Translate

Tuesday, May 2, 2017

خالد منتصر - الله لا يحتاج بودى جاردات!! - جريدة الوطن - 2/5/2017

«علينا جميعاً واجب أن نُعلّم الأجيال الجديدة أن الله، خالق السماوات والأرض، ليس بحاجة إلى حماية من البشر، بل على العكس، هو الذى يحمى البشر؛ وهو لا يرغب مطلقاً فى موت أبنائه، بل فى حياتهم وسعادتهم؛ وهو لا يمكن له أن يطلب العنف أو أن يُبرّره، إنما على العكس، يرذله وينبذه. إن الإله الحقيقى يدعو إلى المحبة غير المشروطة، والمغفرة المجانية، والرحمة، والاحترام المطلق لكل حياة، والأخوّة بين أبنائه، مؤمنين كانوا أو غير مؤمنين».
فى رأيى الشخصى هذه هى أهم العبارات التى قيلت فى خطاب البابا فرنسيس أمام الرئيس السيسى، فكل ما نعيشه من مصائب وكوارث إرهاب هى بسبب أن هناك بشراً تلبستهم قناعة بأنهم يحمون الله بالقتل والتفخيخ والذبح والإرهاب والحرق والسحل والبتر!!، الله يدافع عن الذين آمنوا، لم أقرأ أن الذين آمنوا يدافعون ويحمون الله الذى يحتاج إلى دفاعهم وحمايتهم!!، هذا الاقتناع بأن الله محتاج إلى حماية هؤلاء الموتورين الداعشيين الآتين من زمن كهوف ما قبل التاريخ، يعطى صورة مشوهة للخالق عزّ وجلّ، ويضفى على صورة الإله المقدس خالق الأكوان ومُسير الأزمان والأقدار هشاشة بأنه يحتاج إلى تلك العصابة من الرعاع، أو حتى يحتاج إلى أمراء وسلاطين وحكام لحمايته!!، الله أكبر وأقدس وأجل وأعظم من أن تحميه فئة أو قبيلة أو دولة أو حتى العالم كله الموجود على هذا الكوكب الذى هو فى النهاية ذرة رمل تافهة وسط مجرة من ملايين ملايين المجرات!!، هل تتصورون أن خالق كل تلك المجرات والنجوم والكائنات يأتى فى النهاية ليطلب دعمكم ضد من يستطيع -فى جزء من الثانية- تبخيرهم إذا أراد؟!، أنا أطرح أسئلة منطقية وأمارس معكم لعبة تشغيل المخ واستفزاز خلاياه المخدرة، لا أقدم حقائق ولا أعرض قناعات، لكننى أدعو إلى لحظة تفكير، رسالة إلى كل من يصرخ وتنتفخ أوداجه وتنتفض عروقه وهو يصرخ «سأذهب بتفجير كذا، دفاعاً عن الله» أو «سأقتل المفكر المرتد فلاناً لأنه تطاول على دين الله، وأنا مكلف بحماية الله وحماية دينه».. إلخ، الله يريدك أن تعمر الأرض، أما مسألة أن تعمل لدى الخالق جلّ جلاله كبودى جارد فهذه مسألة عبثية، الله كفيل بحماية دينه وكتابه ورسله وأنبيائه ولم يوكل أحداً، ولم يمنح تفويضاً لسيادتك أو غيرك لتقتحم على الآخرين خصوصيتهم تحت شعار أنك تحمى الله، فالله لا يحتاج بودى جاردات، بل يحتاج إلى عباد صالحين منتجين معمّرين الأرض ناشرين البهجة والسعادة والحب.

No comments:

Post a Comment