Translate

Saturday, March 19, 2016

الإنسان الأعلى أو السوبرمان! بقلم د. وسيم السيسى ١٩/ ٣/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

هل الأخلاق هى ثمرة القانون، أم أن القانون هو ثمرة الأخلاق؟!
كان الإنسان البدائى، إنسان الغابة، إنسان العصر الحجرى القديم «٢ مليون سنة حتى ١٢ ألف سنة مضت»، وإنسان ما قبل العصر الحجرى القديم «٤.٤ مليون سنة، ٣.٢ مليون سنة.. هياكل لوسى وآردى فى إثيوبيا»، كان هذا الإنسان بلا أخلاق أو ضمير.
منذ حوالى ٢٠ ألف سنة، خاف هذا الإنسان البدائى ثلاثة أشياء ١- الموت. ٢- الأحلام. ٣- الظواهر الطبيعية كالزلازل والبراكين، فكانت نشأة الدين، «ويل ديورانت قصة الحضارة ج١»، لم ير هذا الإنسان فرقاً بين الميت والحى إلا التنفس، وعند النوم يرى هذا المتوفى ماثلا أمامه فى أحلامه، فاعتقد أن هذا التنفس هو الذى يزوره، فأطلق عليه اسم: الروح، وهى من ريح أى هواء أى تنفس! حتى فى اللغات الأجنبية، Spirit أى روح وهى من Respiration أى تنفس! وحين يتوقف التنفس نقول روحه طلعت!! آمن الإنسان البدائى بعالم آخر غير عالمنا، به أرواح الموتى، والآلهة الشريرة التى تؤذيه بالكوارث الطبيعية، فقدم لها الأضاحى حتى ترضى عنه.
بدأ القانون الإلهى فى عقل الإنسان البدائى، الحساب، الثواب والعقاب، وبالتالى الجنة أو النار، ثم جاء القانون الأرضى أو الوضعى، رئيس القبيلة أو المحاكم الآن.. الحرية أو السجن أو الإعدام، وقبل السجون كانت عين بعين، وقطع اليد، ورجم الزانى أو الزانية!
خاف الإنسان البدائى.. العقوبة الإلهية أى النار، كما خاف العقوبة الوضعية «القانون الأرضى» فكان السلوك القويم «وهو أمام الناس» ثم جاءت الأخلاق «وهى السلوك بعيداً عن أعين الناس»، وبمرور السنين، أصبح السلوك والأخلاق ثقافة Culture كما رآها فى الشعوب المتقدمة.
جونار ميردال عالم الاجتماع السويدى يقول فى كتابه: الدراما الآسيوية، فصل الدول الرخوة: العامل المشترك الأعظم فى كل الدول الفاشلة هو: غياب سيادة القانون، ومظاهر غياب سيادة القانون ثلاثة: ١- عدد القضايا كبير جداً بالنسبة لتعداد السكان. ٢- البت فى القضايا والأحكام بطىء جداً. ٣- الدولة عاجزة جدا عن تنفيذ الأحكام النهائية!! ومن هنا يبدأ انهيار السلوك والأخلاق.
أراد تلاميذ سقراط ومنهم أفلاطون تدبير هروبه، رفض سقراط كسر هذا القانون الظالم، لأنه يؤدى للفوضى، وقال القانون الظالم يُعدل بقانون عادل، وشرب السم ومات لإعلاء سيادة القانون!
قال صاحبى: بل الأخلاق أولاً، لأن القانون قد يكون موجوداً، ولكن الذى سيطبقه فاسد أو صاحب اتجاه معين، أضف إلى ذلك كان القانون فى العصور الوسطى موجوداً وهو الذى أحرق برونو، كما حكم بالإعدام على كوبرنيكس وجاليليو، لولا أن الأول مات قبل تنفيذ الحكم، والثانى تحددت إقامته ٨ سنوات بمنزله بعد أن أعلن أن ما جاء فى التوراة صحيح!!
قلت لصاحبى: كانت ديكتاتورية رجال الدين الذين تلا عليهم عصر التنوير مرسوم عزلهم، وأذكرك أيها الصديق بأعظم حضارة استمرت آلاف السنين وذلك لسيادة القانون، ارجع يا صاحبى إلى ما كتبه أستاذ القانون فى جامعة القاهرة أ. د. محمود السقا فى كتابه: فلسفة وتاريخ القانون المصرى القديم: كان القانون فى مصر القديمة عالمياً فى مراميه، عادلاً فى أحكامه صافياً فى مواده، دهشة للمؤرخين، لأنه قام على دعامتين: ١- العدل أساس الملك. ٢- العدالة الاجتماعية، فالكل أمام القانون سواء بسواء، أخذته اليونان «سولون» ثم أخذته روما «جوستنيان» ثم أخذته فرنسا «نابليون» ثم أخذته مصر! يقول أ. د. السقا: بضاعتنا وقد رُدت إلينا!
تشكلت محكمة من ١٥ قاضيا لمحاكمة الأسرة المالكة «رمسيس ٣ الأسرة ١٩» حكمت بإعدام أميرين، وقاضيين، فانتحر القاضيان قبل تنفيذ الحكم!
يقول برناردشو فى كتابه الإنسان الأعلى: السوبرمان: لولا القانون لقفزت الرجال على النساء فى عرض الطريق، وحين يفعل الإنسان الخير لأنه خير، وليس طمعاً فى جنة أو خوفاً من عقاب، سيكون عصر السوبرمان وليس الإنسان الحالى، عصر السلوك القويم والأخلاق الكريمة دون حاجة للقانون.

No comments:

Post a Comment