Translate

Saturday, August 12, 2017

د. عماد جاد - الجماعة من السياسة إلى «الندب» - جريدة الوطن - 12/8/2017

قدمت الجماعة نفسها للرأى العام المصرى بأنها جماعة دعوية خدمية، وبمرور الوقت أدخلت صفة السياسة التى تريد تطبيق «شرع الله» ولذلك وجدت لنفسها مكاناً بين القوى السياسية المصرية، واعتبرت نفسها جزءاً من المعارضة إلى أن وقعت ثورة الخامس والعشرين من يناير، فظهرت حقيقتها التاريخية أنها جماعة إقصائية تعمل على القفز على السلطة والاستئثار بها، وطوال العام الذى سيطرت فيه على السلطة فى البلاد مارست أبشع صور الإقصاء والاستهداف، وعملت على تغيير هوية الشعب المصرى، وشاركت فى مخطط إسقاط نظم حكم عربية، ودخلت فى قلب مشروعات تقسيم المنطقة وفق المخطط الأمريكى. وعندما أسقط الشعب المصرى حكم المرشد والجماعة، جن جنونها والفصائل المساندة لها فجرى استخدام العنف والإرهاب فى محاولة لاستعادة السلطة من جديد، وعادوا للحديث عن الثورة من جديد وأن الجماعة قوة ثورية فى مواجهة الاستبداد والفساد، ومن ثم أطلقوا الدعوات للخروج ضد النظام، وكانت فى حقيقتها دعوات للفوضى والخراب، ثم سعت إلى استغلال الصعوبات التى يعانى منها المواطن المصرى اليوم كى تطلب منه النزول إلى الشارع وإشعال ثورة جديدة، يستسهل قادة وكوادر الجماعة والتنظيمات القريبة منها فكرياً، الحديث عن «الثورة» يتحدثون وكأنهم يقبضون على أدوات «تفجير» الثورة، يتحدثون دون خبرة ولا دراية، يتعاملون مع الثورة وكأنها وليدة خطة قابلة للتكرار فى أى وقت، وكأن الشعوب تثور كلما طلب منها فصيل ذلك، دون اعتبار للحقائق القائمة على الأرض وعلاقة مؤسسات الدولة بعضها ببعض، يتحدثون وكأنهم «ثوار» يعملون من أجل «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية»، وهم فى الأصل قوى رجعية محافظة لديهم مشروع أممى، يرون أن الوطن ما هو إلا حفنة من التراب العفن، والوطنية فكرة بالية لا علاقة لهم بها، الرابطة لديهم دينية لا وطنية، ومن ثم لا مانع لديهم فى أن يحكم البلاد ماليزى أو إندونيسى أو تركى.
اختبر الشعب مواقفهم الحقيقية عندما لم يشاركوا فى ثورة الخامس والعشرين من يناير، خشية على مصالحهم مع نظام مبارك، وعندما لاح لهم فى الأفق ترنح مبارك ونظامه حشدوا أنصارهم فى الميادين وأتوا بعناصر مسلحة من قطاع غزة، اقتحموا السجون وأقسام الشرطة ونكلوا بالضباط والجنود، ارتفعت نبرة الثورة لديهم وما إن لوح لهم الراحل عمر سليمان بالتفاوض حتى هرولوا إليه طالبين حصة فى «كعكة السلطة» ثم قفزوا عليها محاولين التهامها بالكامل. نافقوا المجلس العسكرى ودفعوا بأنصارهم للخروج فى مسيرات تهتف «دقن، جلابية، العسكر ميه ميه» و«يا مشير يا مشير انت اليوم الأمير» وغيرها من الهتافات التى تعالت أصوات عناصرهم بها نفاقاً ورياء للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك بهدف طمأنة المجلس استعداداً للانقضاض على السلطة، قالوا لن ننافس على أكثرية مقاعد البرلمان، كذبوا وحصدوا الأكثرية فى مشاهد لم تخل من العنف والتزوير المنظم وخلط الدين بالسياسة، تعهدوا بعدم ترشيح رئيس جمهورية، نقضوا العهد ورشحوا الشاطر ثم محمد مرسى، ضربوا كل القوى التى وثقت فيهم وساندتهم وتخلصت الجماعة من كل من ساندها ووقف معها وانفردوا بالحكم، نشروا الفوضى والخراب فى البلاد وأتوا بالإرهابيين من مختلف أنحاء العالم، جهزوا «جيش مصر الحر» على غرار الجيش السورى الحر، لقتال القوات المسلحة المصرية فى حال وقوفها ضد مشروعهم الذى يبدأ من مصر، أجرى مرسى وهو فى موقع رئيس الجمهورية اتصالات هاتفية مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى وأبرم معه اتفاقات لتقسيم العمل، نشروا العنف والخراب فى البلاد التى دفعوها إلى حافة الحرب الأهلية، وعندما ثار الشعب المصرى ضدهم فى الثلاثين من يونيو كانوا على استعداد لاستخدام السلاح دفاعاً عن مشروعهم الأممى وهو ما تحقق لاحقاً بموجات العنف والإرهاب التى أطلقوها على البلاد والعباد والإرهاب الذى وطنوه فى شمال سيناء ولا يزال حتى يومنا هذا ينثر الدماء هناك.
وبعد أن فشلت الجماعة فى هز استقرار النظام والمجتمع، أو تفجير ثورة جديدة، بات دورهم هو تشويه كل إنجاز فى مصر، لديهم قنوات تبث من تركيا تقوم على متابعة الأحداث اليومية فى مصر وتضخيم كل ما هو سلبى وتشويه كل ما هو إيجابى، ومن ثم باتوا «مثل الندابات» فى مجالس عزاء الأرياف والصعيد، مستأجرات لتسخين حالة الندب والعويل.

No comments:

Post a Comment