Translate

Monday, October 31, 2016

د. عماد جاد - قفزات نوعية (٤) - جريدة الوطن - 31/10/2016

ناقش المؤتمر الوطنى الأول للشباب على مدار ثلاثة أيام عشرات الموضوعات السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والدينية، جرت المناقشات بحرية تامة، وفى حضور رئيس الجمهورية وأيضاً شباب الأحزاب والقوى السياسية بما فيها قوى من اليسار والتيار القومى. كان الجميع سعيداً بالأجواء العامة التى سادت المؤتمر، فللمرة الأولى فى تاريخ مصر تجرى مثل هذه المناقشات، يطرح كل مشارك رأيه بحرية، الشباب يدخل فى سجال مباشر مع بعضه بعضاً، ويتدخل رئيس الجمهورية الجالس فى مقاعد الحضور فى النقاش من حين إلى آخر للإدلاء برأيه أو التأكيد على أفكار محددة، وكثيراً ما تدخل الرئيس لنصح الشباب بالهدوء والتريث واحترام قواعد الحوار واحترام الكبير وصاحب الخبرة من ناحية ثانية، فقد لاحظ الرئيس ومعه من شارك فى المؤتمر أن الشباب كان يتعامل مع المؤتمر على أنه مؤتمره هو، وهو صحيح، لكنه ليس مؤتمره وحده، ولا يوجد توجه فى العالم يغيب عنصر الخبرة عن مثل هذه المؤتمرات، ففى كافة قضايا النقاش كانت هناك قامات وطنية دورها نقل الخبرة للشباب وتقديم النصائح، ولكن ما حدث هو أن الشباب، فى بداية المؤتمر، لم يكن مستعداً لسماع الخبرات المصرية فى المجالات المختلفة، بعضهم قال إننا استمعنا كثيراً وطويلاً لهم وعلى مدار سنوات طويلة، وآن الأوان أن يستمعوا هم لنا، آن الأوان أن نتحدث نحن، ويستمعوا هم، وهو أمر تم طرحه باندفاع الشباب على النحو الذى دفع الرئيس السيسى للتدخل أكثر من مرة وتقديم النصائح للشباب بألا يستعجلوا من ناحية ويقللوا من قدر القامات المصرية المشاركة معهم، التى تعمل على صقلهم بالخبرات التى راكموها عبر عشرات السنين. أيضاً دار سجال طويل وحر حول: هل يؤسس الرئيس حزباً سياسياً يمثل الظهير السياسى له؟ أم يظل الرئيس فوق الحزبية ويتعامل مع الأحزاب السياسية الرئيسية الموجودة على الساحة بأنها الظهير السياسى له؟ انقسم الحضور ما بين مؤيد لأن يكون للرئيس حزب سياسى، وبين محذر من ذلك بقوة على أساس أن فى ذلك إعادة إنتاج للحزب الوطنى، فبمجرد إعلان تشكيل حزب سياسى للرئيس سوف تسعى غالبية النواب من مختلف الأحزاب والقوى والانتماءات السياسية إلى الانضمام للحزب الجديد بحثاً عن المصالح والمنافع الخاصة، كما كان الحال فى عهد الحزب الوطنى. والملاحظة العامة هنا أن الشباب كانوا أكثر ميلاً لفكرة تأسيس حزب سياسى للرئيس من كبار السن، وأن الشباب المستقل غير المنتمى حزبياً كان الأكثر تأييداً لفكرة تأسيس حزب سياسى للرئيس، الملاحظة الجوهرية أن الرئيس كان ينصت للسجال الدائر حول تأسيس حزب سياسى خاص به، باهتمام شديد، وخلص من هذا الجدل بإرسال رسالة غاية فى الأهمية، قال إننى أريد تسليم السلطة لمن يأتى بعدى بشكل ديمقراطى ووفق الدستور، صحيح أن الرئيس لم يعلن موقفه المحدد من مسألة تشكيل حزب سياسى خاص به، إلا أن الاستنتاج العام هو أن الرئيس لا يفضل ذلك، وأتصور أنه الموقف الحكيم الذى يصب فى مصلحة البلاد ويساعد على تطوير نموذجنا الخاص فى التحول الديمقراطى، فتأسيس حزب سياسى جديد للرئيس يعنى أنه سيكون حزب الأغلبية من اللحظة الأولى، حيث سيتسابق أصحاب المصالح من كل حدب وصوب للالتحاق بالحزب الجديد بحثاً عن مصالحهم الخاصة، وهنا ستتحول كافة الأحزاب السياسية القائمة إلى أحزاب قزمية تلعب دور الكومبارس، هذا فى حين أن التجربة تقول إن هذه الأحزاب تتطور بمرور الوقت وتنضج وتضعنا على أول طريق التحول الديمقراطى الذى يبدأ بعدم وجود حزب مهيمن ومسيطر وأن من يشكل الحكومة عليه أن يأتلف مع أحزاب سياسية أخرى، حتى يحوز الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة.
وللحديث بقية

No comments:

Post a Comment