Translate

Wednesday, March 30, 2016

رامى جلال - أين تقع مصر فى سوريا؟اليوم 31/3/2016 - جريدة الوطن

 للمشهد السورى توضح أن الحديث عن حل سلمى للأزمة هناك هو محض هراء؛ لأن الجميع يحارب الجميع بالوكالة، والمبالغ المالية الطائلة التى أُلقى بها الفرقاء إلى الأرض السورية لن يُسمح بإهدارها على طاولة المفاوضات أو من تحتها، الكل سيحارب إلى النهاية لتحقيق أهدافه الخاصة، وليست التوافقية.
النظام السورى لن يقبل بوثيقة المبادئ الأساسية لـ«دى مينستورا»، مبعوث الأمم المتحدة، لأن هذا معناه الموافقة على فكرة الانتقال السياسى بسوريا ومن ثم رحيل الرئيس بشار الأسد. والمعارضة لن تقبل بتلك الوثيقة أيضاً لسبب بسيط هو أنه لا يوجد كيان اسمه المعارضة، بل هى مجموعة من الجزر المنعزلة غير القادرة على التوحد على قرار (المعارضة السورية مجموعات منفصلة تسمى نفسها بأسماء دول أجنبية، مثل: مجموعة الرياض ومجموعة الأستانة وهكذا). كل هذا مطلوب حدوثه فى إطار عام من التوافق الروسى الأمريكى، وهذا نفسه أمر معقد.
قرار مجلس الأمن الأخير بخصوص سوريا، وإعلان ميونخ، وبيان جنيف، وبيانا فيينا، تدعو جميعها مبعوث الأمم المتحدة إلى توفيق حضور «أوسع طيف ممكن من المعارضة السورية للحوار الوطنى»، وهذا لم ولن يحدث؛ فالمعارضة السورية الوطنية تائهة بين مجموعات معارضة شكلية مدفوعة الأجر.
كل ما سبق يؤكد أن المفاوضات قد تستمر إلى ما لا نهاية. أما على الأرض، فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة، فبعد تحرير الجيش العربى السورى لمدينة تدمر الأثرية، التى فخختها «داعش» من قبل وهدمت جزءاً من آثارها الفريدة، أصبح الطريق إلى مدينتى الرقة ودير الزور مفتوحاً، وإذا استمر الحال هكذا سينتهى الوجود الداعشى المؤثر بحلول نهاية هذا العام. وبالطبع لن نجد مساندة دولية لسوريا فى هذا الصدد، على الرغم من أنها تحقق انتصارات على عدو، من المفترض، أن التحالف الأمريكى يقصفه منذ عام ونصف العام. ومع ذلك فإن سوريا تحتاج لدعم كبير لكى تحافظ على خريطتها من أى تقسيم، أو من الدخول فى نظام فيدرالى كالذى يدعو إليه أكراد الشمال، ومن هنا لا بد أن يكون للدور المصرى وجود، حتى من منطلق براجماتى؛ ففكرة تدخل الجيوش لخلع الرؤساء (العراق، ليبيا، اليمن)، هو أمر لا بد أن يتوقف، فالدور قد يصل لأى نظام، وروسيا وإيران يعيان ذلك تماماً.
فى لقاء جمعنى، وسط زملاء لى، بالرئيس السيسى قبل عام، قال ما معناه إنه «ليس لدى مصر القدرة على التدخل لتغيير الوضع فى سوريا».. ولكن بعد التغيرات الجديدة على الأرض أصبحت لدينا القدرة على إحداث فارق سياسى كبير، ما دمنا لا نريد تقديم دعم عسكرى لحفظ توازن علاقتنا مع دول المنطقة.. واعتماد مصر على الجامعة العربية لا جدوى منه فى هذا الملف؛ فقد أضافت المنظمة لضعفها الطبيعى استقطاباً ممنهجاً نحو دول الخليج، فأصبح هناك تماهٍ بين تلك الجامعة ومجلس التعاون الخليجى.
كل اللاعبين الرئيسيين بسوريا لديهم مبعوث لها يقوم بدور ما فى الأزمة، فأين هو المبعوث المصرى، الذى يجب أن تكون مهمته مساندة الدولة السورية الموحدة ضد أى عبث بها؟
لم تتحول مصر إلى دولة فاشلة إلا حينما تلخصت رؤيتها الاستراتيجية فى «نقفل حدودنا على نفسنا ونتشعبط فى الحظ والصدف».. على مصر أن يكون لها موقف واضح من الأزمة السورية، على الأقل بأن يتوقف الإعلام الرسمى عن تسمية الجيش العربى السورى بـ«قوات النظام».

No comments:

Post a Comment