Translate

Sunday, September 10, 2017

د. عماد جاد - مناورات قطرية - جريدة الوطن - 10/9/2017

جاء خبر اتصال أمير قطر بولى العهد السعودى مفاجئاً لكل المتابعين للملف، وللإعلام التابع للدول الأربع المقاطعة لهذه الدويلة، المؤكد ووفق الأعراف الدبلوماسية، فإن الاتصال جرى ترتيبه وكان طرفاه، أى القطرى والسعودى على علم تام به، والمؤكد أن هناك وسطاء رتبوا هذا الاتصال كنوع من الدعم للموقف القطرى من خلال الإيحاء بوجود جهود دبلوماسية لحلحلة الأزمة. المؤكد أيضاً أن المبادرة جاءت من الجانب القطرى، ومن خلال حلفاء لقطر، حاولوا إتمام الاتصال التليفونى مع ولى العهد السعودى، ثم توظيف الاتصال لاحقاً لإحداث اضطراب فى صفوف الدول الأربع المقاطعة، شخصياً لا أعلم ما إذا كان ولى العهد السعودى قد أبلغ الدول الثلاث الأخرى، أى مصر والإمارات والبحرين بالترتيبات الخاصة بإجراء الاتصال التليفونى، فالاتصالات على هذا النحو والمستوى لا تتم فجأة ودون ترتيب، والأعراف الدبلوماسية وعلاقات الدول فى مثل هذه الحالات تقتضى قدراً كبيراً من الشفافية بين الدول الحليفة، أو التى تشارك معاً كطرف فى الأزمة، وإذا لم يكن ولى العهد السعودى قد أبلغ قادة الدول الثلاث الأخرى بالترتيبات الجارية لإجراء اتصال تليفونى مع أمير قطر، فهو بلا شك يمثل خطأ بالغاً، ويساعد الجانب القطرى على تحقيق ما يريد من اختراق لمواقف الدول الأربع وخلخلة الثقة بينها.
عموماً لم يتأخر أمير قطر فى توظيف الاتصال التليفونى، حيث بادرت وكالة الأنباء القطرية ببث خبر يقول بحدوث اتصال تليفونى بين أمير قطر وولى العهد السعودى دون أن تشير إلى أن الاتصال جاء بمبادرة من أمير قطر، بل إنها أوحت بأن الاتصال جاء بمبادرة من ولى العهد السعودى، وهو محض كذب، أيضاً أوردت وكالة الأنباء القطرية أن الاتصال كان للتباحث فى سبل الخروج من الأزمة، وهو أمر يجافى ما اتفقت عليه الدول الأربع ومؤداه أن هذه الدول منفتحة على التواصل مع قطر لتنفيذ الثلاثة عشر شرطاً للدول الأربع، أى أن الاتصالات لا تهدف إلى تفاوض أو تباحث، بل فقط كيفية تلبية شروط الدول الأربع.
لم تمر دقائق على الاتصال حتى اتضحت ملامح المخطط القطرى من وراء هذا الاتصال، فالمخطط يعتمد على تفتيت مواقف الدول الأربع والإيحاء بأن الحل فى الرياض، وأن الدول الثلاث الأخرى تابعة للموقف السعودى، وهو أمر كفيل بإحداث خلخلة فى مواقف هذه الدول.
ويعتمد المخطط أيضاً على الترويج لفكرة عجز الدول الأربع عن تحقيق شروطها، ومن ثم بدأت الاتصالات من أجل البحث عن حلول وسط بعكس ما اتفق عليه وزراء خارجية الدول الأربع، وهو لا تفاوض، وإنما اتفاق على تنفيذ الشروط.
ويبدو واضحاً أن الدوحة لا تزال تتبع سياسة مكشوفة فى التلاعب تتمثل فى الحديث المتكرر عن اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وأن «هاكرز» قد اخترقوا الموقع ووضعوا عليه تصريحات على لسان الأمير وبثوا مواد لا علاقة لقطر بها.
بدا الاضطراب واضحاً على وسائل الإعلام التابعة للدول الأربع وتحديداً السعودية من عامة وخاصة، فبدأت بعد منتصف الليل فى إجراء سلسلة من الحوارات التليفونية مع الخبراء والمحللين، موجهة أسئلة محملة بالتشكيك فى الموقف القطرى، ومركزة على عدم مصداقية القيادة القطرية واعتمادها أسلوب الخداع، وهى جميعاً صحيحة، لكن الأهم من كل ذلك هو ضرورة رفع درجة الشفافية بين العواصم الأربع، وضرورة تكثيف الاتصالات والمشاورات بينها قبل أى خطوة، وألا تقدم أى دولة من الدول الأربع على إجراء أى اتصال مع قطر إلا بعد الرجوع للدول الثلاث الأخرى، وترتيب الأمر معها حتى لا تفاجأ بالمكر والخداع القطرى مجدداً، وتتراجع الثقة بين العواصم الأربع.

No comments:

Post a Comment