Translate

Tuesday, March 15, 2016

وطن أراد احتكار السماء فاحتقرته الأرض - بقلم خالد منتصر

دلوقتى لو عايز تخلى المصرى يتحرك اقلب له أى قضية دين أو جنس!!، للأسف صارت تلك هى الحقيقة المرة، فالأحداث الجسام فى مصر والتى صارت تستولى على اهتماماتنا ونتحرك وننتفض وتسرى حرارة الغضب فى أجسادنا الكسولة عندما نسمعها ونشاهدها، صارت كلها تصب فى خانة الدين أو الجنس، ويا حبذا لو دخّلت العنصرين فى الخلاط وعملت كوكتيل sexoreligion!!، ينتفض الصعيد عن بكرة أبيه ضد جملة قالها تيمور السبكى فى برنامج عدى وفات، ولا ينتفض ضد فقر أو مرض أو فتن طائفية مزمنة تسكن ولا ترحل!، لا ينتفض أو يخرج الفقير هناك متظاهراً أو غاضباً ضد عدم وجود مستشفى أو مدرسة أو صرف صحى أو مياه شرب، ولكنه مستعد للاستشهاد فى سبيل ألا يصلى مسيحى فى بيت يشم منه أنه سيحوله لكنيسة أو عندما يسمع عن قصة حب بطلاها من ديانتين مختلفتين أو حتى مذهبين مختلفين فى نفس الدين!!، يهرول هذا الغلبان المسكين الذى يجد قوت يومه بالكاد إلى المظاهرة ذات الظلال الدينية أو الجنسية ماراً على أجساد أبنائه المرضى بالأنيميا والهزال الذين ينامون معه فى نفس الحجرة، ليقفز بعدها عابراً بركة المجارى التى تسد باب منزله وهو يهتف فداك أبى وأمى يا رسول الله!!، يصبر المصريون ويطنشون على تصريحات الزند الطبقية عن الأسياد والعبيد أو الفاشية عن سجن والد المتطرف أو تصريحاته الخيالية عن إمكانية أن يعيش الفرد باتنين جنيه، ثم ينتفض هذا الشعب وتنفر عروقه عند زلة لسان اعتذر عنها الرجل حتى صار الاعتذار من كثرة تكراره وهزال مضمونه كوميدياً، بالرغم من أننا نعرف أن تصريحاته الطبقية هى الحقيقية ومتأكدون من أنها تعبّر عن وجهة نظره الفعلية التى من الممكن أن تؤثر على اختيارات تعيين أو مستقبل رجال قانون أو سياسة وزارة، إلا أننا غفرناها له، أما زلة اللسان التى نحن واثقون من أنها لا تعبر عن جوهر وجهة نظره فى النبى الذى حتماً هو يحبه مثل جميع المصريين، فذبحناه من أجلها لأننا شعب يدّعى نفاقاً وزوراً وبهتاناً أنه يحمى السماء بينما الأرض تتجاهله ولا تمنحه مكنونها وأسرارها حتى يعيش فى رغد العيش، ذلك لأنه مشغول بالدفاع عن الرب الذى يدافع عنا جميعاً والذى أصلاً لا يحتاج منا إلى دفاع أو حماية، ونظل نتحدث طوال الوقت عن القوة الإلهية للخالق بينما نصدر صورة هشة عنه حين نجيّش الجيوش لنصرته. يا شعب مصر، نريدك أن تفهم أن الله عز وجل يغيث ولا يستغيث، وأن النبى عليه أفضل الصلاة والسلام يجيرنا ولا يستجير بنا.
هذه هى ملاحظاتى السريعة على موضوع المستشار أحمد الزند:
إذا حاولنا أن ننظر للأمر نظرة أشمل، ونقول بأن هناك علامات استفهام على كفاءة وزير العدل أحمد الزند وأحقيته بالمنصب، وكان فيه ألف حاجة قبل كده يتحاسب عليها ويُعزل من أجلها، كنت أتمنى أن يُعزل أو يقال لعدم الكفاءة وليس لزلة لسان، كنت أتمنى أن معيار الإقالة يكون الغضب لعدم الكفاءة وليس الغضب لمغازلة الوهابيين وركوب موجة الفيس بوك، لذلك لست فرحاً مثل الفرحين المزقططين ليس حباً فى الزند ولكن لأن إقالته ليست لها أى دلالة على حكمة الدولة أو برهان على أنها تدير بحنكة وذكاء وتخطيط.
