Translate

Saturday, March 12, 2016

لولاك يا قارب النجاة لما كان لنا وجود! بقلم د. وسيم السيسى ١٢/ ٣/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

يقول بول فاليرى: حياة الإنسان مجموعة من المصادفات!! ترى هل هذا صحيح؟!
هذا الحيوان المنوى «التسمية من رب الخصوبة عند الفراعنة MIN» ودخلت الإنجليزية SEMEN، هذا الكائن الدقيق «ملايين منه توضع فى رأس دبوس»، يسبح فى غياهب الظلمة باحثاً عن قارب نجاة ينقذه من مصيره المحتوم، فإذ بواحد فقط من هذه الملايين يجد قارب نجاة اسمه البويضة OVUM، يتعلق بها، تسمح له بالدخول، تحاول الملايين أن تفعل مثله ولكن حواء الصغيرة تفرز حولها جداراً سميكاً، فقلبها لا يعشق إلا واحداً فقط، ولا يهم الباقى، فالعدد فى الليمون!
يطلب منها الزواج وأن تتحد به، فتقبل بعد أن تقطع ذيله، لأنه ممنوع اللعب بالذيل بعد الزواج! يتحادث الكائن المنوى مع حواء الصغيرة: لولاك عروستى لما كان لى حس أو خبر مثل إخوتى الآن فى عالم النسيان، تقول له: ولولاك يا قدرى كنت مت وأقامت صاحبتى جنازة دموية حارة بعد أسبوعين حزناً على شبابى، ولمدة ٣ أيام!
يتحد قلب العروس «النواة» بقلب العريس، ويبدأ الإنجاب! ينجبان ملايين الخلايا، وإذ بقدرة العلى العظيم، تجعل الخلايا تنتظم فى ثلاث طبقات:
١- الاكتودرم ومنه يتكون المخ والجهاز العصبى والجلد.
٢- الميزودرم ومنه تتكون كل عضلات الجسم.
٣- الإندودرم ومنه يتكون الغشاء المخاطى للجهاز الهضمى.
وحين يلتقى الإكتودرم بالإندودرم تكون منطقة شبقية أى منطقة إثارة كالشفاة مثلاً! ومن هنا كان الفرق بين قبلة الخد «إكتودرم» وقبلة الشفاة! وكأن هذه القبلة تقول للآخر: أنا أعطيك داخلى وخارجى «الإكتودرم والإندودرم».
يتكون الإنسان فى الأسابيع الأولى، ويكتمل نموه فى تسعة أشهر، فهل كانت صدفة؟!
شاهدت فى الهايد بارك إنجليزياً يتفاخر بإنجازات إنجلترا، فقاطعه رجل أسود قائلاً: لا تتفاخر لأنى من أعطاك الحضارة! لقد أخذتموها من الرومان، والرومان من اليونان، واليونان من مصر القديمة، ومصر فى أفريقيا، وأفريقيا قارتى لأنى من نيجيريا!
إذن أنا الذى أعطيتك الحضارة! صفقنا وصفق الإنجليزى معنا لهذا الرجل الأفريقى الذى أشعل فى داخلى حب هذه الحضارة العظيمة! فهل كانت هذه المناظرة صدفة؟!
حضرت جلسة فى مجلس العموم البريطانى، طالب أحد النواب برفع العقوبة «سحب رخصة القيادة» عن الأمير فيليب، زوج الملكة إليزابيث، لأنه تجاوز السرعة القانونية أثناء قيادته لسيارته، رفض رئيس المجلس قائلاً: لا.. ليس لأن على رأسه ريشة، سألت زميلى د. تشارلز وست عن موضوع الريشة، وهل أخذناها منهم «هو على رأسه ريشة؟» أم هم أخذوها منا؟ اتسعت عينا زميلى فى دهشة: ألا تعرف أنها ريشتكم.. ريشة العدالة، ريشة ماعت، ربة العدالة المصرية. هنا فى إنجلترا لا توضع إلا على رؤوس الملوك والأمراء والقضاة!
أحسست بالخجل الشديد! طبيب إنجليزى يعرف تاريخ بلدى الذى لا أعرف عنه شيئاً..! ترى هل كانت هذه الصدمة التاريخية لى.. صدفة؟!
جاءنى مريض وبالفحوص اكتشفت أن فى بطنه مقصا منذ عشر سنوات إثر عملية جراحية سابقة، أجريت له عملية استخراج المقص، نشرتها الأهرام، تعارفت على أ. عبدالوهاب مطاوع «كم أحببت هذا الرجل»، كتبت فى البريد رسالة عن ريادة مصر فى كثير من الفنون والعلوم، أخذت جائزة أجمل رسالة عن سنة ١٩٩٥، ألح وحتم علىَّ أ. محمد عدالمنعم، رئيس مجلس إدارة روزاليوسف، أن أكتب مقالة أسبوعية فى المصريات!! فكان لابد أن أقرأ وأدرس.. فهل كان هذا كله صدفة؟!
طلبت منى مكتبة الكونجرس الأمريكية أن أكتب لها فصلاً عن الطب فى مصر القديمة فى كتاب ضخم اسمه: الطب فى الثقافات المختلفة MEDICINE ACROSS CULTURES، فهل كان هذا صدفة؟!
يراها البعض صدفة مثل بول فاليرى، ويراها البعض أقداراً، أما أنا فأراها خطة إلهية لكل إنسان، ولكل إنسان رسالة يقوم بها حتى فى إنجاب طفل قد يغير العالم ويتركه أفضل مما كان.

No comments:

Post a Comment