Translate

Sunday, October 30, 2016

د. عماد جاد - قفزات نوعية (٣) - جريدة الوطن - 30/10/2016

وجهت رئاسة الجمهورية الدعوة لمختلف ألوان الطيف السياسى والفكرى للمشاركة فى المؤتمر الوطنى الأول للشباب، لم تستثن أحداً، من الذين يؤمنون بالحوار كأداة لحل الخلافات والوصول إلى توافقات، من الدعوة، وشارك الجميع عدا أحزاب وقوى سياسية صغيرة بعضها له مقاعد فى البرلمان (مثل حزب الكرامة والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى) وبعضها لا مقاعد له (مثل التيار الشعبى)، فقد رفضوا تلبية دعوة رئاسة الجمهورية، وحرموا شبابهم من المشاركة فى حوار وطنى غير مسبوق تصدره الشباب وشارك فيه رئيس الجمهورية. وقد شارك بعض ممن قاطعت قياداتهم المؤتمر، شاركوا فيه وساهموا فى مختلف المناقشات، وقد كانوا سعداء للغاية لأنهم سبق وهاجموا الرئيس والحكومة بكل قوة وشراسة، ورغم ذلك أخذوا أماكنهم على منصة المؤتمرات وطرحوا أفكارهم بكل قوة وكل حرية، وتفاعل الحضور معهم إيجابياً، وقد تفاعل الرئيس أكثر من مرة مع مداخلات محمد عبدالعزيز، أحد أبرز شباب التيار الشعبى الذى يقوده حمدين صباحى. وشارك شباب من حزب الكرامة الناصرى الذى قاطع المؤتمر، وكان شبابه غاية فى السعادة والحزن فى آن واحد، السعادة لأنهم يشاركون فى مؤتمر وطنى بحضور رئيس الجمهورية، والحزن بسبب الحملة الشرسة التى شنها عليهم شباب التيار والحزب واتهموهم فيها بالخيانة وعدم الوفاء، هذا بينما كان الشباب المشارك يرى فى المشاركة فعلاً وطنياً إيجابياً، وقد تحدثت مع بعضهم وكانوا سعداء بتجربة المشاركة وأكدوا أنهم لم يتوقعوا مشاركة الرئيس ولا الروح الإيجابية التى سيطرت على المناقشات، وخلصوا إلى عدم جدوى المقاطعة، وأن ما شهده المؤتمر من حوارات ومناقشات قد غير كثيراً من أفكارهم المسبقة. وفى تقديرى أن ذلك يعد إنجازاً رئيسياً للمؤتمر، وهو خروج شباب وطنى واعد من دائرة المقاطعة والخصومة مع النظام، إلى دائرة الاشتباك الإيجابى مع الأفكار المطروحة والسجال مع شباب الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، هذا بينما كشف هذا الموقف الإيجابى من الشباب، مواقف القيادات القائمة على الرفض للرفض، قيادات بنت تاريخها السياسى على قول لا، ترفض الحوار وتخشاه، ليس لديها منطق فى الحوار ولا مبرر للمقاطعة، وأتصور أنها قيادات انتهت صلاحيتها وعليها أن تترك مواقعها لقيادات شابة لديها القدرة على التفكير الإيجابى ولا تحمل على أكتافها وزر تاريخ من المقاطعة، قيادات تظهر فقط عندما تتأزم الأوضاع أو يواجه الوطن تحديات، والظهور يكون للإعلان عن فشل القيادة القائمة وطرح الذات كبديل، ومن ثم بات مستقراً لدى الرأى العام المصرى أن ظهور هذه القيادات من الداخل أو الخارج بات «دليل شئوم» فالظهور أو التغريد على مواقع التواصل الاجتماعى مرتبط بأزمات الوطن. باختصار هى قيادات انتهت صلاحيتها وآن الأوان لها لأن تتنحى وتبتعد عن المشهد لصالح قيادات شابة قادرة على التواصل مع نظرائها من القوى والتيارات السياسية المختلفة.
ومن ثم نستطيع القول إن من أبرز نتائج المؤتمر الوطنى الأول للشباب كشف تهافت وضعف مواقف قيادات سياسية معارضة عاشت تجربتها على نقد النظام وقول لا، ومن ثم قررت مقاطعة المؤتمر، هذا بينما شارك شباب من هذه القوى السياسية واشتبك إيجابياً مع الأفكار المطروحة وبرهن على قدرته على الحوار والسجال للوصول إلى توافق وطنى، ومن ثم فإن استمرار حوار الشباب سوف يخلق قنوات للتواصل بين الأجيال الجديدة من مختلف التيارات السياسية على النحو الذى يبنى تجربة جديدة فى الحوار الوطنى والتفاعل بين القوى والتيارات السياسية والفكرية المختلفة، عكس حال القيادات التاريخية لقطاع من التيارين اليسارى والناصرى بنى حياته السياسية على المعارضة وقول لا، فى وقت الوطن فيه فى أمس الحاجة لمن يقول نعم للحوار على أرضية وطنية.

No comments:

Post a Comment