا لا سند للرياض سوى القاهرة مهما غابت الرؤية وحدث حَوَل فى النظر، المهم هنا ألا تطول حالة غطرسة القوة وغرور المال الذى ينطلق منه نفر من السعوديين فى هجومهم على مصر، فغطرسة القوة وغرورها سبق وأهلكت قوى كبرى وممالك كبيرة كانت تملك من مصادر القوة أكثر كثيراً من مجرد مال مستخرَج من بطن الأرض.

No comments:

Post a Comment