Translate

Tuesday, May 2, 2017

د. عماد جاد - مسار العائلة المقدسة - جريدة الوطن - 2/5/2017

قُبيل وصوله إلى القاهرة غرّد قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان على صفحته على «تويتر»، قائلاً: «أذهب إلى مصر كحاج سلام»، وعندما يقول بابا الفاتيكان إنه ذاهب إلى الحج فى مصر، إنما يعنى أنه ذاهب إلى أرض مباركة مقدّسة، تلك الأرض التى قضى فيها السيد المسيح والعذراء مريم ويوسف النجار (العائلة المقدسة) ثلاث سنوات ونصف السنة، هرباً من بطش «هيرودس»، الملك الذى كان يعتقد أن السيد المسيح سيرث ملكه، وسيكون ملكاً على البلاد، عملاً بقول التوراة: «وأنت يا بيت لحم اليهودية سيخرج منك ملك يرعى شعب إسرائيل»، المعنى هنا عن رسالة السيد المسيح، التى فهمها هيرودس الملك بأنها تعنى ملكاً أرضياً، أى أن المسيح سيكون ملكاً بشرياً يحل محل هيرودس، لذلك أمر بقتل كل الأطفال الذين وُلدوا فى بيت لحم من عمر سنة حتى ثلاث سنوات، فكانت العزة الإلهية للعائلة المقدسة بالذهاب إلى مصر والبقاء فيها إلى أن يزول الخطر، وعندما زال، تحقق قول الكتاب المقدس: «من مصر دعوت ابنى».
عموماً، هناك نحو ثلاثين موقعاً زارتها العائلة المقدسة، وقضت فيها فترات تراوحت بين أيام وشهور، ثلاثون موقعاً من الحدود المصرية - الفلسطينية عند مدينة العريش حتى قرية درنكة فى محافظة أسيوط، سارت العائلة المقدسة من العريش إلى بورسعيد، إلى قلب الدلتا، شرقها وغربها، إلى صعيد مصر، وما أكثر الأماكن التى زارتها العائلة المقدسة فى القاهرة من المطرية إلى المعادى، مروراً بمصر القديمة. نحو ثلاثين موقعاً، كل موقع منها يُعد بالنسبة لمسيحيى العالم بقعة مقدّسة تستوجب الزيارة والحج، هناك مواقع فى قلب الدلتا متخمة بآثار للعائلة المقدسة، فهناك حجر مطبوع عليه قدم السيد المسيح، وآبار مياه، وأشجار استظلت تحتها العائلة المقدسة.
البلد الوحيد الذى ذهب إليه السيد المسيح خارج فلسطين هو مصر، مصر فقط، وإذا كان المسيحيون يأتون من شتى أنحاء العالم مرتين فى العام إلى فلسطين للحج ونيل البركة، يذهبون إلى بيت لحم، التى وُلد فيها السيد المسيح شتاءً، وإلى القدس التى فيها صُلب وقبر وقام صيفاً، فإن المسيحيين فى العالم يمكن أن يأتوا إلى مصر مرتين فى العام أيضاً، بحيث توضع بلادنا على خريطة الحج الدينى المسيحى، فمن يأتى فى ذكرى الميلاد يضع بلادنا على خريطة الزيارة، ويذهب إلى بعض أماكن إقامة العائلة المقدسة فى مصر، وكذلك الحال لمن يأتى فى ذكرى القيامة صيفاً، يزور عدة مدن فى مصر ويقيم فى المواقع التى أقامت فيها العائلة المقدسة.
على سبيل المثال، يتعامل الإثيوبيون مع دير المحرق الذى قضت فيه العائلة المقدسة أطول فترة فى بلادنا، على أنها البقعة الأكثر قداسة، ويأتون على الدوام للحج إلى هذا الدير، ويقيمون حوله أياماً طويلة.
أعلم أن هناك مشروعات سابقة حاولت إحياء المسار، وهناك دراسات كثيرة قُدمت، وبذل وزير السياحة السابق هشام زعزوع جهوداً ضخمة، ويواصل الوزير الحالى يحيى راشد، الاهتمام بمشروع رحلة العائلة المقدسة، لكنها فى تقديرى تتم دون خطة شاملة، وبشكل موسمى، آن الأوان لطرح رؤية شاملة لمشروع مسار العائلة المقدسة تُدر على مصر عشرات المليارات من الدولارات سنوياً، دون تحميل موازنة الدولة دولاراً واحداً، الأمر الذى ينقل بلدنا نقلة حقيقية اقتصادية واجتماعية وسياسية وأيضاً ثقافية.
وهو ما سوف نتناوله غداً إن شاء الله.

No comments:

Post a Comment