Translate

Saturday, October 15, 2016

المصرية التى علمت السويسريين النظافة بقلم د. وسيم السيسى ١٥/ ١٠/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

إنها فيرينا.. الفتاة الصعيدية المولودة فى جاراجوس محافظة قنا سنة ٢٨٠ ميلادية فى العصر الرومانى فى حكم أسوأ حكام روما «دقلديانوس» الذى حكم من ٢٨٤م حتى ٣٠٥م، وسمى عصره فى المسيحية بعصر الاستشهاد، وأصبح يؤرخ لبدء السنة القبطية بسنة ٢٨٤ م.
أمر هذا الطاغية بترحيل فرقة عسكرية من المصريين من طيبة إلى روما، وكانت هذه الفرقة مكونة من ستة آلاف وستمائة ضابط وجندى، برئاسة الضابط المصرى موريس، وكان مع هذه الفرقة مجموعة من الممرضات المصريات المسيحيات، منهم فيرينا أخت الضابط موريس، والتى توفيت ٣٤٤م.
ذهبت هذه الفرقة العسكرية لإخماد الثورات فى سويسرا وروما، والنمسا، وألمانيا، وجنوب فرنسا، وبكل أسف استشهدوا جميعا حين أمرهم القائد الرومانى بالتبخير للأوثان الرومانية، فرفضوا، وأبقى القائد على الممرضات ومنهم فيرينا التى تعتبر نواة فكرة الصليب الأحمر التى طبقها هنرى دونان ١٨٦٢م! خدمة الجرحى فى الحروب، هناك ٧٠ كنيسة فى سويسرا، ٣٠ كنيسة فى ألمانيا باسم فيرينا أو القديسة فيرينا.
نجد فى السفارة السويسرية فى القاهرة، تمثالاً لفيرينا حاملة إبريق مياه، ومشطا، كما نجد لها تماثيل فى كل مكان، فى سويسرا ألمانيا، ويقولون عنها: إنها فيرينا.. المصرية التى علمت سويسرا النظافة، كما علمت بناتها العفة، علمتهم كيف يستحمون، ويمشطون شعورهم، كما علمتهم كيف يضمدون جراحهم، وكيف يستخدمون الأعشاب الطبية فى علاج أمراضهم، وذلك بمخزونها الحضارى فى النظافة والعلاج. هذه النظافة التى تحدث عنها شامبليون: قيود النظافة فى مصر سديدة، وقد عجبت حين رأيتهم يتناولون طعامهم بالخارج، ويقضون حاجتهم داخل بيوتهم! ملحوظة مصر كانت الوحيدة التى لديها نظام الصرف الصحى، والعالم كله كان يقضى حاجته فى الخلاء بالخارج.
انتهى عصر دقلديانوس ٣٠٥م، وتولى الحكم من بعده قسطنطين الذى أعلن فى سنة ٣١٣م، بمرسوم ميلان أن الإمبراطورية الرومانية دولة مسيحية ولكن بعد استشهاد الكتيبة العسكرية من طيبة والتى كانت تحت رئاسة موريس الذى أصبح قديساً بعد ذلك،
استشهد سان موريس ٣١٥م، وتحتفل سويسرا وفرنسا وروما، وفيينا كل عام فى ١١ سبتمبر بذكرى سان موريس، وسانت فيرينا، وهناك مقاطعة فى سويسرا باسم سان موريس، كما أن هناك صخرة فيرينا، وبئر فيرينا فى ألماينا، ومياه فيرينا فى بادان،
تم أخيراً نقل رفات القائد المصرى سان موريس ورفات أخته سانت فيرينا إلى مصر عام ١٩٨٦م أى بعد حوالى ١٥٠٠ سنة، تسلم البابا شنودة الرفات، كما تسلم مطران سانت كاترين جزءا من الرفات، وقد كان مؤلماً ومؤثراً دموع مطران دير سان موريس بسويسرا وهو يقول: أخيراً عدت إلى وطنك مصر ياسان موريس.
الدكتور رمسيس مرزوق الفنان الكبير، قام بإعداد وإخراج فيلم وثائقى مدته عشرون دقيقة بعنوان: فيرينا المصرية التى علمت السويسريين النظافة والعفة، هذا الفيلم على وشك الظهور باحتفالات كبيرة فى مصر وسويسرا وألمانيا وفرنسا.
أين نحن من تراثنا الذى لا ينتهى أبداً، أين الإعلام، ووزارات الثقافة والتعليم والسياحة؟! هل حق علينا قول أمير الشعراء:
الناس صنفان موتى فى حياتهم وآخرون ببطن الأرض أحياء؟!.

No comments:

Post a Comment