Translate

Saturday, September 16, 2017

د. عماد جاد - وكأنه مندوب دولة ديمقراطية متقدمة - جريدة الوطن - 16/9/2017

تحدّث وزير الدولة القطرى للشئون الخارجية فى الاجتماع الوزارى للجامعة العربية وكأنه مندوب دولة ديمقراطية تحتل مرتبة متقدمة على سلم ترتيب القوى الدولية، فقد سيطر الغرور والغطرسة على كلماته التى ألقاها وتداخل بها أثناء الحديث، وجّه كلاماً خالياً من الكياسة والدبلوماسية للدول العربية الأربع المقاطعة لبلاده، اشتبك مع سفير المملكة العربية السعودية ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، فى سجال أشبه بـ«خناقات الحوارى المصرية»، افتقد الرجل كل ما له صلة أو علاقة بالدبلوماسية، كان يبدو فى صورة «فتوة» يستخدم لغة تمت إلى عالم الجريمة والحوارى، لا إلى عالم الدبلوماسية. لم يكتفِ بالحديث عن جرائم الدول الأربع بحق بلاده بل اتهمها أيضاً بأنها تحاصر بلاده، وهو أمر غير صحيح من ناحية القانون الدولى، فالدول الأربع تقاطع بلاده لا تحاصرها، لأن الحصار لا يفرض من قِبل دولة أو دول ضد دولة أو دول أخرى، بل يفرض من المنظمة الدولية، أى الأمم المتحدة، وبالتالى فالمندوب القطرى يتعمد استخدام كلمة حصار للإيحاء للمجتمع الدولى بأن الدول الأربع تخالف القانون الدولى. لم يكتفِ الرجل بذلك، بل دخل فيما يمكن أن نسميه «مكايدة سياسية» عندما قال إننا تعاملنا مع إيران وهى دولة «شريفة»، قال ذلك وهو يعلم أن إيران تحتل ثلاث جزر من دولة الإمارات العربية المتحدة، قال ذلك وهو يعلم أن إيران تقول ليل نهار إن البحرين محافظة إيرانية، قال ذلك وهو يعلم الدور التخريبى الذى تقوم به إيران فى العديد من الدول العربية، فى العراق، واليمن، وما تحاول بثه من فتن داخل المملكة العربية السعودية، وتحديداً المنطقة الشرقية حيث أغلبية السكان تنتمى إلى المذهب الشيعى، يقول ذلك وهو يعلم عمق الخلافات والتناقضات بين إيران ومصر منذ الثورة الإيرانية عام 1997، وإطلاق السلطات الإيرانية اسم قاتل الرئيس السادات (خالد الإسلامبولى) على أحد شوارع العاصمة طهران، يقول ذلك وهو يعلم تماماً المخطط الإيرانى لتصدير الثورة ودور إيران التخريبى فى شرق أفريقيا ووجودها اليوم فى قلب عدد من العواصم العربية.
فى تقديرى أن اللغة الحادة التى استخدمها وزير الدولة القطرى للشئون الخارجية تستهدف تصدير شعور بقوة الموقف وسلامته، لا سيما أن الكلمة تزامنت مع جولة لأميره على القواعد العسكرية الأجنبية من أمريكية وتركية وقوات إيرانية، للإيحاء بأن الدويلة محمية من قوى مختلفة، أى أن الرجل أراد أن يرسل رسالة بقوة موقف بلاده وسلامته من الناحية القانونية فكانت النتيجة العكس تماماً، فهى رسالة شخص يشعر وتشعر بلاده بوطأة المقاطعة وصعوبة الموقف، المهم هنا هو تماسك موقف الدول الأربع المقاطعة وعدم إقدام أى دولة منها على فعل منفرد مع قطر، مثل الاتصال التليفونى بين ولى العهد السعودى وأمير قطر، الذى رتبت قطر مسبقاً لاستخدامه فى ضرب الثقة بين الدول الأربع، وإذا كانت هناك أفكار من أى نوع فلا بد من التشاور والتنسيق بين العواصم الأربع قبل الإقدام على أى خطوة من هذا النوع، فقطر تعمل من خلال شبكة من الخبراء والمستشارين ومراكز الفكر والبحث الإقليمية والدولية، وتحديداً الأمريكية، وتنفق مئات الملايين من الدولارات على أمثال هذه المراكز.

No comments:

Post a Comment