Translate

Monday, September 18, 2017

د. عماد جاد - من يثق فى حماس؟ (2) - جريدة الوطن - 18/9/2017

لأن حركة حماس هى الفرع الفلسطينى لجماعة الإخوان المسلمين، فهى حركة أيديولوجية تخلط بين الدين والسياسة، والأوطان بالنسبة لها ما هى إلا حفنة من التراب العفن، وفق أدبيات مؤسس الجماعة وقادتها، وهى حركة متلونة، الغاية عندها تبرر الوسيلة، والرابطة الدينية/الطائفية تتقدم على الرابطة الوطنية، لكل ذلك لا يمكن الثقة فى حركة حماس مهما كانت الالتزامات والضمانات والأطراف الضامنة، ولكن فى عالم السياسة التعامل يكون مع الواقع القائم والحقائق على الأرض، هذا الواقع يقول إن الحركة تلقت على مدار السنوات الأربع الماضية ضربات شديدة، فقد أسقط الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو حكم المرشد والجماعة فى مصر، وأعلنت مصر الجماعة كياناً إرهابياً محظوراً من الناحية القانونية، ثم انضم عدد من دول الخليج لمصر، وجاءت الأزمة بين قطر والدول الأربع المقاطعة لها لتصيب الحركة بالضرر البالغ، فقد فرضت عقوبات على قطر بسبب رعايتها للإرهاب ودعمها للجماعة الأم، فتوقف التدفق المالى القطرى على الحركة، وأحكمت مصر السيطرة على الحدود وسيطرت على ظاهرة الأنفاق والتهريب، الذى كانت تعتمد الحركة على عوائده فى تمويل سيطرتها على غزة، وأخيراً فرضت السلطة الوطنية الفلسطينية مجموعة من الإجراءات ضاعفت الخناق على الحركة فى القطاع، لكل ذلك ازدادت الصعوبات فى القطاع وخشيت الحركة من انتفاضة شعبية ضدها فى القطاع بسبب الصعوبات المعيشية، فأقدمت على تغييرات واسعة أبعدت الجناح المتشدد عن صدارة المشهد وقامت بتغيير فى تركيبة المكتب السياسى ونقلت الرئاسة من رجل قطر خالد مشعل إلى إسماعيل هنية المقيم فى القطاع، وبعثت برسائل عديدة إلى مصر وجماعة القيادى الفتحاوى وعدوها اللدود محمد دحلان، وكانت النتيجة لقاءات بين الجانبين، ممثلى حماس وتيار محمد دحلان برعاية مصرية، ثم انتقل الحوار ليكون ما بين فتح وحماس وبرعاية مصرية، وكان التطور السريع فى المشهد الذى أوصلنا إلى موافقة حماس على كل ما كانت ترفضه فى السابق. والسؤال هنا ما هى الضمانات بأن حماس لن تنقلب على موقفها فى حال تغير بعض مكونات المشهد المحلى أو الإقليمى؟ الإجابة بوضوح: لا توجد ضمانات، ففى عالم السياسة القوة هى الضمان الوحيد، بمعنى أن الطرف الأقوى بمقدوره فرض الالتزام بما يتم التوصل إليه من اتفاقات، وفى هذه الحالة فإن البناء سريعاً على ما تحقق مطلوب وبشدة، بمعنى التنفيذ الفورى لقرار حل اللجنة الإدارية التى شكلتها حماس فى القطاع، ثم سرعة تسلم حكومة السلطة الوطنية للمسئولية فى قطاع غزة، والترتيب لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى غضون ستة أشهر على أقصى تقدير. ويبدو مهماً للغاية أن تستكمل مصر دورها بإتمام المصالحة بين مكونات حركة فتح وتحديداً مع تيار القيادى محمد دحلان، ثم التحرك سريعاً لاستئناف مفاوضات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية بعد كل الدمار الذى أصابها بسبب أفعال حركة حماس التى دمرت اتفاق أوسلو واليوم وبعد ربع قرن تعود الحركة وتقبل بالأسس التى بنى عليها الاتفاق، وبعيداً عن السجال حول مدى الثقة فى حركة حماس، ينبغى التحرك فوراً للبناء على ما تحقق فى لحظة تاريخية تبدو مواتية للغاية للمصالحة وتمكين السلطة الوطنية والترتيب لاستئناف عملية التسوية.

No comments:

Post a Comment