Translate

Friday, March 4, 2016

روبرت فيسك يكتب : السعودية تنقلب على لبنان.. وإيران ستحل مكانها ٤/ ٣/ ٢٠١٦ - المصرى اليوم

لو سافرت من صيدا، المدينة السنية، إلى الجنوب اللبنانى الشيعى كأنك انتقلت من السعودية إلى إيران فى ١٠ دقائق.
الجنوب، الممتلئ بمقاتلى حزب الله الذين يتم تسليحهم ودفع رواتبهم بأموال طهران وتمتلئ جدران شوارعه بصور «الشهداء»، هو بمثابة رئة يتنفس منها الإيرانيون أعداء السعودية. ولكن الآن فيما تورطت السعودية بالحرب الأهلية فى اليمن وتهدد بإرسال جنودها إلى سوريا فقد تحول الموقف على لبنان لعدم وفائه وجحوده بعد عقود من السخاء السعودى.
فقد تراجعت السعودية عن وعودها بتمويل تسليح الجيش اللبنانى، عالى التدريب، منخفض التسليح، بـ٣.٢ مليار جنيه إسترلينى بأحدث الأسلحة الفرنسية. هذا المشروع الذى لاقى حماساً ودعماً من الولايات المتحدة وفرنسا على السواء، ولكن لأسباب انتهازية من قبل الحكومة فى باريس. كما طالبت الرياض، بجانب عدد من دول الخليج، رعاياها بعدم السفر إلى لبنان ومغادرتها فى حالة تواجدهم هناك، كما يتوقع وقف جميع رحلات الخطوط السعودية إلى بيروت فى الأيام المقبلة حيث تعتبر الرياض أن لبنان أصبح «بؤرة للإرهاب».
الهجوم العنيف الذى شنه حسن نصر الله على «آل سعود» هو ما فجر الموقف، والذى تحارب كتائبه بجانب بشار الأسد فى سوريا المتمردين الإسلاميين.
فالسعودية تجد نفسها، بعد عقود من ضخ المليارات إلى لبنان وإعادة إعماره بعد الاجتياح الإسرائيلى، لا تستطيع منع الشيعة، وممثلى الحكومة فى الوزارات، من أعضاء حزب الله، من صب انتقاداتهم على الرياض، بالأخص بعد إعدام عالم الدين الشيعى السعودى نمر النمر. يتساءل السعوديون: لماذا لم ينضم لبنان لجوقة الشجب العالمية ضد إيران بعد تعرض السفارة السعودية فى طهران للاعتداء؟
على الأغلب، ستندم السعودية على هذه الخطوة، فسحب السجادة السحرية من تحد أقدام لبنان يضعه أمام اختيار «أصدقاء» آخرين، على الأقل، إيران التى ترحب- وفق آخر تقارير من بيروت- بتمويل الجيش اللبنانى بـ٧ مليارات جنيه إسترلينى بأسلحة إيرانية الصنع.
فى نفس الوقت، الأمريكيون والبريطانيون يريدون دعم الجيش اللبنانى العلمانى بشكل مستميت بالتسليح الكافى لكى يحمى البلاد من «داعش».
هذه الأزمة الأخيرة لا تخلو من الكوميديا، فالسعوديون لن يترددوا فى التخلى عن رحلات الخطوط السعودية إلى لبنان واستبدالها بخطوط طيران الإمارات، وأن تحذيرات «الإرهاب» لن توقف المواطنين السعوديين التواقين لأماكن الترفيه ببيروت، مع ارتفاع درجات الحرارة بشوارع الرياض وجدة إلى درجة الغليان.
على الجانب السنى، رئيس الوزراء الأسبق، زعيم تيار المستقبل سعد الحريرى، الذى يحمل الجنسية السعودية، يقف مذهولاً من موقف السعودية العنيد. فيما يبدو أن تيار المستقبل لم يحاول بالشكل الكافى وقف الانتقاد الرسمى اللبنانى للسعودية أو التصدى لمحاولات حزب الله زعزعة استقرار اليمن والبحرين.
الحقيقة الحزينة هى أن آل سعود يتم الإشادة بهم فى العلن و«انتقادهم» سراً على طول العالم العربى والإسلامى لأنهم أغنياء جداً بالمقارنة بإخوانهم العرب. وبسخائهم ودعمهم القضايا التى تتفق مع مصالحهم السياسية، سواء كانت إعادة بناء لبنان، أو بناء جوامع جديدة بالبوسنة.
لا عجب أن البعض يتساءل فى بيروت، سواء كانت السعودية تحت ضغط انهيار أسعار النفط العالمية، وفاتورة الحرب باليمن بجانب تزايد معدلات الفقر الداخلية، فلا يمكن للسعودية أن تنفد منها الأموال هكذا. على أى حال فإيران، المرفوع عليها الحظر، متحمسة لتحل محل السعودية كمنقذ مالى للبنان وكشرطى الشرق الأوسط، بمساعدة الولايات المتحدة، لكن لم يظهر اسم «إسرائيل»، ولو مرة واحدة، فى هذه الأزمة.. غريب هذا الأمر، أليس كذلك؟
نقلاً عن صحيفة «إندبندنت» البريطانية
ترجمة- مروة الصواف

No comments:

Post a Comment