كل ردود الفعل الحادة الغاضبة الآن، وهذا ما يثير القلق، لا بد أن يكون لها خلفية دينية أو جنسية، ولا يوجد بلد سيتقدم فى الدنيا يكون حافز غضبه وتمرده قائماً على هذين المعيارين فقط.
ولابد أن نفهم، وكلامى هنا لنخبة المثقفين، ولابد ألا تكون عدوى وهستيريا فرحة الإقالة سبباً فى تصديق أن مَن حبس إسلام وناعوت وناجى والأطفال المسيحيين هو الزند!!!، المعركة الحقيقية للمثقفين ليست ضد الزند، ولكن ضد الفكر الذى تغازله الدولة كلها ومن ضمنها الوزير الزند. للأسف الجميع يغازل ويتغزل حتى وإن ادّعى أنه ليس سلفياً أو وهابياً بداية من قمة الهرم حتى قاعدته، ومن الوزير الذى طبطب على المدرسات المحرضات على الفتنة وحتى مدير الإدارة التعليمية الذى اشتكى الناظرة المسيحية وقال كيف ترأس ذمية صليبية مدرسة محجبات ومنقبات!؟.
ما أخشاه هو معيار التغيير وليس التغيير فى حد ذاته، يعنى لما كلينتون يشيلوه عشان كداب غير لما يشيلوه عشان بصباص!!، فى الحالة الأولى أطمئن على عافية البلد وعقلها وعلى حكمة المجتمع وبصيرته، وفى الحالة الثانية أقلق و«اتوغوغش» على الهيافة والشكلية والتنطع.
للأسف من كان فرحاً بالزند قبل 30 يونيو لم يفطن إلى قوله أثناء العمرة فى فيديو منشور (نفسى الشريعة كلها تتطبق وننفذ الحدود)!!، لم يفطن هذا الفرح المبسوط إلى أن صراع الزند مع الإخوان كان صراع مصالح لا أفكار وهذه هى النقطة الأساسية، المثقف عندنا لا يرى إلا قمة جبل الجليد ويفرح بالمظهر السريع، لذلك كان يجب على الجميع ألا يندهش من عدم تصديه للسلفيين داخل منظومة العدل!!، لأن هواه وفكره فى النهاية ينتمى إليهم ولم يختلف أيديولوجياً معهم، لذلك من صفّق لاختياره وقع فى نفس الفخ، هناك هوة ومسافة رهيبة بين سعيد العشماوى الذى اختلف مع الإسلام السياسى أيديولوجياً وأحمد الزند الذى اختلف شكلياً!!.
من ينظر نظرة طائر على المشهد المصرى فى الفترة الأخيرة يجد أن من ينتصر فى معارك الفيس بوك هم الإخوان وأصحاب الهوى الإخوانى، أى تيار آخر ولو امتلك فى صفوفه عتاة المثقفين هو تيار خاسر حين يشتبك مع هؤلاء. القضية التى تكسب فى معركة الفيس بوك ويقاد فيها القطيع هى التى يريد لها الإخوانيون المكسب والانتصار، معركة أطفال المنيا المحبوسين والتى رُفضت فيها الكفالة والتى هى أخطر مليون مرة من زلة لسان الزند كانت معركة خسرانة برغم أهميتها ورائحتها العنصرية الفجة وتأثيرها على سمعتنا، وكذلك قضية ناظرة بنى مزار، حتى قضية المذيعة عزة الحناوى وعدم مهنيتها وتقمصها دور الزعامة كانت قضية خسرانة بل كسبت المذيعة فيها على الفيس بوك واحد صفر لدرجة أن أصحاب القرار فى ماسبيرو مرتبكون ويحسون أنه لا ظهير من الرأى العام يدعمهم، نحن غير منتبهين لهذا على الإطلاق، لا بد أن نعترف بأن ميليشيات الإخوان الفيس بوكية أشطر وأمهر وأكثر جلداً ومثابرة، ومكسب المعارك الصغيرة سيحقق لهم بالتراكم الانتصار الأخير الذى ينتظرونه ويحلمون به منتقلاً من العالم الافتراضى إلى عالم الواقع.

No comments:

Post a Comment