Translate

Monday, September 18, 2017

د. عماد جاد - من يثق فى «حماس»؟ - جريدة الوطن - 18/9/2017

هناك تساؤلات كثيرة مطروحة فى الشارع المصرى وبين الكتّاب والمتخصصين فى الشأن الفلسطينى وشئون الحركات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين، فحوى التساؤل يدور حول الانفتاح المصرى على حركة حماس واستضافة لقاءات تجمع بين تيار القائد الفتحاوى محمد دحلان ووفود من حركة حماس بهدف تصفية الخلافات بين هذين التيارين باعتبار أن خصومتهما جوهرية ومن ثم فإن تسوية الخلافات بينهما تساعد على الدخول فى مرحلة تالية من المصالحة داخل فتح وبين فتح وحماس، والسؤال هو: ومن أين جاءت الثقة المصرية فى حركة حماس التى تعرّف نفسها وفق ميثاقها الأول الصادر عام 1988 بأنها تتبع جماعة الإخوان فكراً وتنظيماً؟ من أين جاءت الثقة وقادة حماس ومكتبها السياسى دعموا خطة الجماعة للقفز على السلطة فى مصر وشاركوا فى الأحداث الإرهابية التى وقعت فى مصر بعد 25 يناير؟ من أين جاءت الثقة وحماس كانت طرفاً فى المؤامرة الإخوانية على الشعب المصرى وقواته المسلحة بعد ثورة 30 يونيو، بل قامت باستعراضات مسلحة على الحدود مع مصر، ودعمت تركيا وقطر وسعت بكل قوة لنقل الملف الفلسطينى خارج مصر، إلى الدوحة تارة وإلى أنقرة تارة ثانية؟
من أين جاءت الثقة فى حركة تمثل فرعاً للجماعة الإرهابية، فهى الفرع الفلسطينى لجماعة الإخوان المصنفة إرهابية وفق القضاء المصرى؟
الحقيقة أن حركة حماس أقدمت على مجموعة من التغييرات لتنفى عن نفسها صفة الانتماء السياسى والتنظيمى لجماعة الإخوان، فقد سقطت الجماعة فى مصر وأصبحت مكروهة تماماً من الشعب المصرى، واستردت مصر عافيتها. هنا ومن أرضية برجماتية بحتة، أى مصلحية عملية، وتكيفاً مع الواقع الجديد، أقدمت حماس على مجموعة من التغييرات أبرزها تبنى ميثاق جديد يقبل بفكرة حل الدولتين وفق مبدأ «الأرض مقابل السلام»، وهو ما ورد على لسان الرئيس السابق للمكتب السياسى للحركة من العاصمة القطرية فى شهر مايو الماضى، ومن ثم فقد تبنى جوهر وأساس اتفاق «أوسلو» الذى تم توقيعه عام 1993 وأجهضته الحركة بسلسلة من العمليات الانتحارية التى دفعت إسرائيل إلى إعادة احتلال ما سبق أن انسحبت منه بموجب المرحلة الأولى من اتفاق «أوسلو». وبعدها تم انتخاب رئيس جديد للمكتب السياسى للحركة وهو إسماعيل هنية من حماس الداخل بدلاً من خالد مشعل المقيم فى الدوحة، ثم جاء الانفتاح على مصر عبر القبول بالجلوس مع تيار محمد دحلان باستضافة مصرية، وتكررت زيارات قادة حماس لمصر، الأمر الذى أثار دهشة البعض، لا سيما أن هذا الانفتاح جاء فى وقت لا تزال فيه مصر تعتبر الحركة الأم تنظيماً إرهابياً، وفى وقت اشتد فيه الخلاف القطرى الخليجى وجوهره دعم الدوحة للإرهاب.
السؤال هنا ومع كل التقدير للواقعية والبرجماتية السياسية، ووفق السجل التاريخى للجماعة الأم وسياسات الحركة وتلونها المتواصل: هل هناك من يثق فى فرع الجماعة؟ أليس الأجدى التركيز على مصالحة داخل حركة فتح أولاً ثم العمل مع الشرعية الفلسطينية؟
أعتقد أن التناقض ما بين مشروع الجماعة، والحركة جزء منها، والدولة الوطنية تناقض جوهرى، ومن ثم فلا جدوى من الرهان على حدوث تغير جوهرى فى رؤية الحركة ومواقفها، فما تقوم به اليوم من تغيير شكلى وانفتاح على مصر هو وليد هزيمة مشروع الجماعة والعودة لمرحلة الاستضعاف من جديد تحيُّناً لفرصة تمكين جديدة.

No comments:

Post a Comment